لقاء: علي العُمري
ولد في القصيم حيث كانت تقطن أسرته والده ووالدته وأخوته، توفي والده وهو في الصف الثاني الابتدائي وتناولته الظروف من منطقة لأخرى يعاني تقلبات الحياة وصعوبة المعيشة. نشأ في أسرة هو ثاني اخوته ورغم كل المعوقات والتنقلات وعسر المادة إلا أن ذلك لم يكن إلا ليدفعه إلى الأمام ساعياً وراء تحقيق مستقبل مشرق إن شاء الله.
عمر بن سليم المطيري طالب بالصف الثاني الثانوي استطاع ابتكار جهاز لترشيد استهلاك المياه، بهذا الابتكار الذي يعد الخطوة الأولى لعمرشارك به في مسابقة علماء المستقبل وبكل جدارة حصل على المركز الأول وحظي بالجائزة الأولى الكبرى.
كان هذا التفوق دفعه قوية له للأمام من خلالها شارك عدة مشاركات محلية وخارجية، هذا الطالب الذي عاش يتيماً في ظل ظروف قاسية لكن ذلك لم يمنعه من أن يكون دائماً يحتل المراكز الأولى من المرحلة الابتدائية إلى المرحلة التي وصل إليها الآن وهي الصف الثاني الثانوي اتصف عمر بالمثالية بين زملائه والخلق الحسن مع مدرسيه وزملائه ذلك ما ذكره مدير المدرسة والمدرسون الذين يقومون بتدريسه.
الجزيرة التقت الطالب في مدرسته والقت الضوء على جوانب عدة من معاناته وتميزه في دراسته والابتكار الذي نال به العديد من الجوائز والتكريم .هو عمر بن سليم المطيري طالب بالصف الثاني الثانوي بمدرسة نمرة الثانوية بجدة (علوم طبيعة). بداية يقول عمر عندما سألناه عن طفولته. قال: ولدت في القصيم وظللت هناك إلى سن الثامنة من عمري وتعرض والدي للمرض الذي اودى بحياته. وعندما توفي والدي لم يكن أمامنا إلا الانتقال إلى حفر الباطن مع أخي الأكبر من والدي ولكن كانت ظروفه صعبة .
فعدنا إلى جدة وعشنا مع عمي بمنزل بحي شعبي وهو حي قويزه واستمرت حياتنا كذلك ورغم كل هذه الصعوبات إلا أننا كافحنا وكان أشد ما تحرص عليه والدتي وعمي على أن نحصل على تفوق في مستوانا الدراسي أنا وجميع أخوتي.
وفعلاً ولله الحمد فجميعنا متفوقون ولدي من الأخوة البنين ثلاثة اخوة ومن البنات اثنتين وقد تولى عمي الصرف علينا وما نتطلبه من مستلزمات لهذه الحياة ولكن ما كان يصعب علينا هو بداية العام الدراسي أو المواسم مثل رمضان أو العيد ولكن كان الأمر يسير كالعادة مع نقص المتطلبات وليس لدينا إلا الصبر. وهناك بعض المساعدات العينية التي نتلقاها من بعض الجهات الخيرية ونحمد الله على ذلك. والآن ومازال المشوار في بدايته بدأت تكثر وتزداد الاحتياجات ولدي طموح أن أصل إن شاء الله إلى مستوى تعليمي جيد يحفظ لي مستوى معيشيا أفضل إن شاء الله استطيع من خلاله تحسين وضعنا المادي.
وعندما سألنا عمر عن مصروفه اليومي تردد كثيراً من الحرج ولكنه بكل جرأة قال هذا لا يهم فأنا أعود إلى منزلي واتناول وجبة الغداء مع أخوتي والمصروف سواء اخذته أم لم آخذه فهذا لا يهم ولست حريصاً على أن أحرج والدتي أنا واخوتي في مثل هذه الأمور.
أما عن التفوق الدراسي لعمر واخوته فقال والدتي تحمل الشهادة الابتدائية وهي من وضع الأصرار على النجاح والتفوق في نفوسنا وكانت تحرص على متابعتنا في المراحل الأولى أما الان فهي حريصة في توفير الأجواء المناسبة والمتابعة لنا في حل الواجبات والامتحانات الدورية ولم أفكر في أخذ دروس خاصة لعدم الامكانية لها وكذلك ليس لدي شعور بحاجتي لها.
