* نيويورك أماندا بولسون*
لما يزيد عن شهر، بقي أصحاب المتاجر في ضاحية «كراون هايتس» ببروكلين في حالة فزع من أعمال القتل.
بدا الأمر كما لو أن الجرائم لم يكن وراءها دافع: لم يكن هناك أي تحريض أو استفزاز، كما لم تتم سرقة للأموال.
لكن حين اعترف لارما برايس قبل أكثر من أسبوع بارتكاب الجرائم، قال إنه كان يهدف لقتل شرق أوسطيين، انتقاما لضحايا احداث 11 سبتمبر.
على امتداد الولايات المتحدة، كانت الأسابيع القليلة الماضية فترة عصيبة بالنسبة للأمريكيين العرب، إن أعمال القتل هي جانب واحد فقط من تصاعد مزعج في جرائم العنف بسبب الكراهية التي أقلقت مجموعات الأمريكيين العرب من الرجل الأفغاني الذي أشعلت فيه النيران داخل مطعمه في إنديانا بوليس إلى الباكستاني الذي ضرب حتى فقد وعيه في موقف للسيارات في نيو جيرسي.
يتمثل مصدر آخر حديث لقلق الأمريكيين العرب في إزدياد اعمال المراقبة وأخذهم بالشبهات استنادا على ملامحهم.
إنهم يخشون من أن يتم ترحيلهم خارج البلاد لأسباب إجرائية، أو أن يجدوا أنفسهم إرهابيين مشتبهين عن غير قصد في سيناريو مداهمة ليلية مفزع.
يقول شاكر لاشول، وهو مدرس يمني خفيض الصوت عاش في الولايات المتحدة لمدة 16 عاما، «إنني أخاف من إعطاء رقم هاتفي أو أن يكون مضمنا في مفكرة شخص ما.. يعتبر ذلك جريمة بالمشاركة.
«إن الخوف الذي يشعر به شاكر والأمريكيون العرب الآخرون يثير سؤالا صعبا أمام حكومة الولايات المتحدة: كيف يمكن إبقاء أمريكا آمنة من الإرهابيين المحتملين دون تغذية مناخ من التمييز أو الكراهية؟
يقول فيليب اندرسون، مدير مبادرة الأمن الوطني في مركز الدراسات الإستراتيجية والدولية في واشنطن، «إنه عمل من الموازنة، عليك بموازنة الأمن الوطني وسلامة الوطن في مقابل تهديد الخصوصية.. غير أن القوة الحقيقية لأمريكا هي أن لدينا نظاما عدليا يقوم بما يشبه التأكيد بحمايتنا عندما تثار مثل هذه التساؤلات».
في حين يثني معظم الأمريكيين العرب على المسؤولين الأمريكيين لأحاديثهم الرافضة لجرائم الكراهية والاتهامات المبطنة ضد الإسلام، إلا أنهم يقولون شيئا مختلفا، إن رسالة خفية يجري إرسالها عن طريق سياسات من نحو التسجيل الإلزامي، الترحيل، والمقابلات التي يجريها عملاء مكتب التحقيقات الفيدرالي «إف. بي.آي.» مع الأمريكيين العرب.
إن تزايد الخطاب المعادي للإسلام من قبل بعض مواقع الإنترنت التابعة للجناح اليميني وضيوف الأحاديث الإذاعية تساعد أيضا على خلق مناخ يمكن أن تزدهر فيه الكراهية والتحامل.
تقول هودان حسن، من مجلس العلاقات الأمريكية-الإسلامية (كير)، إن مواقع الإنترنت الشهيرة مثل «وورلد نت ديلي» و«فرنت بيج ماغازين» تقوم كل يوم تقريبا بنشر مقالات تدعو المسلمين بالطابور الخامس».
وتضيف قائلة: حين يتلقى مجلس العلاقات الأمريكية- الإسلامية بريدا أو إتصالات هاتفية مبعثها الكراهية، فإنها تكرار ببغاوي تقريبا، كلمة بكلمة، لما يقال في تلكم المواقع على الإنترنت أو الأحاديث الإذاعية.
وتشعر هودان والآخرون بالقلق أيضا من الرسالة التي تبعث بها مصادر ذات صلة بإدارة بوش لقادة مسيحيين إنجيليين من أمثال فرانكلين غراهام أو جيري فالويل ومن حقيقة أن بوش عين مؤخرا دانيال بايبس في مجلس إدارة معهد الولايات المتحدة للسلام.
وبايبس ينظر له العديدون في الجالية الإسلامية باعتباره معاديا للمسلمين، تقول ليلى القطامي من لجنة مناهضة التمييز التابعة للأمريكيين- العرب «هناك نوع من الرسائل المختلطة».
يخشى قادة أمريكيون - عرب أيضا من أن إجراءات من نحو المعاملة المختلفة استنادا على الملامح تشجع على عدم الثقة بالمسلمين جميعا، ولم تؤد بالضرورة لجعل أمريكا أكثر أمانا.
يقول راندي لارسن، مدير معهد آنسر للأمن الوطني في آرلينغتون بفرجينيا، «أنا قلق جدا من العودة إلى عام 1942 وما فعلناه بالأمريكيين-اليابانيين».
ويضيف «لكن ومن جديد، نحن لا نخاف من الجدات السويديات» لكن بالأحرى من تهديد انبثق من العالم العربي.
يقول آخرون إن أفضل النتائج تتحقق حين تعمل الحكومة مع، وليس ضد، الجالية العربية.
يقول جين أبي نادر، المدير الإداري للمعهد الأمريكي - العربي الذي ساعد مكتب التحقيقات الفيدرالي على مراجعة سياسته:
إن عشرات الإرشاديات القاطعة جاءت من خلال المقابلات التي أجراها عملاء مكتب التحقيقات الفيدرالي مع الأمريكيين - العراقيين.
في ذات الوقت، هو منزعج من أن الأنباء التي أفادت بأن بعض المقابلات مضت في إتجاه خاطىء، في واحدة منها، طلب أمريكي - عراقي أن يكون محاميه حاضرا، وفقا للرجل، قال عميل مكتب التحقيقات الفيدرالي، «إمض في هذه الوجهة وسوف ترى ما يحدث» ثم وضع سماعة الهاتف بعنف.
تقول الآنسة قطامي: حتى الآن لم تأت الحرب برد فعل من ذلك النوع الذي شهدته الجالية الإسلامية بعد 11 سبتمبر، غير أنها قلقة من العنف المتزايد لبعض الحوادث.
في فونيكس، على سبيل المثال، ألقى شخص ما بقنبلة جليد - جاف منزلية الصنع في الفناء الخلفي لأسرة أمريكية - عراقية، وفي بيربانك، بألينوي، فجر رجل حافلة صغيرة لأسرة فلسطينية، وفي بروكلين، في هذه الأثناء، يبقى السكان سعداء بأن مطلق النار على صاحب المتجر تم القبض عليه فيما يبدو.
تقول كينثيا إدواردز «إنني أعرف هؤلاء الناس كما لو أنهم أسرتي»، تقول كينثيا، وهي من سكان ضاحية كراون هايتس، إن والد ابنها نجا من مركز التجارة العالمي في 11 سبتمبر، وهي تضيف «كنت منزعجة وغاضبة من الأمر برمته أيضا، غير أنني لا أصب جام غضبي عليهم».
(*) خدمة كريستيان ساينس مونيتور خاص ب«الجزيرة»
|