تعتبر العناية الوقائية للعين مهمة لكل شخص نظراً لأن حالات وأمراض العيون التي يمكن أن تدمر الإبصار الصحي عند الشخص وأسرته يمكن أن تحدث في أي وقت من الأوقات لدى أي من أفراد الأسرة، ابتداء من المولود الجديد وانتهاء بالمتقدمين في السن. كما أن أمراض العيون من النوع الخامد، قد لا تتم ملاحظتها من قبل الطفل أو الشخص البالغ لفترة طويلة من الوقت. وقد يسبب هذا الأمر تلفاً لا تمكن معالجته في إبصار العين، وقد يكون الوقت قد أصبح متأخراً لعلاج هذا التلف في حالة التأخر في اكتشاف المرض. وهذا يفسر سبب أهمية العناية الوقائية، والتي قد يتم معها إنقاذ الإبصار من التلف. ولذلك يجب قراءة التوجيهات العامة المقترحة التالية والتي تتعلق بالوقت الذي يجب فيه فحص العيون، وتم تبنيها من المقاييس الدولية للعناية بالعين.
المواليد وصغار الأطفال: يجب فحصهم لتقصي إصابتهم بمشاكل العين الشائعة، مثل الحول والغمش (العين الكسولة) أثناء مواعيد المراجعة المنتظمة لعيادة الأطفال، مع العلم بأن الأطفال قد لا يشكون بالضرورة من مشاكل في الإبصار لديهم. فقد لا يلاحظ الطفل أية مشكلة لديه إذا كان الإبصار ضعيفاً في عين واحدة فقط، وذلك ببساطة لأنه يبصر بالعين الأخرى التي تعوض النقص في الإبصار في العين الأولى. ومع أن الطفل قد لا يشكو من ضعف الإبصار في الكثير من الحالات، إلا أن أداءه قد يكون سيئاً في المدرسة. وقد يطرف الطفل عينيه بصورة متكررة في حالات أخرى، أو أنه قد يحكهما كذلك، أو قد يعاني من صداع معاود. وهذا يفسر أهمية فحص الإبصار والكشف المبكر على مشاكل العين. وفي الحقيقة فإن مشاكل الإبصار ليست بغير شائعة عند الأطفال. على سبيل المثال، قد يعاني طفل من كل 25 طفلاً من العين الكسولة (الغمش)، وبكلمات أخرى، قد يعاني طفل في كل صف دراسي من كسل العين. وفي حالة عدم اكتشاف كسل العين لدى هذا الطفل، فإنه قد يكبر وهو يعاني من ضعف الإبصار في عين واحدة لأنه لم يتم اكتشاف الكسل في العين، وهذا الكسل يمكن علاجه بصورة كاملة في حالة اكتشافه في سن مبكرة. ولهذا يوصى بفحص الإبصار لدى الأطفال ابتداء من سن حوالي 3 سنوات ونصف.
تجدر الإشارة إلى أن معظم الأطفال والمراهقين قد يملكون إبصاراً سليماً، ولكنهم يظلون بحاجة للعناية بالإبصار لديهم من خلال ارتداء واقيات للعين أثناء مزاولة الرياضة، أو المشاركة في نشاطات يمكن أن تسبب إصابة في العين. وتحدث الإصابة بقصر النظر عموماً بصورة متكررة أثناء سن المراهقة، فتسبب ضبابية في المشاهدة عن بعد.يمكن أن يعاني الشباب من البالغين والأشخاص المتوسطين في السن من مشاكل في العيون، ولذلك يجب اتخاذ التدابير الوقائية لاكتشاف أمراض العيون في وقت مبكر، وحماية العينين من الإصابة. وهكذا يجب إجراء فحص العيون لهؤلاء الأشخاص مرة واحدة على الأقل بين سن 20 سنة و29 سنة من أعمارهم، ومرتين على الأقل بين سن 30 سنة و39 سنة من أعمارهم، وكل سنتين إلى أربع سنوات بين سن 40 سنة و 65 سنة من أعمارهم.
