من خلال قراءتي، لكتاب العميد الدكتور طه حسين، بدأت بالمقدمة المطولة للدكتور شكري فيصل رحمه الله، ولذلك، فإن وقفات محتويات هذا الكتاب، أو قل أكثرها، سيكون بمشيئة الله وفق تدرج صفحاته، إذاً فإن البدء مع المقدمة.. وأريد أن أؤكد، أن الدكتور شكري فيصل من خيرة دارسي كتب الأدب القديم، وقد استضافه النادي الأدبي الثقافي بجدة، وألقى محاضرة قيمة، عن تلك الأبيات، التي يرددها الأدباء، والتي ظلت مجهولة القائل.. ومنها: «ولما قضينا من منى كل حاجة».
* لقد استمتعت بقراءة مقدمة الدكتور شكري الثرية المطولة، وقد ذكرت في الحلقة الماضية من هذه الوقفات، أنها، تبلغ «53» صفحة.. ونقرأ ثناءً عاطراً على الأستاذ العميد، من خلال حديث كاتب المقدمة، يرقى إلى الإعجاب الكبير.. ويتساءل الدكتور شكري، في ص -7-، عن دوافع نسج تلك المقدمات، التي كتبها طه حسين، فيقول: «فكيف كان ينشىء الدكتور طه هذه المقدمات.. ماذا كانت الدوافع إليها والبواعث عليها.. أكانت تعريفاً من التعريف، أم كانت نقداً من النقد، أم كانت هذا المزيج من النقد والتعريف؟.. وهل تقع كلها من ذلك موقعاً واحداً، أم هي تختلف فيه، فتقترب حيناً وتبتعد حيناً؟.. وهل كانت تتخذ سمتاً واحداً، أم كان لها هذا السمت مرة وذاك مرة ثانية.. ما نصيبها من الموضوعية، وما موضوعها من الذاتية»!؟.
* ويمتد تساؤل كاتب المقدمة عبر تساؤلات شتى، إذا كانت هذه المقدمات، لها نفع مؤقت، أم أن لها قيمها النفسية والشعورية، وكذلك - قيمها النقدية والأدبية، وأين تقع من تراث الدكتور طه الغزير الكثير!؟» حديث شائق، يقدمه الدكتور شكري فيصل، قبل أن يصل إلى العناوين التي كتب طه حسين مقدماتها: ومن خلال قراءاتي لتلك المقدمات الثرية، رأيت أن بعضها فيه ذلك المزاج من النقد والتعريف، وبعضها الآخر، يقتصر على التعريف، كمقدمته لديوان الشاعر حسن عبدالله القرشي «الأمس الضائع».. وتلك المقدمات، ليس لها سمت واحد، ولعل مرد ذلك، الانطباع والتأثر الذي يجده كاتب المقدمة في نفسه، وهو يقرأ نصا ونصاً.. لذلك فإن تلك المقدمات عند الدكتور طه، وعند غيره، ليس لها طابع واحد.. وشيء طبعي أن تكون كذلك، وإلا فإنها تفقد قيمتها الأدبية، إذا كانت مكرورة، ذات طابع واحد، وإن اختلف التعبير وسوق الجمل، التي عادة ما يسبح خلالها الأستاذ العميد، من واقع قدراته وسعة أفقه، وهو لا يستطيع أن يخفي شعوره، مهما غلب عليه طابع المجاملة، وهو إن لم يصرح بما يرى ولا يعجبه، فإنه يلمح من خلال تلك القدرة الفائقة، التي عنده، ف «كلمة بها كلام قد يؤم»، كما يقول ابن مالك، صاحب الألفية في النحو.
* الجزء الثاني نشر أول أمس الاثنين
|