يحدث أحياناً أن يسمع الإنسان صوتاً خاصاً دون أن يعرف مصدر هذا الصوت، وذلك لمدة ثوان قليلة ثم يزول هذا الصوت، لكن في حالات أخرى يعاني البعض من استمرار هذا الصوت لفترات طويلة، وعند الذهاب إلى الطبيب يعرف أن المريض مصاب بما يسمى طنين الأذن، وفي السطور التالية نتعرف على طبيعة هذا الطنين وماهي أسبابه وأنواعه، وطرق علاجه من خلال هذا التحقيق.
في البداية يعرف د. احمد حسن قعقع أخصائي الأنف والأذن والحنجرة بمستشفى الحمادي بالرياض الطنين بأنه صوت خاص يسمعه الشخص دون أن يكون له مصدر خارجي. وبشكل عام يمكن أن نقسم الطنين إلى نوعين: نوع شخصي يسمعه المريض فقط، ونوع موضوعي أو محسوس بحيث يسمعه المريض والفاحص، والطنين الشخصي أسبابه كثيرة منها ما يمكن معرفته ومنها ما لا يمكن التأكد منه وأهم هذه الأسباب المعروفة انسداد مجرى السمع الظاهر بالصماخ «شمع» أو سواها، أو انثقاب غشاء الطبل، أو إصابة على مستوى عظيمات السمع من تصلب أو انخلاع، بالإضافة إلى التهاب الأذن الوسطى الحاد أما المزمن فنادراً ما يترافق بالطنين.
كما أن التعرض لصوت قوي «انفجارات» أو ما يسمى بالرضي الصوتي يحدث طنيناً وكذلك نقص السمع الشيخي له دور في إحداث الطنين.
أسباب الطنين
ويضيف د. قعقع: وهناك بعض الأدوية التي تؤثر سلبياً على العصب السمعي وتحدث طنيناً، كما أن ارتفاع التوتر الشرياني قد يترافق بطنين تتموج شدته مع تموج الضغط الشرياني ارتفاعاً وهبوطاً. وقد يكون الطنين عرضاً لأمراض الأذن الباطنة مثلاً «مرض منيير».
والطنين الشخصي أيضاً يمكن أن يكون من أول أعراض ورم العصب السمعي، وفقر الدم قد يكون سبباً من أسباب الطنين.
وهناك حالات من الطنين تعتبر وظيفية المنشأ أو نفسية المنشأ لا تترافق بأية آفة أذنيه أو عصبية وتزداد عند الأزمات، وبشكل عام فإن الطنين تزداد حدته عندما يكون المريض متعباً.
وهناك حالات قد يسمع الشخص أصواتاً منتظمة «موسيقى» دون أن تكون في الواقع موجودة وتدل على أن المريض مصاب بوهم سمعي ويكون ناتجاً عن مرض نفسي أو آفة عضوية في الفص الصدغي من الدماغ، أما فيما يتعلق بالطنين المسموع من المريض والفاحص معاً، ويتطلب تمييزه من قبل الطبيب بوضع السماعة على أذن المريض فيمكن تمييزه في ثلاثة أنواع:
- طنين يكون بشكل صوت النفخ يتماشى مع التنفس سببه انتقال أصوات التنفس عن طريق نفير أو ستاش وهو طنين مزعج.
- طنين يظهر بأصوات فرقعة سريعة متتالية وقصيرة مترددة وهي تنتج عن تشنج عضلات الحنك أو عضلات الأذن الوسطى بسبب إجهاد أو توتر نفسي.
- الطنين النابض وهو وعائي المنشأ ناتج عن زيادة في تروية الأذن الوسطى كوجود ورم، أو منطقة متصلبة شديدة التروية ويمكن أن ينتج الطنين النابض بسبب وجود ضيق في الشريان السباتي في العنق بسبب ورم أو خلافه.
الطنين الشخصي
ويتفق د. بدر محمد سعيد ولد علي استشاري أمراض الأنف والأذن والحنجرة بمستشفى الحمادي بالرياض مع أن كثيراً من أسباب الطنين الشخصي لا يمكن التأكد منها . ويضيف: قد يمكن في بعض الأحيان التوجه نحو سبب الطنين من صفاته وفي أحيان أخرى كثيرة قد يكون الطنين متشابهاً رغم اختلاف المنشأ.
