منذ أكثر من مائة عام، يوم كان عمري ثلاثة أيام، كنت أقرأ وأتصفح بعض الجرائد اليومية الذائعة الصيت والشهرة في تلك الايام، مع أن الجرائد والحبر والأقلام لم تكن متوفرة لأي كان وفي أي مكان، فما بالكم عن الأدوية في ذلك الزمان، فلا دواء ولا استشفاء إلا من رحم ربي. وأذكر أني قرأت في إحدى الجرائد عن إعلان لعلاج الأمراض الجلدية عند الإنسان وسأقوم أعزائي الآن بسرد ذلك الإعلان الذي قرأته من زمان آمل ألا يزعل مني أي إنسان، لأن ما أكتب ليس من بنات أفكاري، ولكن هذا ما قرأته لكم في صحيفة ذلك الزمان، آمل أن أنقله لكم بكل أمان وهو:
تعلن المجموعة الطبية الدولية الدوائية المختصة في علاج الأمراض الجلدية ليمتد جروب أنه بعد ان وفينا بعهودنا ووفرنا لكم خلال الأعوام السابقة (الخلطات) الطبية السحرية لعلاج البشرة الجلدية، في المشاغل النسائية، والأماكن الترفيهية، ولدى الحلاقين والصالونات، والبائعات المتجولات، في الحدائق والمنتزهات وفي جميع الصيدليات والبقالات، أزف لكم بشرى توفر منتجاتنا في السوق المحلية، وبأسعار مغرية وتتكون المجموعة مما يلي:
زيت دماغ الثور الإسباني لإزالة تجاعيد الوجه.
مسحوق قرن الغزال الأفريقي لتفتيح لون البشرة.
منقوع عظم الكنغر الأسترالي لتنعيم خشونة الكوعين والركبتين
محلول التنين الصيني لعلاج شيخوخة الجلد وسنفرة الوجه والجسم.
دموع الفيل التايلاندي لتطويل الشعر المتقصف.
خلاصة ذيل ثعبان الكوبرا الهندي لعلاج الصدفية والبهاق.
معجون حدبة الجاموس الفيلبيني لتنعيم الشعر المتجعد.
بودرة أظافر الدب الروسي لتطويل الأظافر
صفوة الحناء النقي الباكستاني لإحياء الشعر الباهت.
مستخلص الطحالب العشبية الأمريكية والمحضر لكم خصيصا من ضفاف نهر المسيسبي لعلاج السمرة حول العيون.
واخيراً قنبلة الموسم: استطعنا وبعد جهود مضنية أن نحضر لكم من البحر الميت (الذي لا أسماك فيه) مطحون أسماك البحر الميت لإزالة الشعر نهائياً.
ونخبركم بأن جميع هذه المستحضرات محضرة من الأعشاب والنباتات والطحالب والحيوانات فهي طبيعية 100% فما عليك إلا أن تدخل يدك في جيبك ولا تخرجها خاوية لشراء هذه الأدوية لعلاج جميع الأمراض الجلدية المستعصية ونتمنى لكم دوام الصحة والعافية. اسرع اسرع قبل نفاد الكمية وتفضلوا بزيارة موقعنا على الانترنت: بيع خرابيط، اجمع فلوس، دوت نص كم.
رئيس مجلس الإدارة
بياع بن مفلس بن فلوس الدراهمي
لقد انتهى الإعلان الذي قرأته في ذلك الزمان، وأنا اليوم لست في الأحلام فعيني لا تنام، وعمري سنوات وعدة أيام، وما زلت أقرأ الكثير الكثير من شاكلة هذا الإعلان، مع أنه لا مجال لمقارنة هذا اليوم بأيام زمان، فالصحف في أحسن حال، والجيب ملآن ملآن، وليس بحاجة إلى إعلان والتطور والتحضر والتنوع الدوائي غطى كل مكان، إذاً من الذي يلام؟ الجرائد لا تلام، الإعلام لا يلام، ولكن الذي يلام هم العاملون في هذا المقام، والنائمون على ريش النعام.
بربكم ما العمل يا سادة يا كرام؟ أحديثي هذا كلام في كلام؟ أم أنه يحتاج إلى وقفة تأمل وتفكر ودراسة وتمحيص، ثم تقولون: آه يا سلام يا سلام هذا هو لب الكلام، وعليكم يا سادتي السلام.
(*)عيادات ديرما الرياض
|