لا أعتقد أن شهراً طويلاً مرَّ على مختلف الوزارات كما هو هذا الشهر.. ولن يُصاب أحدكم بالدَّهشة والاستغراب.. فالتعديل الوزاري بات قريباً.. فمن بيننا وبين بيوتنا.. ومن بين طوابيرنا «الرجالية» بالتأكيد ستخرج قامات مهيبة لتتسلم حقائب وزارية.. كلٌ وسماته ومميزاته وتخصصاته ومستوى همته وطموحاته..
.. هذا الشعور الجميل - أحسسته بالرغم من هذا الركود الذي أصاب دواوين الوزارات خلال هذا الشهر والترقُّب وعدّ الليالي والأيام والغريب أنك لو سألت عامل سنترال بسيط في إحدى الوزارات وقلت له.. ما الجديد لك؟.. لقال: إنني انتظر الاعلان الوزاري الجديد لأحدِّد وفق ذلك مشاريعي وأعمالي.. ومدة بقائي من عدمه!! «وهذه هي المهمة» وقس على ذلك وأنت صاعد إلى الأعلى.. حتى تصل إلى أبواب الوكلاء ومديري العموم.
فكل شيء مؤجَّل.. والبتُّ فيه مؤجَّل.. بالرغم من أننا نعلم علم اليقين أن الإنسان مكلَّف بالزرع والعمل مدة حياته وحتى تغرغر روحه فما بالنا بالأمور المتعلقة بتدوير الكراسي.. وتبادل الأسماء عليها.. فالمصداقية في العمل يجب أن تخرج كمعادلة حقيقية من كل هذا وعليها ألا تتورط في مثل هذه المشاعر..
ولا أريد أن أقع في التعميم..
لكنني ومن خلال عملي الذي يفرض التواصل مع جهات عدة ووزارات مختلفة وجدتني أواجه طلب التأجيل في الخوض في أمور معينة حتى اتضاح الرؤية في شهر ربيع الأول.
وكأننا نحدد رؤيتنا ونظرتنا للأشياء وفق رؤية الأشخاص المتغيرة ممن يتسنمون المقاعد الوزارية.. فالأصل هو العمل والأسماء هي المتحرك..
والحقيقة أن كثيراً من الوزراء والمسؤولين براء من ذلك.. وحتى حينما يأتون بمن يعرفون في وزاراتهم فهم في كثير من الأحيان يأتون بهم لأنهم عرفوا فيهم الكفاءة والإخلاص ولا يعني ذلك الطعن بمن لا يعرفون من الآخرين.. لكن المسألة مرتبطة فقط بالوقوف على كفاءة الشخص من المسؤول نفسه فيكون أكثر ثقة بإنفاذ خططه المستقبلية في الوزارة أو الجهة التي رشح لها كوزير..!
ويبقى أنني أرى أن الوزراء وطالما أنهم يخرجون من بين الطوابير العاملة في الوزارات وطالما أن هذه الطوابير تخرج من بيوتنا فهي إذن ليست كائنات غرائبية.. هي «منا وفينا» وليست قادمة من السماء.. كما أنها لا تملك عصوات سحرية للتغيير والتعديل بمجرد حملها الحقيبة!
فتاء التأنيث التي لا أزال أحتفل بها تشغلني برقتها وهمومها الخاصة عن اقتراف حلم مثل هذا بعد بالنسبة لها ورطة يهرب الكرى على إثرها من العيون منذ لحظة ترقب الدخول فيه وحتى لحظة ترقب الخروج منه..
فالمسؤوليات الوزارية تكليف لا تشريف إن صح القول..
لذا فحديثي اليوم لا ينسحب عليه معنى «إنني هاهنا فاذكروني ولو بعد حين» وفي اليوم الأخير لكل وزير ذاهب..
وفي اليوم ما قبل الأول لكل وزير قادم..
دعونا نقل وعلى طريقة نساء نجد العتيقات..
الله يوفق القادمين
ويحلل ويبيح الذاهبين.. اللهم آمين..
|