في الساحة العراقية التي تموج بمختلف التيارات السياسية وتتعدد فيها الانتماءات مطلوب كثير من الحذر في التعامل مع ما هو مطروح في سبيل الانتقال إلى المستقبل حيث تتطلع كل العناصر الموجودة إلى دور فيه.
وبينما كان رئيس الإدارة المدنية في العراق الجنرال غارنر يجتمع أمس مع زعماء عراقيين قدرت أعدادهم بالمائتين كان عشرات الآلاف يتظاهرون خارج قاعة الاجتماعات بسبب عدم تمثيل الجماعات التي ينتمون إليها أو أن التمثيل لم يكن بالحجم المطلوب.
إن الحكومة القادمة في العراق ينبغي أن يقرر شكلها ومحتواها العراقيون ذاتهم من خلال وجود دولي بإشراف الأمم المتحدة لمساعدة العراقيين في الإجراءات التنظيمية المتعلقة بالانتخابات وتوفير الأمن.
غير أن الأمر يعتمد أولاً وأخيراً على أبناء العراق ذاتهم لقيادة كل الخطوات والمراحل وصولاً إلى الحكم الوطني الذي يرتضونه والذي يمكن أن يعبر عن آمالهم وطموحاتهم ويحقق تطلعاتهم.
ولن تستطيع واشنطن أو أي عاصمة أخرى، مهما أوتيت من قوة، أن تقرأ بصورة كاملة ودقيقة ما يعتمل في نفوس العراقيين من طموحات وآمال بما في ذلك شكل الحكم الذي يرتضونه لأنفسهم.
ولهذا فإن الحكمة تقتضي أن يترك الشأن العراقي لأهل العراق فيما يتصل بالاختيار والانتخاب، غير أن مساهمة العالم مطلوبة في تهيئة الأجواء لتجري العملية الانتخابية بالطريقة التي تعكس فعلاً رغبات وخيارات العراقيين.
ولكل دولة من الدول الكبرى أجندتها الخاصة بكل منطقة وهذا هو الحال مع الولايات المتحدة فهي قطعاً تفضل جماعات دون أخرى في العراق غير أن إفصاحها عن ذلك أو محاولة فرض مرئياتها سيلحق أفدح الضرر بخيارات الشعب العراقي، ولهذا فإن من الحصافة عدم التدخل في العملية التي ستنتهي بتشكيل حكومة عراقية يتطلع إليها أبناء العراق.
|