* القاهرة - مكتب الجزيرة - أحمد سيد:
لا تزال ردود الفعل في الشارع الاقتصادي المصري متأثراً بقرار الحكومة تحرير سعر صرف الجنيه أمام العملات الأجنبية وخاصة الدولار الامريكي، فشركات انتاج الأدوية ترى انها حققت خسائر كبيرة نتيجة لهذا القرار ولا سيما وانها لا تستطيع رفع أسعار منتجاتها الدوائية لمواكبة التغيرات التي صاحبت تحرير الصرف نظراً لأن الدولة ممثلة في وزارة الصحة تضع أسعاراً إجبارية على الأدوية التي تتناول داخل مصر.
«الجزيرة» التقت الدكتور زكريا جاد نقيب الصيادلة ورئيس شركة أدوية خاصة لإيضاح الحقائق في هذه القضية التي شغلت الرأى العام المصرفي طوال الأسابيع الماضية يرى نقيب الصيادلة أن الأزمة الحالية التي تفتعلها شركات الأدوية الخاصة والأجنبية هي حق يراد به باطل تريد تحريراً مطلقا للأسعار، وهذا يتنافي مع الوضع الاجتماعي للبسطاء ويهدد المرضى الفقراء لكنه يطالب بزيادة طفيفة سنويا تتواءم مع المتغيرات التي تجري في السوق المصرفي.
وأكد ان مصر ستقاطع اتحاد الصيادلة العرب حتى يتم إصلاحه وإخراج العناصر الفاسدة منه التي تتحكم في مقدراته وفيما يلي نص الحديث:
* بداية كيف ترى خروج شركات تصنيع الأدوية من أزمتها المالية بعد تحرير سعر الصرف ؟.
أولا أريد الاشارة إلى ان الشكوى من تسعير الأدوية هي شكوى قديمة قبل تحرير سعر الصرف وان هذا الوضع ليس في مصر فقط، ولكن على المستوى العالمي، فهناك دائما خلاف بين شركات انتاج الأدوية والسلطة التي تتخذ قرار التسعير، فالشركات المنتجة تميل دائما إلى تغطية أرباحها لأن ذلك يعيطها قوة للصرف على الترويح لمنتجاتها وإعداد الأبحاث والإعلانات وخلافها في حين ان الجهات التي تتحكم في الأسعار سواء كانت هيئات تأمين صحي مثل انجلترا وفرنسا أو سلطات مثل السويد وبعض الدول الأخرى ترى دائما تحديد الأسعار أو خفضها مراعاة لمواطنيها خاصة محدودي الدخل.. ويقول إن هناك مطالب لبعض الشركات المصرية قد تكوين معقولة وهي ان بعض الأدوية لم تتحرك أسعارها منذ سنوات طويلة وتحتاج هذه الأدوية لإعادة نظر في تسعيرها على ضوء المتغيرات التي طرأت طوال العقدين الماضيين، انما أيضا لاحظنا ان الأصوات العالية التي تطالب برفع الأسعار، وتمارس ضغوطاً شديدة على السلطات لتحرير الأسعار، وهذه الأصوات اعتبرها دعاوى باطلة لأن هذه الشركات تقدم ميزانيات خاسرة لأن معظمها شركات أجنبية تتبع شركات عالمية وبالتالي يرفعون التكلفة ارتفاعاً مبالغاً فيه جداً في كل المدخلات سواء كانت مادة خام أو مستلزمات وبالتالي تظهر الشركة، وكأنها الشركات العالمية، وأعتقد ان هذه النقطة مفهوم للجميع إضافة إلى ان بعض هذه الشركات لجأت لترويح في اطار المنافسة إلى اعطاء تخفيضات غريبة جدا في ممارساتها وصلت إلى قيامها ببيع بعض منتجاتها بخصم يصل إلى 50% من سعرها وأتصور أن الشركة التي تعطي خصما على مستحضر لا يمكن أن تدعى انها تحقق خسائر.. كما لاحظنا ان بعض هذه الشركات تطرح منتجاتها بأسعار مرتفعة وعندما تدخل في مناقصات سواء لوزارة الصحة أو الطلبيات الكبيرة تصل أسعار نفس منتجاتها الدوائية إلى عشر السعر المطروح في السوق، وهذا يدل على ان العملية كلها ليست شفافة وليست أمينة ولا بد من نظرة خاصة لكل شركة على حدة وكل مستحضر على حدة لاعادة النظر في تكلفة منتجات بعض هذه الشركات وهذا الوضع يجعل قضية رفع أسعار الدواء تأخذ شكلاً غير شكلها الطبيعي للأسباب السابقة كما أنه عندما تكون هناك شركة أجنبية بدون ذكر للأسماء لها عشرون عاما في السوق وتقدم ميزانية خاسرة، فلماذا استمرت طوال هذه السنوات تعمل وهي تحقق خسائر سنوية ؟! والاجابة هي ان هذه الشركات تربح أرباحاً مرتفعة ولكنها تقدم ميزانيات مخسرة لتضغط بها على السلطات، وفي نفس الوقت تتهرب من الضرائب وبعض هذه الشركات لم يسدد لخزينة الدولة مليما واحدا نتيجة للميزانيات الوهمية التي يقدمونها منذ ثلاثين عاما .
