* أبها - سعيد آل جندب:
قدم نادي أبها الأدبي يوم الاثنين الماضي محاضرة تحليلية وتوثيقية عن الاعلام خلال الفترة من 15 محرم وحتى 15 صفر تحت عنوان اشكالية الاعلام في ثلاثين يوما أعد ورقتها الأستاذ علي آل عمر عسيري المستشار الاعلامي بجامعة الملك خالد وأدار الحوار ابراهيم النعمي.
وقال آل عمران ان الأوضاع التي مر بها الاعلام خلال الفترة الماضية كانت مختلفة ومتطورة بكل المقاييس اتسمت بالحرفية العالية التي شابها بعض الأحيان التسرع بدون تثبت وأصبح الاعلام فيها بين جزءين أحدهما مع الغزو الانجلوأمريكي والآخر مع العراق.
وقد ألجم من كان يرى ان المحاضر لن يقدم الجديد فلقد وظف خبرته للتعامل مع وسائل الاعلام في رصد منطقي علمي بل واكب رصده جميع الأحداث بصورة حقيقية. ورأى آل عمر في محاضرته ان الاهتمام بالاعلام السياسي والعسكري في أمريكا ليس جديدا فهو بند من بنود العمل في البنتاغون منذ أمد بعيد ولكنه يركز على الأمور الداخلية أكثر من الخارجية ولم يكن ملحقاً بوكالة الاستخبارات الأمريكية إلا في عهود قريبة ويكفي ان الرئيس السادس عشر لأمريكا «ابراهيم لنكولن قد اختار عام 1860 أحد أبرز مساعدي وزير الحرب ليكون محرراً تنفيذيا لصحيفة نيويورك تريبون وحمله مسؤولية احاطة الجمهور بتطورات الحرب الأهلية التي اشتعلت في أمريكا آنذاك».
وأضاف: لقد بدأت حرب الاعلام والبارود وكانت المهلة لصدام وابنيه «48» ساعة وهو وقت ضيق جداً.
ومع المهلة والإنتهاء منها انتفل الاعلام قبل شرائحه فوصل الى الكويت والأردن وقطر والعراق جيوش اعلامية حيث وصل الى الأردن 900 صحفي وفني واداري يمثلون أكثر من 40 محطة تلفزة ووكالة أنباء عالمية وقد أعد لهم 30 مكتبا صحفيا.
600 صحفي كما تقول «الواشنطن بوست» ومنهم من كان مستقلاً في داخل العراق بلغ عددهم عشرات الصحفيين ووكالات وفضائيات وقدمت لهم وزارة الاعلام العراقية تسهيلات كبيرة.
وأشار انه مع بداية الحرب بدأت وسائل الاعلام بآراء مختلفة وكانت أكثر من 20 قناة عربية تنقل بداية الغزو مباشرة، وكانت قناة الجزيرة أول من نقل بداية الضربة الأمريكية على العراق مثلها مثل قناة «أل.بي. سي» اللبنانية وبعدها بخمس دقائق قامت شبكة C.N.Nبنقل الخبر العاجل تلتها هيئة الاذاعة البريطانية B.B.C واعتمدت 16 قناة عربية أخرى في بثها على خدمة رويترز التلفزيونية.
وأشار المحاضر الى التنافس المثير بين القنوات ومنها القنوات العربية الخليجية وهناك قنوات طردت خارج السرب تماماً إما بالعبث الغنائي أو بالمسلسلات الباردة والتركير على الأغاني في حين كانت مدينة الرشيد تشرق بالدماء والدموع وكان العراقيون المحرومون من البث الفضائي يستفيدون من قناة العالم الايرانية التي كانت راضية لدرجة أنها أعلنت سقوط بغداد قبل القنوات الأمريكية.
وأكد المحاضر ان القنوات تفاعلت مع الحدث ولكن كانت شبكة رويترز الاخبارية الأوسع تغطية والأكثر انتشارا، وفي بريطانيا تنافست قنوات عديدة مثل B.B.C وسكانيوز وSKG.O الجديدة.
وألمح ان من المفارقات العجيبة ان وسائل الاعلام الصينية شاركت في خطوة غير مسبوقة بتغطية شاملة للحرب.
حيث قام التلفزيون الصيني CCTV بنقل قصف قصور بغداد على الرغم من عدم تغطيتها لحرب الخليج الثانية على الاطلاق وهو مثار تساؤل.
وليس هذا فحسب فالصحافة كانت السجل التوثيقي للأزمة وكانت الوعاء الذي حفظ الرأي والرأي الآخر.
كما كان للاذاعة دور كبير وكانت بديلا جيداً للمسافرين ولمن يعانون من عدم استقبال القنوات الأرضية.
وكان لصوت أمريكا ومونت كارلو ولندن بي بي سي إلخ حضور واسع في أذان المستمع العربي.
