التواصل أو الترابط الجيد والمودة بين الأبوين والطفل هو موضوع مهم، وقد سئلت من العديد من الأمهات حول هذا الموضوع.
بالنسبة لي كطبيب أطفال لا أجد متعة أكبر من رؤية طفل يتمتع بروابط قوية مع والديه، وبالتالي حول هذا الموضوع ما هي أفضل المتطلبات من الوالدين التي يمكنهما من خلالها إعطاء أحسن ما يمكن لأطفالهما. إن التواصل يبدأ باكراً وحتى منذ مرحلة الحمل وخاصة بالنسبة للأم، ومعظم الأمهات يتذكرن اليوم الذي بدأ به الطفل بالحركة داخل الرحم.
تتذكر الأم تلك اللحظات بالبهجة والمتعة، وغالباً ما تقوم الأم بوضع يديها على بطنها وكأنها تعانق طفلها وتجعله هادئاً خلال تلك اللحظات، وقد تدعو زوجها ليشعر بتلك الحركات. ومن الثابت في دراسات مختلفة بأماكن متعددة أن الجنين داخل الرحم يستجيب بإيجابية للأصوات البشرية والموسيقى الهادئة.ومن الأهمية بمكان أن تعرف الحامل أن زوجها له نصيب بالشعور بهذه اللحظات السحرية التي قد لا تتكرر مرة أخرى.
ويجب التأكيد أن الرابطة الجيدة والحب بين الأب والأم سوف يشكِّل حجر الزاوية لأي علاقة جيدة مع طفلهم مستقبلاً.
في لحظة الولادة فإن الأم يجب أن تشعر أن زوجها معها يشاركها البهجة والسعادة في ولادة وانضمام هذا الابن أو الابنة إلى عائلتهما.
ومن المهم للأم أن تتحسس وليدها منذ لحظة الولادة، وربما لذلك تأثير في الرابطة بينهما بالمستقبل. وقد أبدت دراسات متعددة أن الأم التي تضع وليدها على صدرها حالاً بعد الولادة هي الأكثر حظاً لأن تنجح في إرضاع وليدها من الثدي.
أما بالنسبة للوليد فإنه يجد أمه هي الشخص الأساسي ليتصل بالعالم الجديد. وسأحاول هنا أن ألخص النقاط الأساسية المهمة لبناء رابطة قوية مع الطفل الجديد.
1 البكاء : كما نعلم أن البكاء هو الوسيلة التي يستطيع بها الطفل الصغير أن يتواصل مع الآخرين، فهو يبكي عندما يكون جائعاً أو عطشان أو رطباً أو يشكو من ألم.
في الشهر الأول من الحياة قد يكون البكاء تعبيراً عن شكوى معينة، مثل ابتعاده عن الأم، حيث إن بعض الأمهات تعرف أن طفلها سوف يتوقف عن البكاء بمجرد أن تصل إليه، كما أنه مع زيادة خبرة الأم سوف تميز الأنواع المختلفة من البكاء، وبعض الأمهات يخبرن طبيب الأطفال أن الطفل يشكو من أمر ما على الرغم من تأكيد الطبيب أن ذلك ليس هو حالة الطفل، وإن شعوري من خبرتي أن الأمهات دائماً على صواب عندما يشعرن أن هنالك شيئاً ما غير طبيعي لدى الطفل.
حاولي بناء الثقة بينك وبين طفلك واستجيبي لبكائه ولا تصغي للآخرين الذين يقولون لك بأنك تسيئين لطفلك بهذه الحالة . مرة أخرى إن الخبرة سوف تعلِّمك متى يجب أن تحملي طفلك وتستجيبي لبكائه .
1- إرضاع الطفل من الثدي: مهما يكن من ميزات الإرضاع فإن الاكتشافات الحديثة تؤكِّد وجود أسباب أخرى تحث أكثر مما نعرضها.
إن الإرضاع من الثدي يحث على بناء رابطة قوية بين الأم والطفل فهي تضمُّه إلى جانب قلبها وتستمتع عندما يرضع حلمة الثدي، حيث تراه سعيداً.
والطفل يصبح سعيداً عندما ينظر إلى وجه أمه، فهذه الرؤية والتماس الجلدي القوي بينهما يحمل أهمية كبيرة وخاصة بالشهر الأول.
وأنه مما لاشك فيه أن الأطفال الذين رضعوا من الثدي يصبحون في المستقبل أكثر سعادة، حاولي أن تضعي طفلك على الثدي بأسرع ما يمكن بعد الولادة وبذلك يكون نجاح هذا الإرضاع أكبر .
2- حمل الطفل: هنالك عادة في بعض البلاد الإفريقية، حيث تحمل الأم طفلها على صدرها أو على ظهرها، وقد وجد أن ذلك يقوي من شدة الرابط بين الأم والطفل، وعلى الرغم من أن ذلك غير مستساغ في بعض المجتمعات، ولكني متأكد من أنك تحاولين أن تضميه لجسدك أطول ما يمكن، وهذا يعطي الطفل فرصة لتنبيه كل جزء من أحاسيسه، وهو سوف يتفاعل أكثر مع المحيطين، وأظن أن كثيراً من الأمهات لاحظن أن الطفل يستمتع كثيرا بالتسوق.
3- اللعب مع الطفل : عندما كنت طفلاً ما زلت أتذكر جدتي وهي تغني بصوت هادئ لأخي الصغير الذي كان يبلغ من العمر أسبوعين، وكنت أقول لنفسي ماذا تفعل هذه السيدة، ولماذا تقوم بذلك مع هذا المخلوق الذي لا يسمع ولا يفكر، ولكن كنت مخطئاً، وكانت جدتي على صواب، فالثابت الآن أن الطفل يسمع ويرى منذ اليوم الأول .
فهو يستمتع بالنظر للوجه الإنساني وهو يفضِّل الصوت الأنثوي، وأصبحنا نعلم أن هذا المخلوق يميز رائحة والدته عندما يلتفت برأسه إلى ثدي أمه . يجب التأكيد على الاستمتاع بتلك اللحظات السعيدة - العب وكأنك طفل مع طفلك الصغير وحاول أن تسعده بقدر ما تستطيع.بعض الآباء يعتبرون أن ذلك مربك ولكن أن يكون ذلك طبيعياً من داخلك، وحاول ألا تخفي أحاسيسك ومشاعرك عن طفلك، وسوف تجد أن الأطفال حقاً يحبون اللعب ولا شيء في هذه الأرض أفضل من أن ترى طفلك وهو يبتسم أو يضحك.
د. صفاء العيسى
استشاري أمراض الأطفال وحديثي الولادة بمستشفى
الحمادي بالرياض
الاستشاري المحاضر بطب الأطفال وحديثي الولادة
بجامعة أدنبرة بريطانيا
استشاري طب الأطفال وحديثي الولادة
لمستشفى فكتوريا والمستشفى الملكي بأدنبرة