أما الأشخاص الأكبر سناً، وتحديداً بين سن 40 سنة و65 سنة، فإنهم قد يتعرضون للإصابة بالكثير من الأمراض التي قد تؤثر على الإبصار. ويعتبر داء السكري أكثر هذه الأمراض شيوعاً. فالأشخاص الذين يعانون من هذا المرض يحتاجون إلى متابعة روتينية للتأكد من عدم إصابتهم بأمراض في العيون ناجمة عن داء السكري، الذي يمكن أن يؤثر على جميع أجزاء العين، ولكنه أكثر ما يؤثر على الشبكية. ومن خلال إتلاف الأوعية الدموية المتناهية في الصغر في الشبكية، يبدأ النزف والبلازما بالتسرب إلى الشبكية، وبالتالي يتدهور الإبصار. وفي الحالات المتقدمة، قد تنسد الأوعية بصورة كاملة، وتظهر أوعية جديدة غير طبيعية بدلاً منها، مما يؤدي إلى حدوث نزف شديد أو انفصال الشبكية من مكانها. وتعتبر السيطرة الكاملة على سكر الدم عاملاً مفيداً للغاية في منع المضاعفات الناجمة عن تأثر العين بداء السكري. بيد أن الفحص الروتيني والمبكر للعين يمكن أن يؤدي إلى اكتشاف العلامات المبكرة جداً لهذه المضاعفات . كما أنه تتوفر فرص أفضل لنجاح العلاج المبكر في السيطرة على حدوث الأمراض، والمحافظة على الإبصار.
وهنا نشير إلى أن داء السكري لا يعد المرض الوحيد الذي يؤثر على العين، بل إن هناك أمراضاً أخرى تؤثر على العين مثل ارتفاع ضغط الدم، وأمراض الدرقية والرئة هذا بالإضافة إلى أمراض متعممة أخرى.
الأشخاص الذين تزيد أعمارهم على 65 سنة: يجب إجراء فحص شامل للعين لدى هؤلاء الأشخاص من قبل طبيب العيون وذلك كل سنة إلى سنتين من أجل تقصي احتمال إصابتهم بالساد (الماء الأبيض)، والغلوكوما (الماء الأزرق)، والتنكس البقعي بسبب التقدم في العمر (Age Related Macular Degenration) (ARMD)، والحالات الأخرى التي تصيب العيون. وإذا ما كان هؤلاء الأشخاص يعانون من داء السكري أو ارتفاع ضغط الدم، فيجب فحصهم وفقاً للجدول المحدد من قبل طبيب العيون وذلك اعتماداً على شدة المرض، ودرجة السيطرة على سكر الدم وضغط الدم لديهم.
ومع أن الماء الأبيض قد يحدث في بعض الأشخاص قبل سن 60 سنة، إلا أن الإصابة بهذا المرض تشيع كثيراً بعد سن 65 سنة، مع العلم بأن الإصابة بالماء الأبيض تحدث في عدسة العين كجزء من العملية الطبيعية للتقدم في السن. ويعرف الماء الأبيض بصورة رئيسية بأنه تغيم العدسة الصافية في العين. وهذا التغيم في العين والذي يسمى الماء الأبيض لا يسمح لأشعة الضوء بالنفاذ إلى العين، فيسبب ضبابية (عدم وضوح) الرؤية التي لا يعتبر حدوثها مرضاً بحد ذاته، وإنما نتيجة للعملية الطبيعية للتقدم في العمر. ويجب علاج الماء الأبيض جراحياً إذا كان كثيفاً بما يكفي ليسبب ضبابية في الرؤية تؤثر على نشاطات المريض في حياته اليومية. ولا تقتضي الضرورة علاج الماء الأبيض في مراحله المبكرة إذا لم يكن يؤثر على الإبصار، ولكنه يقتضي المراقبة بصفة دورية.
ليس هناك أي دليل على أن الأدوية يمكن أن توقف أو تمنع الإصابة بالماء الأبيض. وكما ذكرنا سابقاً، عندما يصبح الماء الأبيض كثيفاً ويسبب ضبابية لا يستهان بها في الإبصار، فإن الجراحة تعتبر العلاج الفعال الوحيد. وقد تطورت العمليات الجراحية الخاصة بعلاج الماء الأبيض بصورة كبيرة في السنوات القليلة الماضية. حيث يتم إجراء شق صغير (مقاس 0ر3 مم تقريباً) لإجراء العملية الجراحية لعلاج الماء الأبيض، ويطلق على هذه العملية اسم استحلاب عدسة العين phacoemulsification)،) وهي تعتبر في الوقت الحالي المقياس المثالي للعلاج. وباستخدام مسبار الموجات فوق الصوتية، يتم إذابة الماء الأبيض، ثم شفطه من العين بدرجة عالية من الدقة. وبعد إزالة الماء الأبيض، يتم إدخال عدسة العين في المكان الأصلي للعدسة الطبيعية لإتاحة المجال لتحقيق الشفاء السريع وصفاء الإبصار بإذن الله. ويتم التخلص من معظم الأدوات المستخدمة بعد إجراء العملية. ونحن في مستشفى المملكة، يطيب لنا أن نفخر بقسم العمليات الجراحية الحديثة الذي تم تأسيسه لإزالة الماء الأبيض، وذلك باستخدام أحدث الأساليب والمستجدات التي طرأت على عالم إجراء الشقوق الصغيرة، والعدسات القابلة للثني داخل المقلة، واستحلاب الماء الأبيض (Phacoemulsification).)
