* القاهرة مكتب الجزيرة محيي الدين سعيد:
أكد عدد من أساتذة السياسة والباحثين المصريين انه كان يمكن استخدام أوراق قوة ضغط عربية لمنع وقوع الحرب على العراق وردع الولايات المتحدة عن استخدام لغة القوة العسكرية في التعامل مع العراق واقناع الرئيس العراقي صدام حسين بالتخلي عن السلطة وتوفير الضمانات اللازمة له..
جاء ذلك ردا على تساؤل طرحه مركز القاهرة لدراسات حقوق الانسان في ندوة بعنوان «هل كان من الممكن تفادي وقوع الحرب على العراق وكارثة تدميره واحتلاله؟»
ورد الدكتور حسن نافعة أستاذ ورئيس قسم العلوم السياسية بكلية الاقتصاد والعلوم السياسية بجامعة القاهرة بأنه كان من الممكن تفادي كارثة تدمير العراق لو كان لدى العرب القدرة على القراءة الصحيحة للأهداف الاستراتيجية الامريكية ليس فقط فيما يتعلق بأهدافها في العراق ولكن في المنطقة العربية بشكل خاص وفي العالم بشكل عام وقال انه لو توافرت لدى العرب ايضا امكانية بلورة عمل عربي مشترك تستطيع من خلاله الحكومات العربية تفادي ما حدث وما هو قادم ليس من حيث الاهداف ولكن من حيث الاسلوب، أضاف نافعة ان الولايات المتحدة كان لديها اصرار على التدخل في العراق بشكل كبير موضحا ان المطلوب من الجانب العربي كان هو الضغط على أمريكا حتى تقوم باتباع سياسة اخرى غير سياسة الحرب التي خلفت آثاراً تدميرية على الشعب العراقي وعلى الأمة العربية جميعها.
واستطرد مشيرا إلى ان اهداف الولايات المتحدة تتركز بشكل اساسي في رغبتها بأن تكون لها اليد الطولى في بناء العراق بالشكل الذي تراه وهي الاهداف التي تجسد بشكل واضح بعد وصول اليمين الامريكي المتطرف إلى رأس السلطة في البيت الابيض حيث تبنى سياسة محددة لتدمير الاتحاد السوفيتي كان محورها سباق التسلح وحرب الكواكب والنفقات لدفاعية التي خصصتها الادارة الامريكية وهو ما لم يستطع الاتحاد السوفيتي مجاراته لأن حرب الكواكب كانت تعكس تقدم أمريكا عليه من حيث التكنولوجيا بما انتهى بانهيار الاتحاد السوفيتي.
وأشار نافعة إلى ان اليمين الامريكي المتطرف هو الذي استغل أحداث 11 سبتمبر 2001 في إحداث تغيير في التفكير الامريكي بالدعوة لأن تفعل أمريكا بالعالم ما تريد على اعتبار ان ذلك يمثل نوعا من الدفاع عن النفس لافتا إلى ان هذه الاحداث وقعت بعد شهور قليلة من وصول الإدارة الحالية للحكم في البيت الابيض وواكب الاحداث وصول اليمين المتطرف للحكم الاسرائيلي ايضا بما عمل على وجود بما يشبه الاتفاق بين اليمينيين في أمريكا واسرائيل معتبرا ان الولايات المتحدة كان لديها مشروع الهيمنة على العالم حتى قبل احداث سبتمبر.
قال نافعة انه لو قرأ العرب ذلك قبل وقوع الاحداث الاخيرة لاكتشفوا انهم بصدد مرحلة هجوم امريكي على واقع ثقافي وسياسي.. أكد نافعة ان العراق لم يكن هو المقصود بذاته وانما هو يرتبط بالمفهوم الاستراتيجي الامريكي الرامي للهيمنة على المنطقة، موضحا ان العراق سيحقق للادارة الامريكية هدفين في آن واحد يتمثل الاول في ان العراق دولة غنيه وبها قاعدة صناعية وبالتالي فان بتروله سيعطي الولايات المتحدة الفرصة للتحكم في التدفقات النقدية، اما الهدف الثاني فهو يصب في مصلحة اسرائيل وهو ما وضح في محاولة شارون استغلال الاحداث للانفراد بالقضية الفلسطينية.