كما لعبت وسائل الاعلام الأخرى دوراً اعلامياً مماثلاً مثل الإنترنت والجوال الحامل لخاصية الاذاعة ونقل الرسائل والتعليقات والشائعات.
إلا أن أحدث وسائل الاعلام الموجه كانت المنشورات التي استخدمها الأمريكيون ضمن حملتهم على العراق بعد النجاح الذي حققته في أفغانستان وقد بثت رويترز ان الجيش الأمريكي يبث ما يقارب مليوني منشور استهدفت 29 موقعاً عسكرياً ومدنياً في بداية الحملة وعند انطلاقة الحرب ما يزيد على 17 مليون منشور كتبت بالعربية والانجليزية.
وعوداً الى الصحافة فقد كانت أكثر رزانة في الاعلام المرئي وأوسع معلومات وأقرب الى معلومة الواقع وذلك للفارق الزمني فقد كانت الصحافة تتحقق من المعلومة وتنتقي المفيد وتوائم بما تتصفحه وكالات الأنباء وما يعرض عبر الشاشات.
كما تحدث المحاضر عن الكتابات والتحليلات الصحفية في الصحف العربية والأجنبية والمؤتمرات الصحفية ومنها مؤتمرات «رامسفيلد» و«تومي فرانكس» و«توني بلير» و«بركس» وضجة مؤتمر وزير الإعلام العراقي «محمد سعيد الصحاف» وما أثاره في استخدامه لكل عبارات رذيلة تجاه الخصوم.
وذهب المحاضر الى مقالات نشرت في الاعلام الأمريكي العسكري حيث أشارت أنباء في جريدة نيويورك تايمز بهدف التأثير على الرأي العام من جهة وعلى صناع السياسة في البلدان الصديقة والمحايدة.
كما أشار آل عمر الى تأثير التعتيم الاعلامي وطمس الحقائق في الاعلام الأمريكي والذي أثر كثيراً على رؤية المشاهدين وتوجه تفكيرهم نظراً لارتباط القنوات التي يتلقونها بالاعلام الأمريكي من خلال «خدمات رويترز وCNN» وغيرها.
ثم تحدث المحاضر عما يلاقيه الاعلاميون في الحرب ومنها حرب العراق مثل ما تعرض له مكتبا الجزيرة وأبوظبي في فندق فلسطين ليثير عدة اشكاليات من أهمها موقف الأمريكيين والبريطانيين من الاعلام المحايد أو غير المتعاطف مع حربهم ضد العراق.
وما تعرض له الاعلام من الرصاص الطائش والمواجهة على السواء مما نتج عنه خسائر في وسائل الاعلام والكفاءات المدربة والمؤهلة ونتج عنها ارتفاع التأمين على المراسلين مقابل هذه الأخطار وخاصة بعد مجزرة الاعلاميين والذي نتج عنه مقتل ثلاثة صحافيين ومنهم طارق أيوب مراسل الجزيرة ومصور رويترز ومصور شبكة تيلي ثينكو.
وقال ان القتلى من الصحافيين العالميين في العراق يمثل نصف عدد الذين لقوا حتفهم في الأشهر القليلة المنصرمة خلال عام 2003م وقد بلغ عدد القتلى خلال العشر سنوات الأخيرة من الصحفيين داخل بلدانهم أو في أعمال ميدانية 366 صحفيا وان 94% منهم لا يعرف القاتل أو دوافع القتل وكان آخرهم المصور الفلسطيني «نزيه دروزه» الذي قتل على يدي القوات الاسرائيلية يوم السبت 17/2/1424هـ.
ثم بدأت مداخلات الحضور بدأها الزميل أحمد النبهاني رئيس تحرير مجلة المفتاحة الثقافية ورأى ان هذه المحاضرة كانت افرازاً لعقولنا التي لم تطرب صحفنا.. مؤكداً ان خبرات مصر والشام لم تشفع لهم في ظل اعلام النفط فقد فاق التلاميذ أساتذتهم، وطالب الدكتور عبدالله السليمان بالنظر في طباعة المحاضرة.. فيما تساءل المهندس عبدالهادي النعمي عن سبب سقوط بغداد من ناحية المنظور فأكد آل عمر ان الموضوع استهلك طويلاً.
وفي سؤال للدكتور عبدالله الحميد عن ترويض الشعب العراقي تحت الاحتلال أم أنهم سيقومون بأعمال انتحارية فأجاب آل عمر ان حضارة العراق 10000 سنة اجتازت عشرات الحملات النازية وعادت منكسرة مثل البابليين والآشوريين والفرس والانجليز فهي أرض عجيبة ولود من الامكانات والعقول.
ثم دخل أحمد الشايع بسؤال عن سبب تجاهل ما حدث للمتحف الاسلامي بالعراق فأشار المحاضر أن الحديث عن الاعلام ولكن من الممكن ان يوجه هذا المسؤول للأمريكان والانجليز ولماذا لم يحموا هذا المتحف.
|