تحقيق عائد
* وماذا يكون الوضع حاليا بعد تحرير سعر الصرف ؟ .
بالطبع تحرير سعر الصرف له تأثير على شركات انتاج الأدوية اذ إن ما تحدثت عنه في البداية كان حول ما قبل تحرير الصرف لأن المكون الاجنبي في صناعة الدواء سيتأثر بعد تحرير سعر الصرف، انما هذا لا يدفعنا إلى المبالغة في هذا التأثير حيث يقول البعض ان تكلفة الدواء ارتفعت بنسبة 70% كيف ذلك ؟ وكيف جرى حساب هذه النسبة ؟، فالمكون الأجنبي في أي دواء يترواح بين 15 20% ، ولا يمكن أن يزيد عن هذه النسبة، أي الدواء الذي سعره جنيه واحد تصل تكفلته المباشرة إلى عشرين قرشا وهكذا وبالنسبة للزيادة في سعر الدلاور والتي لو افترضنا انها وصلت إلى 40% في 15 قرشا ًوهي التكلفة المباشرة لدواء معين فستكون نسبة الزيادة على سعر الصرف ما بين 6% إلى 10% زيادة في السعر. لذا نحن نقول الهؤلاء المبالغين في نسب الزيادة أن يتحدثوا ويطرحوا نسبا واقعية ومعقولة لكي يأخذوا ما هو معقول.
* وكيف ترى الخروج من هذه الاشكالية ؟.
أولاً لا بد من نظرة موضوعية للتكلفة الحقيقة للأدوية وأتصور وجود وقفة سنوية أو كل سنتين لتحقيق زيادة طفيفة في أسعار الأدوية ربما يتماشى مع الوضع العام وأنا طالبت بذلك منذ عقود، فلو كنا نزيد الأسعار بنسبة 1% سنوياً، فما كنا سنصل للوضع الراهن لأن المواطن اذا اشترى دواء بجنيهين، ثم اشتراه في العام الذي يليه بأربعة جنيهات فالطبع ستتولد مشكلة كبيرة والحل زيادة طفيفة كل عام أو عامين لأنه بالفعل هناك متغيرات سلبية على صناعة الدواء مثل الصناعات الأخرى ونحن لا نستطيع رفع أسعار الداوء واحدة للضعف لأن المواطنين لن يتحملوا ذلك والدواء مسألة أمن قومي، وهناك شيئان يدفعان المواطنين للخروج إلى الشارع رغيف الخبز والدواء.
اتحاد فاشل
* لماذا قاطعت مصر ممثلة في نقابة الصيادلة اجتماع اتحاد الصيادلة العرب الذي انعقد في الأردن الشهر الماضي رغم أن هذا الاجتماع كان مخصصا لرأب الصدع داخل الاتحاد؟.
لن نحضر أي اجتماع لاتحاد الصيادلة العرب وسيكون غيابنا دائماً لأننا نعتبر هذا الاتحاد اتحاداً فاشلاً وبه مخالفات شديدة جداً والاتحاد طوال السنوات الماضية لم يفعل شيئا ذا قيمة فسواء اجتمعوا في الأردن أو لبنان فلن نحضر.
* لا تزال هناك ردود فعل متباينة حول قرار تحرير سعر صرف الجنيه يرحب به البعض والآخرون يرفضونه فإلى أي الفريقين تنضم ؟.
أنا مع تحرير سعر الصرف لأنه سيمنع السوق السوداء للدولار ويجذب مزيداً من تحويلات المصريين وودائعهم الدولارية للبنوك، وليس إلى شركات الصرافة، وأرى ان هذه الشركات لا بد أن تقلق وكان قرار انشائها خطأ، دور هذه الشركات كان سيكون أفضل بعد استقرار سعر الدلاور، فكل شركات الصرافة في العالم تكون تعاملاتها مثل البنك لأن هناك شفافية في الأسعار المعلنة إضافة إلى ضرورة وضع ضوابط بجانب قرار تحرير الصرف خاصة فيما يتعلق بخروج العملة الصعبة خارج مصر.. في امريكا لا تسطيع ان تخرج منها بأكثر من عشرة آلاف دولار فمن باب أولى أن يكون هذا التحديد في مصر، فلا يصح أن يأخذ شخص ثلاثة ملايين من بنك ويذهب بها للخارج، كما يتم فتح اعتماد مالي لأي شيء سواء كان لاستيراد فوانيس رمضان أو لشراء آلات مصنع، وذلك حتى لا تتسرب العملة من داخل مصر، لذا أنا مع تحرير سعر الصرف لكن لا بد من وجود حزمة قرارات تضبط السوق المالي .
|