في ضوء ما حدث ويحدث الآن هل يا ترى انه قد حان الوقت لإعادة صياغة مواقف البعض منا الرافضة لمصداقية ما يعرف بنظرية المؤامرة؟! وألا يكفي من لا يعترف منا ما حملته الأحداث الأخيرة من دلائل تآمرية غربية.. واستهلالا استميحكم العذر بالقول - او بالأصح الاعتراف - بأن موقف محدثكم - شخصي المتواضع - كان حتى وقت قريب يقع في خندق القائلين بعدم صحة هذه النظرية، اما الآن فأقول ولا حرج بأن جميع معطيات ما حدث حتى هذه اللحظة تدل فعلا.. قطعا على أن الغرب يبطن ما يبطن من السياسيات التآمرية ضد كل ما هو عربي على وجه الخصوص وإسلامي على وجه العموم.
أعرف أن من يرفض فكرة المؤامرة غالباً ما يتحجج بالقول ان مجرد التصديق بوجودها من شأنه ان يزرع اليأس في نفوس المسلمين ويفقدهم الثقة بواقعهم.. كذلك إن من شأن ذلك ان يدفع بهم الى ان يستدمجوا أدوار «الضحايا» ممن لا حول لهم ولا قوة فيلقوا بأيديهم الى تهلكة الأعمال الفردية غير المسؤولة مما سوف يلحق المزيد من الضرر بقضايانا التاريخية العادلة. ومع احترامي لوجهة النظر هذه فلسان حال الحقيقة الجليلة المتجلية يقول إنه من المحال تعليل ما حدث - ويحدث الآن - بغير القول بنظرية المؤامرة، وأنه من المحال ايضا ان يسوء حال المسلمين بسبب المؤامرات الغربية اكثر مما هو عليه الآن، فالمسلمون - خلال السنوات القليلة الماضية على وجه الخصوص - قد تجرعوا من الآلام الجسدية والنفسية ما يفوق الوصف بل يوهن الخيال، وشربوا كذلك من أجاج «اليأس» ما الله به عليم، أما «الثقة» التي يُخشى عليهم تبعات فقدها فيما لو اخذوا بفرضية المؤامرة.. فأينها الثقة أصلا..؟! وما مدى معقولية الخوف من فقدانها وهم الذين لم يتذوقوا لها طعماً البتة لا سيما في عصورهم الحديثة والمعاصرة؟ حقا فكيف نخشى «البلل على الغريق».. على غرار مضمون عجز بيت الشاعر الذي تساءل تقريريا بالقول: «... انا الغريقُ فما خوفي من البلل؟!».
أما بالنسبة لفرضية ان الاعتقاد بنظرية المؤامرة قد يقود بعض المسلمين الى تهلكة الانتقام «الشخصي» زعماً منهم بأنهم بذلك يمثلون عقيدة الإسلام فأمر هذه المسألة اتركه لمن هو بها أعلم مني من الراسخين في العلم، غير انه من ذلك يتوجب القول ان للعقوبة بالمثل منهجية لم يغفل عنها الإسلام حيث ورد في القرآن الكريم والسنة المطهرة من الدلائل على ذلك ما يكفي ويشفي..
|