كما انني اتمتع ولله الحمد بعلاقة جيدة وانا طالب محبوب من جميع مدرسيّ بالمدرسة وأي شيء يصعب علي أقوم بسؤال مدرس المادة حيث لا يتردد الجميع في تقديم المساعدة لي حتى ولو كان على حساب وقته.
وفيما يخص الابتكار الذي لفت انظار الجميع والذي قدمه عمر كفكرة رائعة حاز على عدة جوائز عليها.
فيقول عمر الفكرة كان اساسها المحافظة على المياه من الضياع لما لها من قيمة لا يهتم بها الكثيرون في ظل إهدار للمياه من الأغلبية رغم التوعية التي تقوم بها الدولة.. أما عن التفاصيل فيوجد في منزلنا صنابير للماء مع مرور الزمن أصبحت تهرب الماء ففكرت بحل لهذه المشكلة كعمل يدوي أقوم به أنا بدون أن ندفع تكاليف إضافية لإصلاحه فجاءتني الفكرة في صنع جهاز في محاولة للوصول لحل جذري لهذه المشكلة وهذا بعد التعب الذي تعبته في هذا الصنبور المتهالك في منزلنا. فقمت بدراسة مشروع الجهاز دراسة كاملة وقمت بتحديد جميع المتطلبات وتحديد الاحتياجات وطريقة العمل مع العلم أنني واجهت صعوبة ولكن بمساعدة إدارة مدرستي ممثلة في مدير المدرسة الاستاذ عبدالحميد العصيمي والاستاذ عبدالمحسن جبر الجويعي في توفير المكونات وأجواء العمل وبعض الارشادات استطعت ولله الحمد التغلب عليها وكانت المكونات للجهاز كالتالي:
أولاً: الدائرة الكهربائية، وتتكون من ماطور لإغلاق الصنبور وجرس لإعطاء التنبيه واسلاك معدنية وبطاريات جامة.
ثانياً: وعاء بمثابة الخزان العلوي بالمنزل.
ثالثاً: وعاء آخر بمثابة غساله الملابس أو حوض الماء أو السيفون ويوجد به عوامه وأخيراً بعض القطع الخشبية.
وطريقة عمل الجهاز تأتي كالتالي:
عند انسكاب الماء في الوعاء الذي يحتوي على عوامه يقوم الماء برفع العوامه تدريجيا والعوامه متصلة بدائرة كهربائية حتى تصل إلى شبكة متصلة بالطرف الآخر بالدائرة الكهربائية مما يؤدي إلى اكتمال الدائرة الكهربائية فيقوم الجرس بإعطاء التنبيه وليقوم الماطور بالدوران لإغلاق الصنبور مما يؤدي إلى ايقاف تهريب المياه.
ويضيف عمر المطيري استغرق تركيب وتكوين هذا الجهاز مدة اسبوع وكانت هناك بعض المعوقات ولكن ولله الحمد استطعت التغلب عليها وذلك بمساعدة العم عوض الله عالي المطيري في الدعم والتركيب وكذلك ابن العم حاجي عوض الله وأخي الأكبر فرح سليم المطيري ولا أنسى والدتي التي كان لها الفضل الأكبر في ذلك.
وكانت بدايتي بالمشاركة بهذا الجهاز في مسابقة علماء المستقبل التي نظمها مركز جدة للعلوم والتكنولوجيا حيث حصلت على المركز الأول بحمد الله.
وكذلك الجائزة الكبرى وهي عبارة عن رحلة إلى المخيم الفضائي بمدينة أزمير بتركيا وقد استفدت من هذه الرحلة ما جعلني أثبت بعض مرئياتي تجاه المستقبل، فقمنا بزيارة مركز وكالة ناسا الفضائية وتعرفنا على الطرق والأساليب التي يتبعها رواد الفضاء في رحلاتهم الفضائية وكيفية حل المشكلات التي تواجههم هناك. وتعرفنا على بعض التدريبات التي يقومون بها قبل ان يصعدوا إلى الفضاء واهمها كيفية التعامل والتدرب على فقدان الجاذبية وتعلقهم في الهواء.
