بعض المواضيع لا تعرف من أين تتناولها يعني ما لها مقضب. وبالتالي لا تعرف كيف تمسك بها أو تدخل عليها ولا إلى أين تتتوجه بها، لكن من حسن حظنا أن القضايا الحساسة لا يمكن أن تفر من اطارها الثقافي والأخلاقي. بعض القضايا التي تتناولها الصحف تغذ في هذا الاتجاه تعني كل الناس أي لا تعني أحداً يمكن أن تكون من اختصاص المواصلات ومن اختصاص وزارة المعارف ومن اختصاص رعاية الشباب الخ. كل هؤلاء في الوقت نفسه، وبذلك تصنف ضمن المواضيع الهلامية التي تتيه بين الناس لتصبح مجرد كلام في مقال قامت أهميته على أسلوب كاتبه «إذا كان ممتعا»، وتنتهي المشكلة عند هذا الحد، وهذا شيء خطير. أي يعني أن الموضوع طرح وتخلصت منه الجهة المسؤولة وبرأت الذمم دون أن تحل المشكلة. وفي أحيان قليلة يكون الموضوع معقداً لم تخلق الجهة التي تأخذ بناصيته فيموت حيث بدأ.
تحدث معي عزيز من أهل حائل عن قضية نموذجية من تلك القضايا التي يمكن أن تتيه وتتحول، اما إلى مناحة أو مادة ثقافية وتظل المسؤول المباشر عنها، بل ربما كانت الكتابة عنها واحدة من مصادر التضليل فيها.
عندما قرأت موضوع تسمم مياه حائل أو أجزاء من منطقة حائل «منعاً للمبالغة والتخفيف» باليورانيوم المشع وفكرت في الكتابة عن الموضوع من باب الفزعة لم أعرف كيف أتناوله لأني لا أعرف من هو قارئ الموضوع، من هو المسؤول عن ازالة التسمم الواقع على تلك المناطق من حائل؟ هل هي وزارة المياه الناشئة؟ وإذا كانت كذلك فالفرصة مواتية لأهل حائل لمناقشة الأمر مع وزير المياه نفسه الذي يزور حائل لإقامة أمسية شعرية. أظن أن مناقشة هذه القضية معه أفضل من اقامة الأمسية الشعرية. أو أن تناقش القضية على هامش الأمسية الشعرية إذا أردنا الحسنيين، ربما كان المسؤول هي وزارة الصحة ولكن وزارة الصحة ليس لها إلا «ولد قارئ» أي أن يأتي الإنسان مريضاً وتعالجه، ربما الإمارة ربما أي جهة أخرى الله أعلم.
قبل حوالي سنتين طرح هذا الموضوع في احدى الصحف وتم التعريف بخطورته أمام الرأي العام. ظننت حينها أن كل الجهات ذات العلاقة سوف تتسابق الى حائل وتتصارع على ارضها لإنهاء المشكلة، فالموضوع يثير حساسية أخلاقية في الضمير تجاه بشر من أهلنا قد يصابون بأخطر الأمراض، ولكني عرفت قبل يومين من الصديق الحايلي ألا أحد اهتم بالموضوع. اليورانيوم القاتل ما زال جزءاً من غذاء البشر والحيوان والشجر. والحديث عن القضية تجاوز الحلول العملية ليصبح شأناً ثقافياً سيتحول عما قريب الى قصص وأشعار.
كنت أسأل لماذا تقدم لنا حائل دائماً فنانين تتسم كتاباتهم بالحزن، اليوم أصبح الجواب سهلاً.
فاكس 4702164
|