Monday 28th april,2003 11169العدد الأثنين 26 ,صفر 1424

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

ما هي العلاقة بين الحالة النفسية والبهاق؟ ما هي العلاقة بين الحالة النفسية والبهاق؟
د. محمد عماد عيطة(*)

  يعزو الكثير من مرضى البهاق بداية المرض لديهم لحادثة أو حالة نفسية حصلت لهم ومن ثم أدت إلى ظهور البهاق، فهل لهذا الأمر تفسير وهل من الصحيح قول ذلك؟
من وجهة النظر العلمية فإن العديد من الدراسات تظهر دور الانفعالات والحالة النفسية في الأمراض المختلفة ولكن لا يمكن الإقرار بأن التأثيرات النفسية هي الشرارة التي تؤدي لظهور المرض بصورة عامة. ومن الواضح ان للتوترات النفسية الدور الأكبر ليس في التحريض لظهور المرض بل بالأخص في زيادته واشتداده.
وعندما نتحدث عن البهاق نتحدث عن الجلد، ومن المعروف ان للجلد اهمية خاصة ومميزة في حياة الإنسان فهو العضو الأكبر في الجسم وعند معرفتنا بالوظائف العديدة والمهام الكثيرة والدور العام الذي يقوم به الجلد ونتيجة لارتباطه الوثيق مع الجهاز العصبي نجد ما يفسر لنا الآلية التي تقوم بها الحالة النفسية في التحريض على ظهور البهاق أو اشتداده.
فما هي الوظائف التي يقوم بها الجلد؟
1 يعتبر الجلد عنصر التماس الأول مع العالم الخارجي بكل ما فيه فهو مرآة الجسم التي تنعكس عليها أساريره وما يختلج بداخل الإنسان من مشاعر وأحاسيس ومن هنا كان الاهتمام المستمر على مدى العصور بمظهر الجلد وجماله، فنقاء البشرة وجمالها ينعكس على نفسية الإنسان وعلى حياته بشكل عام.
2 إنه خط الدفاع الأول فهو يعمل كحاجز يحمي الجسم من الأذيات الخارجية والعوامل المؤذية المحيطة بالإنسان.
3 يساعد في التنظيم الحراري للجسم ويحافظ على السوائل ويمنع التجفاف.
4 يحمي الجسم من غزو العناصر الممرضة الخارجية كالجراثيم والطفيليات وغيرها.
5 يلعب دوراً في تزويد الجسم بالفيتامين (د) عن طريق تصنيعه من مادة الكولسترول تحت تأثير الأشعة فوق البنفسجية.
6 إن وجود مادة الميلانين في الجلد تحميه من التأثير الضار للأشعة فوق البنفسجية عن طريق ازدياد اسمرار الجلد بعد التعرض للشمس.
7 إن احتواء الجلد على مجموعة هائلة من العناصر الحسية والتي تعمل على استدراك المحسسات الخارجية المختلفة من حرارة وبرودة، والإحساس بالألم، كل ذلك يساعد على حماية الجسم من الأذيات المختلفة.
8 ولا تنس الدور الجمالي للجلد وانعكاسه كما ذكرنا على مشاعر الإنسان ونشاطات حياته المختلفة، والسؤال الذي يطرح نفسه هو كيف يمكن للتوتر والانفعالات النفسية ان تؤثر على الجلد عند مرض البهاق؟
الإجابة على هذا السؤال تنطلق من اعتبارات مختلفة:
1 إن منشأ الجلد والجهاز العصبي في المرحلة الجنينية يعود إلى اصل واحد وهذا هو احد الأسباب التي تدل على تأثر الجلد بالانفعالات النفسية والعواطف بشكل سلبي أو ايجابي.
2 ومن معرفتنا بأن للجلد اهمية نفسية كبيرة في جميع مراحل العمر فهو عضو التعبير العاطفي والمرآة التي تظهر عليها ملامح السعادة والقلق.
3 والمعرفة بأن البهاق هو من الأمراض المناعية الذاتية، ونظراً للعلاقة الوثيقة والتفاعل المتبادل بين الجهاز العصبي والجهاز المناعي حيث يقوم الجهاز العصبي بتنظيم عمل الجهاز المناعي، كل ما سبق يفسر لنا ان هذا النوع من الأمراض المناعية قد يتأثر بالعوامل العاطفية والانفعالات النفسية.
ولقد تم الآن التحقق من ان الاضطرابات النفسية الحادة والمزمنة لها تأثير كابح على المناعة وبالتالي تؤثر على البهاق بشكل غير مباشر وإن تنمية شعور الثقة بالنفس والتفاؤل بالحياة ومحاولة التأقلم مع المرض يساعد في التخفيف من الأثر السلبي الذي تمارسه الانفعالات على الجهاز المناعي.
