Wednesday 30th april,2003 11171العدد الاربعاء 28 ,صفر 1424

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

الحول.. مشكلة عضوية لها آثار نفسية وعلاج جراحي الحول.. مشكلة عضوية لها آثار نفسية وعلاج جراحي

«الحول» عبارة عن حالة تكون فيها العينان غير مستقيمتين، بمعنى أن إحدى العينين تكون منحرفة إلى الداخل أو الخارج، والسبب الدقيق للحول غير مفهوم بالكامل، ولكن من المعروف أنه قد يكون ناتجاً عن عوامل وراثية، أو الحاجة لنظارات مصححة للبصر، أو الإصابات المرضية، أو الالتهابات، أو الأورام أو عملية جراحية في الرأس. أما أكثر أنواع «الحول» شيوعاُ (الوراثي/ الحاجة للنظارات) فيحدث خلال الفترة العمرية من بضعة أسابيع إلى خمس سنوات، بيد أن الإصابة المرضية والأورام يمكن أن تكون سبباً للإصابة بالحول في أي عمر.
د.علي شغري
عند ولادة طفل، يكون بصره غير ناضج، ولا يملك حدة البصر التي يملكها شخص بالغ، وحتى يتطور البصر بصورة طبيعية، فإن العينين يجب أن تكونا مستقيمتين، وفي حالة عدم تصحيح «الحول» في وقت مبكر، فسينتهي الأمر بالطفل بحيث يكون له في هذه الحالة عين جيدة ذات بصر طبيعي، وأخرى غير جيدة (عين كسولة)، حدة الإبصار فيها ناقصة، ويشار إلى هذه الحالة باسم الغمش، وهو المصطلح الطبي يطلق على العين التي يكون الإبصار فيها سيئاً، ولا يمكن تصحيحه باستخدام النظارات، ومشكلة الغمش أن هناك نافذة زمنية للعلاج المناسب، تصبح الحالة بعدها ميئوس منها، إذ لا يمكن علاج الغمش بعد سن السابعة، ولكن يجب علينا أن نتذكر أن هذا الرقم لا يعتبر قاعدة مطلقة، فبعض الأطفال الذين يعانون من الغمش يستجيبون للعلاج في سن 8 سنوات، والبعض الآخر لا يستجيب للعلاج حتى في سن الخامسة، وحيث إن الغمش ينتشر بين الأطفال بنسبة 1% - 2%، فإنه يعتبر السبب الأكثر تكراراً لإصابتهم بخلل الإبصار الدائم، وتقل احتمالات الحصول على نتائج جيدة للعلاج (استقامة العينين، الإبصار الجيد)، كلما تقدم الطفل بالعمر، ولذلك، يجب علاج الطفل في أقرب وقت ممكن، فعلاج الغمش بسيط كمفهوم، وفعال من حيث تحسين الإبصار، ولكنه يحتاج إلى عمل جاد من الأسرة في المنزل. ويعالج الغمش بواسطة تغطية العين الأقوى بواسطة «لزقة» مخصصة لهذا الهدف ويعتمد مبدأ علاج الغمش على أنه كلما ازداد استعمال العين الكسولة خلال النهار، كلما قل الغمش وتحسنت الرؤيا في العين الأضعف، ومن هنا فإن علاج الغمش يعتمد على تغطية العين الأقوى خلال النهار، فالأطفال عادة ما يقاومون فكرة تغطية عين من العينين، وكلما تقدم الطفل في العمر، كلما غدا هذا الأمر أكثر صعوبة، مع أن الأطفال يبدؤون في تقبل هذه الفكرة بمرور الوقت، وتعطي تغطية العين أحسن النتائج إذا ما تم البدء بها في وقت مبكر للغاية من عمر الطفل، حتى في سن 6 أشهر، وهناك اختلاف في التطبيق عندما يتعلق الأمر بعدد الساعات التي يجب على الطفل تغطية عينه خلالها، فبعض الأطباء يعتقدون بأن العين يجب تغطيتها طوال الوقت (طوال الساعات التي يكون فيها الطفل مستيقظاً)، مع العلم بأن البعض الآخر منهم يعتقد بإمكانية تغطيتها لبعض الوقت، أما أنا فإنني اعتقد أن عملية تغطية العين يجب أن تكون وفقاً لمستوى الإصابة بالغمش، وقدرات الوالدين، وعمر الطفل، وليس مجرد التقيد بقواعد صارمة.
