Wednesday 30th april,2003 11171العدد الاربعاء 28 ,صفر 1424

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

رأي اقتصادي رأي اقتصادي
اقتراح لخفض تكلفة المعاملة التفضيلية الفئوية
د. محمد اليماني(*)

توجد في بعض المجتمعات وخاصة تلك التي تتسم بقدر كبير من التباين وعدم التجانس بين سكانها أو بوجود أقليات كانت مضطهدة في السابق برامج وأنظمة توفر معاملة تفضيلية لفئات معينة في مجموعة من المجالات مثل التوظيف والالتحاق بالجامعات والحصول على خدمات معينة.
وتهدف المعاملة التفضيلية بشكل عام إلى تحسين الوضع التنافسي للفئات المستفيدة، ومع مرور الزمن وجد أن أفراد هذه الفئات أصبحوا بشكل عام يتمتعون بمزية نسبية على من سواهم ليس بناءً على الجدارة والأهلية والتأهيل والانتاجية، وإنما بناءً على انتمائهم لفئة من الفئآت المستفيدة، الأمر الذي جعلهم يتكئون على انتمائهم الإثني أو العرقي مثلاً في سبيل الحصول على فرصة عمل أو مقعد في الجامعة أو ما شابه ذلك، وكان من نتيجة ذلك أن تدنت انتاجية ودرجة تأهيل هذه الفئات وقدراتها التنافسية الموضوعية، وأصبحوا يلجئون إلى القضاء ووسائل الإعلام في حال رفض طلباتهم وربما لأسباب موضوعية في أحيان كثيرة بحجة التمييز العنصري ضدهم وعدم احترام الأنظمة والقوانين.
وقد نشأت كمية من الآثار السلبية لهذه المزايا الممنوحة ولم تقتصر على الفئآت المستفيدة بل امتدت الى الجهات والأنشطة المطالبة بأخذها في الاعتبار وعلى الاقتصاد ككل، ونتيجة لذلك تم الغاؤها تدريجياً في حالات كثيرة، ولا شك أن الآثار السلبية للمعاملة التفضيلية تتعاظم كلما زاد عدد أفراد الفئات المستهدفة بها وزادت نسبتها إلى اجمالي عدد السكان.
وعلى الرغم من ذلك، فإنه لا يمكن بشكل كامل استبعاد أهمية وضرورة وجود شكل من أشكال المعاملات التفضيلية لفئات معينة في فترة من الفترات أو في نشاط معين أو مرحلة تنموية معينة. لكن ينبغي الأخذ في الاعتبار أنه مثلما أن لهذه المعاملات آثاراً ايجابية فإن لها آثاراً سلبية ينبغي ألا تغفل وأن تتخذ الاجراءات لتقليصها إلى أدنى حد ممكن وأن تعالج في حينها. وإلا فإنه ستتكون في المجتمع ما يمكن تسميته بضريبة ضمنية غير مادية لهذه المعاملات التفضيلية تتحملها الأطراف غير المستفيدة منها والمتضررة من وجودها، وقد يشكلون غالبية السكان، الأمر الذي يؤثر سلباً على قبولها ويولد قدراً من المقاومة لها مما يؤثر على قدرتها على تحقيق الأهداف التي وضعت من أجلها.
ومثلما أن الضرائب الجمركية الحمائية التي تفرض لحماية المنتجات المحلية من منافسة المنتجات المستوردة ليست دائمة وإلا كان لها أثار سلبية على الصناعات الوطنية والمستهلكين والاقتصاد ككل، فإن المزايا التفضيلية الممنوحة لفئات معينة ينبغي ألا تكون دائمة وذلك لايجاد الحافز لدى هذه الفئات للتطوير والاهتمام بالقضايا الموضوعية وعدم الركون إلى الانتماء كمؤهل ومعيار للمفاضلة، وإلا فإن النتيجة ستكون قريبة مما تفرزه الضرائب الجمركية الحمائية الدائمة.

* قسم الاقتصاد والعلوم الإدارية - جامعة الإمام محمد بن سعود

 

 

[للاتصال بنا] [الإعلانات] [الاشتراكات] [الأرشيف] [الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-janirah Corporation. All rights reserved