|
|
المقرر أن أحاديث الفتن الواردة في الكتاب والسنة من باب القدر المخبر عنه، وليست من باب الشرع المأمور به، ولقد كان منهج السلف الصالح رضوان الله عليهم في التعامل مع أحاديث الفتن هو عدم الجزم بوقوع ما دل عليه النص، إلا بعد أن يقع وينقضي، ويكون منطبقاً على وفق ما جاء به الدليل، ولم يكن عندهم ما عند الناس في هذا الوقت بالخصوص من كثرة الخوض فيها، والمبالغة في توصيفها، والتعرض لتنزيلها على واقع قد يكون أبعد شيء عما جاء به النص، أو تعليق الناس بها، بحيث أورث الكثير ترك العمل، وانتظار المعجزات، ولا هم عند الغالب إلا تتبع أحاديث الفتن عن طريق المكتوب والمسموع، في ظل تداعيات عالمية، قد تكون سبباً في دفع الناس في هذا الاتجاه، حتى ألجأ هذا المنهج الكثير إلى مسالك ضيقة، خاصة جنس العامة وأنصاف المثقفين، ووفر مناخاً ملائماً للخلاف والافتراق، وتشتيت كلمة الناس، والأعظم من ذلك له الجرأة على تفسير النصوص، والتجاسر على أهل العلم والدين، والمفاسد تربو على الحصر، فالواجب اتقاء أسباب الفتن، والعمل بالطاعات، وترك المعاصي والمنكرات، وترك الخوض فيما لم يكلفه الإنسان، وعلى العلماء وطلبة العلم توجيه الناس إلى المنهج الصحيح في مثل هذه الظواهر، وذلك بمراعاة الأصول والقواعد الشرعية، وكلام أهل العلم في كيفية التعامل مع أحاديث الفتن حتى لا تصير ظاهرة لا يمكن السيطرة عليها مع مرور الوقت، واتساع الخرق، وفق الله الجميع لمرضاته. |
[للاتصال بنا] [الإعلانات] [الاشتراكات] [الأرشيف] [الجزيرة] |