ثمة ناحية أخرى يجب أخذها بعين الاعتبار عند اتخاذ قرار بمعالجة«الحول»، وهذه الناحية تتمثل بالراحة النفسية للطفل، فقد أظهرت الدراسات أن ترك«الحول» دون علاج يؤثر على الحالة النفسية للمصاب، فأداء الأطفال المصابين بالحول يبدأ بالتحسن في المدرسة وفي النواحي الاجتماعية بعد علاج مشكلة «الحول»، واعتماداً على سبب الإصابة بالحول، يمكن أن يكون العلاج بسيطاً ببساطة تغطية العين بلزقة خاصة لبضع ساعات في اليوم، أو استخدام النظارات، أو القطرة، وإجراء عملية جراحية في عضلات العين في نهاية المطاف، ويمكن أن يشتمل العلاج أيضاً على جميع العلاجات الواردة أعلاه في نفس الوقت حتى تصبح العين مستقيمة، إن «الحول» في بعض الحالات يكون واضحاً للأبوين والأقارب، وفي بعض الحالات لا يكون جلياً للعين، ولكن في هذه الحالات يمكن وجود إشارات غير مباشرة على الإصابة بالحول، ومن هذه العلامات ما يلي:
- إغلاق إحدى العينين بصورة جزئية أو تغطيتها في ضوء الشمس الساطع.
- تغطية إحدى العينين أو إمالة الرأس أثناء النظر إلى الأشياء.
إن الاستقامة في العينين تعتمد على قوة السحب التي تولدها العضلات الستة خارج المقلة والموجودة حول كل عين من العينين.
وتسمى هذه العضلات بالعضلات خارج المقلة لأنها متصلة بالسطح الخارجي للعين.
وتتضمن العملية الجراحية إما إرخاء هذه العضلات أو تقويتها. وحيث ان هذه العضلات تقع حول العين، فإنه لا يتم النفاذ إلى العين أثناء العملية الجراحية التي تجرى على أساس يومي (same-day surgery) ويستغرق إجراؤها 45 دقيقة تقريباً، ولا تترك أية ندبة، ويكفي تناول البانادول لتسكين الألم بعد العملية الجراحية، في معظم الحالات، لا تتم تغطية العين بعد العملية، ويعطى المريض قطرة لاستخدامها لبضعة أيام فقط، ولا يتطلب الأمر نزع أية غرز وذلك لامتصاص هذه الغرز من قبل العين، ويمكن للطفل أن يعود إلى المدرسة ومزاولة نشاطاته بصورة اعتيادية بعد العملية الجراحية بثمانٍ وأربعين (48) ساعة.
بعد سحب العضلتين الداخليتين:
حول داخلي في اليسرى قبل العملية
إن التخصصات الطبية كافة في أيامنا هذه تتضمن تخصصات طبية فرعية، وطب العيون ليس استثناء في هذا الأمر، فهناك تخصص في طب العيون للأطفال، والحول، وهذا يعني أن طبيب العين سيحصل على تدريب خاص في علاج «الحول» في الأطفال، وهو بدرجة كبيرة يختلف عن «الحول» الموجود في البالغين، هذا وتختلف طريقة تعامل الطبيب مع الطفل، وعملية تغطية العين، وتصحيح الخلل الانعكاسي، والكثير من الأمور الأخرى إذا كان المريض بالغاً أو طفلاً، ومن المعروف هذه الأيام أن الأطفال الذين يعانون من «الحول» يمكن أن تتحقق لهم نتائج ممتازة إذا ما تمت معالجتهم بصورة جيدة، ومن شروط العلاج الجيد الاكتشاف المبكر للمشكلة، ومعالجة الغمش في حالة وجوده، وارتداء النظارات، إذا كان المريض يعاني من خلل انعكاسي، وأخيراً وليس آخراً، اختيار الوقت المناسب لإجراء العملية إذا كانت الضرورة تقتضي إجراؤها، ومن النواحي الأخرى الهامة هو فهم الوالدين جيداً للمشكلة التي يعاني منها الطفل، وهذه هي مهمة طبيب عيون الأطفال المعالج، ويجب على الوالدين والطبيب المعالج أن يعملا كفريق واحد حتى يكون بالإمكان تحقيق نتائج جيدة.

د.علي شغري/ اختصاصي طب العيون - مستشفى المملكة- العيادات الاستشارية

 

 

[للاتصال بنا] [الإعلانات] [الاشتراكات] [الأرشيف] [الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-janirah Corporation. All rights reserved