وكذلك تعرفنا على كيفية إطلاق المركبة وشاهدنا النموذج لتلك المركبة وهو (ديسكفري) وكانت مهمتي في تلك الرحلة كمشرف الرحلة ومن ثم شاهدنا النجم (فيقا) (Vega) عن طريق التلسكوب الذي قال أحد المسئولين هناك إن النجم تبلغ درجة حرارته (360000) درجة مئوية.
وبعد ذلك عدنا إلى المملكة بعد استفادتنا من هذه الرحلة التي استمرت لايام وشاركت بعدها في مسابقة الأحساء ولم أحصل على أي مركز ولكن ذلك لم يكن عائقاً لي. وقمت بعد عودتي بتطوير الجهاز ورشحت لحضور الملتقى العلمي الدولي بتايوان عن طريق النشاط الطلابي العلمي بإدارة التعليم بمحافظة جدة وكان في الفترة من (7) إلى (18) 12/1423هـ وكانت مشاركتي أنا والطالب علي الجفري من الدمام في هذا المتلقى وقد حصلت على المركز الأول من بين (مائة) دولة في مجال الفيزياء وقمنا بزيارة المتحف الدولي بتايوان وشاهدنا بعض الآثار القديمة وكذلك قمنا بزيارة مركز الابحاث الفضائية واطلعنا على بعض الدراسات التي أجريت على الفضاء الخارجي وزرنا كذلك مراكز استخراج الذهب وبعض الاماكن الترفيهية.
أما عن امنيات عمر المستقبلية فكانت تنم عن قدوم عالم بإذن الله في رحاب هذا الوطن الغالي فيقول عمر: أولاً: أتمنى ان تتبنى احدى الشركات المساهمة والمختصة هذه الفكرة للاستفادة منها مستقبلاً واستغرب ان احداً إلى الآن لم يقم حتى بالإطلاع على ما استطعت أن أقوم به مع العلم أن امكانية الاستفادة المادية ستكون عالية جداً إن شاء الله. وانا الآن اسعى للاطلاع على أكبر قدر ممكن من كتب العلماء والمفكرين وبعض الابحاث التي تقع تحت يدي ولكن ذلك حسب امكانياتي المادية والمتواضعة.
كما انني اتمنى من الله سبحانه وتعالى ان يوفقني في دراستي واستطيع اكمال دراساتي العليا إن شاء الله أما الأمور المادية فهي لا تهمني كثيراً بقدر ما انها تعطيني الدافع للإطلاع والمقدرة ولكني رجل مؤمن وصبور وسوف اكافح لأصل إلى ما اطمح إليه إن شاء الله.
وأخيراً أحب أن أوجه الدعوة إلى رجال المال لتبني فكرتي والمساهمة لترى النور.
ولا انسى ان أوجه شكري لكل من ساعدني وابدأ بوالدتي واخوتي وعمي ومدير مدرستي الاستاذ عبدالحميد العصيمي واستاذي الفاضل عبدالمحسن جبر الحويصي.
ويقول مدير مدرسة نمرة الثانوية بجدة الاستاذ عبدالحميد العصيمي عن الطالب بأنه فخور جداً بأن ينتمي لهذه المدرسة طالب مثل الابن عمر أولاً في مثاليته واخلاقه العالية في التعامل مع مدرسيه وزملائه. واعتقد ان ما استطاع الوصول إليه هو بسيط بالنسبة لمستواه الدراسي والفكري وقد حاز الطالب على عدة تكريمات وشهادات اتمنى ان تكون له دافعا للامام.
فقد حصل على تكريم من إدارة تعليم المنطقة وكذلك من وزارة المياه ممثلة في وزيرها د.غازي القصيبي وكذلك هناك تكريم من مدرسة الطالب وجائزة مالية لما حصل عليه من تفوق علمي وهناك ترتيب عن طريق مركز الموهوبين لزيارة أمير منطقة مكة المكرمة.
نتمى له مزيداً من النجاح والتوفيق ونحن هنا نمثل له أسرته الثانية وسنكون عوناً له بإذن الله.
|