ولا ننسى ان نذكر ان التوتر النفسي الحاصل ليس السبب في حدوث البهاق فإننا إذا سلمنا بذلك نكون قد وقعنا في خطأ كبير، فليس هناك على وجه البسيطة من لم يتعرض لانفعال أو حالة نفسية سيئة في احد مراحل حياته ولو كانت الانفعالات النفسية هي سبب البهاق لكان جميع الناس مصابين بالمرض والذي ينفي ذلك ايضا ظهور البهاق عند الأطفال والصغار وليس من المعقول لطفل صغير لم يتعرف على الحياة جيداً بعد ان يصاب بانفعال أو توتر نفسي يمكن ان نعزو ظهور البهاق إليه.
ولكن للحالة النفسية دور وآثر واضح في ازدياد سوء واشتداد وطأة البهاق بعد ظهوره وانعكاس الأذية الجمالية والاختلاف اللوني الذي يسببه على نفسية الإنسان.
ولكن كيف نسيطر على انفعالاتنا النفسية عند الإصابة بالبهاق؟
إن محاولة التكيف والتأقلم مع الحياة وإنشاء الصورة الواضحة والتفاؤلية للمستقبل تعزز من مناعة الجسم وبالنتيجة تساهم في السيطرة على البهاق.
إن التدبير الملائم وحسن التعامل مع الظروف المختلفة ومصاعب الحياة من الأمور الهامة، والاستراتيجية التي يتم من خلالها السيطرة على انفعالاتنا النفسية ويجب ان نأخذ بعين الاعتبار الأمور التالية:
1 يجب ان تنظر بعين فاحصة لتستطيع تحديد الأمور والأحداث التي تسبب الانزعاج لك وان تلاحظ الانعكاسات السلبية والانفعالات التي تطرأ عليك من جراء ذلك.
2 انتبه للأمور التي تؤثر عليك وحاول مجابهتها بدلاً من تجاهلها، وعند معرفتك للعوامل التي تثير انفعالك قم بالابتعاد عنها واسأل نفسك لماذا اعرض نفسي لها؟
3 حدد الأمور التي بإمكانك تغييرها وتخلص منها واحذفها من حياتك بشكل كامل وعند تعذر ذلك حاول التقليل منها قدر الإمكان.
4 حاول تعديل الأجواء والظروف التي تجعلك متوتراً وسيطر على حدة انفعالاتك وانعكاسك للعوامل المزعجة.
5 مارس الهوايات والنشاطات المختلفة واستخدم وسائل الاسترخاء المتوفرة، وتناول الأدوية الموصوفة من قبل الطبيب.
6 اعتن بالرياضيات المختلفة واجعلها من الروتين اليومي الذي تقوم به، احرص على تناول حمية غذائية متوازية، واحرص على ان تبقي وزنك ضمن الحدود الطبيعية، وتجنت التدخين وشرب القهوة بكميات زائدة وكذلك المنبهات الأخرى.
7 حاول السيطرة على حركات تنفسك وتعوّد اخذ نفس بطيء وعميق فهذا له دور كبير في تهدئة الجسم والسيطرة على الانفعال.
8 خذ قسطاً من الراحة في فترة العمل ولا تجعل عملك مستمراً ومملاً، واعتد على أخذ قسط كافٍ من النوم.
9 حاول إنشاء صداقات جديدة مع الآخرين وناقش حالتك معهم واجعلهم مقربين إليك. وحدد أهدافاً لمسيرة حياتك وحاول جاهداً لتحقيقها، اجعل لحياتك معنى.
10 كن لطيفاً مع ذاتك.. محترماً ومقدراً لها، وابعث في داخلك الإحساس بالثقة، كن اكثر الأصدقاء قرباً من نفسك وحاول أن تسيرها وتعرف عنها المزيد ولا تجعلها عدوة لك.
11 ضع في حياتك ان الفشل في بعض الأمور هو من صلب الحياة وحاول التعلم من أخطائك.
12 اجمع ما تستطيعه من المعلومات عن مرضك والعلاجات المختلفة حتى تمتلك الذخيرة المعلوماتية التي تشرحها للآخرين.
13 حاول الانخراط مع المجتمع ولا تبتعد عن الناس. فابتعادك عنهم يعزز الأثر السلبي للمرض على حياتك ويسيء لنفسيتك وللعلاج.
14 إذا كنت في شك حول إمكانية التأقلم مع الصعوبات والعوامل المزعجة فابحث عن الدعم المناسب من ذوي الاختصاص.

(*)اخصائي الأمراض الجلدية

 

 

[للاتصال بنا] [الإعلانات] [الاشتراكات] [الأرشيف] [الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-janirah Corporation. All rights reserved