في مجلس رجل من رجالات الإدارة البارزين وشخصية لها وزنها الاجتماعي هو الشيخ إبراهيم بن عبدالعزيز البراهيم - رحمه الله - وكيل إمارة منطقة عسير الأسبق وفي عام 1390هـ تحديداً كان لي شرف التعرف على واحد من الرجال القلائل الذين يمكن أن يقابلهم الإنسان في حياته على هذا النمط من السلوك الإنساني النبيل.
رجل من عباد الله الذين اختصهم الله لقضاء حوائج الناس مقيلاً لعثرات من يعرف ومن لا يعرف غارما في الديات، مصلحا بين الجماعات لا يتوانى عن نجدة الملهوف ومساعدة المحتاج من ماله وبوجهه لدى الناس وتقديراً لشخصيته الفذة وسعيه الدؤوب للخير وسمعته التي تسبقه في آفاق الجنوب كله.
وما أكثر الروايات التي سمعتها عن الرجل في أبواب الخير.. ومن أغربها أن شخصاً لا يعرفه جاءه ملتجئاً إليه شاكياً بأنه وابنة عمه تربطهما علاقة طاهرة تعاهدا على تتويجها بالزواج، لكن عمه رفضه.. وينوي عقد قرانها في اليوم التالي على آخر.
فما كان من الشيخ إلا أن هب معه في سفر غير بعيد إلى حيث يقيم عمه. وعلى سالف القبائل امتنع الشيخ عن تناول القهوة حتى يلبي طلبه بعد أن عرّف نفسه لصاحب المنزل.. وتقديراً للشيخ وافق والد الفتاة على طلب الشيخ حيث قال فلانة لفلان ولم يخرج من دارهم إلا بعد عقد قرانهما.
فعندما تشمخ لمواقفه الإنسانية والنبيلة تتلاشى كل وسائل التعبير عن شكرها وتقدير الدوافع لتواجدها وبقدر سهولتها على الرجال الذين يصنعونها.
لاعتيادهم عليها وسعادتهم بمنحها فهي صعبة كل الصعوبة إلا على الذين تعودوا عليها وتلك لعمري هي قمة شيم الرجال.
وإنها لدمعة تترقرق في مآقي أهل الجنوب ألماً وحزناً على رحيل رجل المواقف الخيرة الشيخ علي بن عبدالرحمن العسبلي رحمه الله رحمة واسعة وأسكنه فسيح جناته جزاء ما قدمت يداه في دنياه لخير الناس وعونهم وجعل في عقبه من الرجال من يحذو حذوه و.. {إنَّا لٌلَّهٌ وّإنَّا إلّيًهٌ رّاجٌعٍونّ}.
| 