من أسباب الطنين الشخصي بخلاف انسداد مجرى السمع الخارجي بانسداد صملاخي وجود جسم غريب داخل الأذن كحشرة أو خلافه أو وجود ثقب في غشاء الطبلة ويكون الطنين فيها غالباً منخفض التواتر كما أن الاستحالة الأسفنجية في الأذن الوسطى قد تترافق بطنين يخف ويزول بتقدم المرض.
وفي حالات نقص السمع بسبب الشيخوخة يكون الطنين عالي التواتر كما أن الأدوية السامة للعصب السمعي قد تسبب الطنين وكذلك فرط التوتر الشرياني قد يترافق بطنين تتموج شدته مع تموج التوتر الشرياني ويلفت د.بدر إلى أن الطنين يمكن أن يكون أول عرض في ورم العصب السمعي وهو كذلك عرض من أعراض مرض مينير وهو في هذه الحالة منخفض التواتر كما يعد فقر الدم سبباً للطنين. وأخيراً هنالك حالات من الطنين تعتبر نفسية المنشأ تزداد مع عدد الأزمات، وبشكل عام فإن أي نوع من الطنين تزداد شدته عندما يكون المريض متعباً.أما الطنين الموضوعي «المسموع» فيتطلب سماعه أن يضع الطبيب أذنه على أذن المريض أو أن يضع سماعة على مجرى السمع الخارجي للمريض، وكل نوع من أنواعه الثلاثة له صفات مميزة فالطنين النفخي الذي يتماشى مع التنفس سببه انتقال أصوات التنفس عن طريق قناة أوستاكيوس واسعة وهو طنين مزعج يشاهد بكثرة في المدخنين .
أما النوع الثاني وهو طنين يبدو بأصوات قرقعة سريعة متتالية وقصيرة جداً مترددة في فترات مختلفة فينتج من تشنج عضلات الفك أو عضلات الأذن الوسطى بسبب الإجهاد والتوتر النفسي في حين أن الطنين النابض الوعائي المنشأ ينتج عن وجود فرط توعية في الأذن الوسطى كوجود ورم أو بؤر تصلبية، وفي حالة حدوث هذا الطنين النابض بسبب وجود ضيق في الشريان السباتي أو أحد فروعه بسبب عصيدة شريانية ويمكن إيقاف هذا النوع مؤقتاً بضغط الشريان السباتي.
وحول أفضل طرق علاج الطنين يقول د. بدر سعيد إن معالجة الطنين الناشئ من مجرى السمع الخارجي أو الأذن الوسطى تكون بمعالجة السبب وكثيراً ما تكون ناجحة، كذلك إذا كان السبب من قناة استاكيوس فالحل ناجح، أما الطنين الناشئ من الأذن الداخلية أو العصب السمعي فمعالجته أصعب بعض الشيء، وهناك أدوية حديثة تساعد على تقليل الطنين كحمض النيكوتينيك مع المهدئات وأنواع من الفيتامينات، ولكن هذا يتوقف على معرفة موقع الخلل وتحديد مكانه من الأذن للوصول إلى تشخيص دقيق وإيجاد الحل والعلاج.
العلاج الناجح
ويرى د. احمد حسن قعقع أن العلاج يكون ناجحاً إذا كان ناتجاً عن الأذن الخارجية أو الوسطى كإزالة الصملاخ «الشمع» أو ترقيع الطبلة أوكشف الأذن الوسطى وعلاج عظيماتها . ولكن احتمالات العلاج تقل اذا تعلق الأمر بالأذن الباطنة أو العصب السمعي، أو الجملة العصبية المركزية، ففي الحالات الباكرة قد تفيد بعض الأدوية كموسعات الأوعية الدموية، والمهدئات ويجب ألا تنسى الفحوصات السمعية «تخطيط السمع وغيره» وأيضاً التصوير الطبقي المحوري للدماغ والجهاز السمعي كوسائل للتشخيص الدقيق، مع مراعاة أن هناك حالات يزداد فيها سماع المريض للطنين مثلاً قبل النوم أو في الهدوء مسبباً قلقاً وتوتراً نفسياً، لذلك فمن المفيد الابتعاد عن الهدوء، حيث ينصح بوضع ساعة أو مذياع قرب رأس المريض بحيث يغطي الصوت الصادر على الطنين، وهناك بعض أنواع مولدات الصوت توضع خلف الأذن تحدث ضجيجاً يعاكس الطنين الذي يسمعه المريض.
|