عبر نافعة عن خيبة أمله تجاه الإدارة العربية لأزمة العراق وقال انه كان يجب على الحكومات العربية اتباع سياسة الضغط سواء على الولايات المتحدة من اجل دفعها للتراجع عن استخدام لغة القوة العسكرية في التعامل مع العراق أو على الرئيس العراقي صدام حسين من اجل اقناعه بالتخلص عن السلطة لتجنيب الشعب العراقي المخاطر التي يعاني منها ماليا.
وخلص نافعة إلى التنبيه إلى ضرورة بلورة عمل عربي مشترك لمواجهة ما يمكن ان يحدث في المستقبل.
اما الكاتب الصحفي حسين عبدالرازق الأمين لعام المساعد لحزب التجمع فقد أكد في بداية حديثه انه لم يكن في مقدرة المجتمع الدولي أو العربي أو الجامعة أو النخب السياسية أو حتى صدام حسين نفسه الحيلولة دون وقوع ما حدث أو تجنبه سيطرة اليمين الامريكي المتطرف على السياسة الأمريكية منذ مجيء بوش الصغير للحكم.
وذكر عبدالرازق ان سياسة مجموعة اليمين المتطرف تتلخص في عدم الالتزام بالقانون الدولي في حالة تعارضه مع مصالحهم مشيرا إلى ان الحقيقة الثانية تتمثل في استغلال اليمين الامريكي الحاكم لأحداث سبتمبر 2001 كذريعة للتدخل في السياسات الخارجية خاصة في المنطقة العربية التي عرف عنها الضعف وسهولة اختراق حكوماتها.
اضاف ان الحقيقة الثالثه تتمثل في انهيار الولايات المتحدة بالساحة الدولية بعد انهيار الاتحاد السوفيتي الذي أدى إلى اختلال التوازن في القوة في العالم حيث كان هذا التوازن يفرض على قيود أمريكا مدللا على ذلك بالانذار السوفيتي لأمريكا عام 1956 الذي اوقف الحرب على مصر واعطاها فرصة تأميم قناة السويس إلى جانب موقف الاتحاد السوفيتي من ازمة صواريخ.
وقال الكاتب الصحفي محمد سيد أحمد ان العالم مر خلال الفترة الاخيرة بظروف جعلت من المواجهة العسكرية للنظام العراقي السابق امرا حتميا موضحا ان من هذه الظروف سقوط النظام العالمي ثنائي القطبية بعد انهيار الاتحاد السوفيتي بما اضاف للولايات المتحدة قوة تعادل عشرة امثال ما هي عليه.. واشار إلى انه في فترة ما بعد انتهاء النظام ثنائي القطبية ظهر شعار جديد على العلاقات الدولية وهو حل الخلافات بالطرق السلمية خاصة فيما يتعلق بالقضية الفلسطينية وفي نفس الوقت ظهرت طريقة اخرى تتمثل في ازدواجية المعايير في القضية الفلسطينية من منطلق الحل السلمي في حين رأت ان القوة العسكرية هي الحل لأزمة العراق وقال انه أمام هذه الاشكالية التي تسيطر عليها القوة ظهرت مدرستان سياسيتان ترى الاولى ان التعامل مع الادارة الامريكية لا بد ان يكون في اطار الواقعية اما الثانية فترى انه لابد من المجابهة والتي تأخذ اما من المحاربة والتهم الممكن ان تأخذ شكلا من اشكال التطرف والعنف.
قال محمد سيد أحمد ان الاهداف المعلنة للحرب على العراق كانت تتلخص في امتلاكه لأسلحة الدمار الشامل واعتبرت الولايات المتحدة ذلك جريمة وقامت بشن الحرب على أساسها في حين انها لم تصل ورغم اكتمال احتلالها للعراق إلى حسم هذه الجريمة لافتاً إلى أن امتلاك اسلحة الدمار الشامل اصبح سمة من سمات التقدم العملي والتكنولوجي الذي يشهده العالم.
|