من ناحية أخرى، يعتبر الغلوكوما (الماء الأزرق) مرضاً مسبباً لفقدان الإبصار, وهو غير مؤلم في العادة، ويصاحبه ارتفاع في ضغط العين في الكثير من الأشخاص. وهو يسبب تلفاً في العصب البصري، مما يؤدي إلى فقدان البصر المحيطي في البداية. وإذا لم يتم اكتشاف المرض في الوقت المناسب، فإن التلف في الإبصار يتحول إلى فقدان كامل للإبصار، مع العلم بأن التلف الذي يسببه الماء الأزرق لا يمكن استرداده، والعلم عند الله. وهذا يفسر أهمية الزيارات الوقائية لطبيب العيون من حيث المحافظة على الإبصار، من خلال اكتشاف العلامات المبكرة للإصابة بالماء الأزرق قبل بدء حدوث التلف. إن الماء الأزرق مرض يصيب الأشخاص المتقدمين في العمر، مع أنه قد يصيب الأشخاص في سن الشباب بصورة أقل شيوعاً. ويتزايد احتمال إصابة الأشخاص بالمرض إذا عانى أحد أفراد الأسرة منه. كما أن داء السكري، وارتفاع ضغط الدم يعتبران عاملي خطورة إضافيين للإصابة بالماء الأزرق. أما العلاج فيمكن أن يكون ببساطة العلاج بقطرة العين. وقد تقتضي الضرورة علاج بعض المرضى بالليزر، أو بالجراحة إذا كان الماء الأزرق لديهم من النوع الأكثر تقدماً.
أما التنكس البقعي الناتج عن التقدم في العمر ARMD)) فيعتبر مرضاً يصيب الأشخص المتقدمين في السن، ويؤثر في الجزء المركزي من الشبكية المسئول عن الإبصار المركزي. وهو يتلف البصر إذا لم يتم اكتشافه في مراحله المبكرة. وبخلاف الغلوكوما (الماء الأزرق) يحدث التلف في الإبصار المركزي أولاً، ويسبب مشاكل كبيرة في حياة المرضى. وكلما كان اكتشافه مبكراً، كلما كانت نتيجة العلاج أفضل، علماً بأن الفحوص المنتظمة للعين من قبل طبيب العيون تعتبر عاملاً أساسياً في التشخيص المبكر والعلاج.
وفيما يلي التوجيهات العامة للفحص والتي تقترحها الأكاديمية الأمريكية لطب العيون:
- عمر صفر - سنتين:
إجراء الفحص من قبل طبيب في مواعيد المراجعة المنتظمة لعيادة الأطفال، وعند طبيب العيون في حالة حدوث مشكلة في العين لا قدر الله
- عمر 3 سنوات - 5 سنوات: إجراء الفحص من قبل طبيب العيون كل سنة إلى سنتين
- عمر 6 سنوات 19 سنة: يجرى الفحص حسبما يراه طبيب العيون ضرورياً
- عمر 20 سنة - 29 سنة: فحص واحد من قبل طبيب العيون
عمر 30 سنة - 39 سنة: فحصان من قبل طبيب العيون
- عمر 40 سنة - 65 سنة: فحص من قبل طبيب العيون كل سنتين إلى 4 سنوات
- 65 سنة فأكثر: فحص من قبل طبيب العيون كل سنة إلى سنتين ولكن يجب مراجعة طبيب العيون وسؤاله عن عدد المرات التي يجرى فيها فحص شامل للعيون في حالة ظهور أية من عوامل الخطورة التالية: التاريخ الطبي يشير لحدوث إصابة في العين
داء السكري
ارتفاع ضغط الدم
معاناة أحد أفراد الأسرة من مشاكل في العين.
إن حماية العيون من الحوادث، والاكتشاف المبكر لمشاكل العيون وعلاجها تعتبر أفضل الطرق للمحافظة على إبصار صحي طوال الحياة. ويجب مراجعة طبيب العيون على الفور إذا كان الشخص أو أحد أفراد أسرته معرضاً لاحتمال الإصابة بمرض في العين أو يعاني من مشاكل في العين. هذا وإن طبيب العيون أخصائي طبي يوفر نطاقاً كاملاً للعناية بالعين والإبصار، ابتداء بالنظارات، والعدسات اللاصقة، وانتهاء بالأدوية والعمليات الجراحية.
د.ألبرت خوري / استشاري طب وجراحة العيون - زميل الأكاديمية الأمريكية لطب العيون - قسم طب العيون - مستشفى المملكة - العيادات الاستشارية
|