نموذج الزبيدي

تحتم جملة وقائع متشابهة على الساحة العراقية ضرورة التعجيل بإقامة الحكم الوطني ويُخشى أن يُغري فراغ السلطة على المستويات المحلية والمركزية بعض الشخصيات على ترسيخ نفسها في مواقع اختارتها هي ذاتها لنفسها وفي الذهن دائماً تجربة محمد محسن الزبيدي الذي نَصَّب نفسه رئيساً لبلدية بغداد لكن ادارة الحاكم الأمريكي غارنر تجاهلته أمس عندما اجتمع مسؤولون فيها للبحث في أوضاع المياه والكهرباء بالعاصمة العراقية وفضلت الاستعانة بمسؤولين من النظام السابق.
وفي مدينة الكوت القريبة من الحدود الايرانية مع العراق هناك نموذج آخر للزبيدي.. ولا يُعرف الكيفية التي تسنى بها لهؤلاء الحصول على هذه الحقوق الوظيفية والتي ستتبعها بطبيعة الحال مزايا سيادية إن استطاعوا التشبث بمناصبهم.. ويظل كل شيء في العراق في طور التكوين بعد الحرب التي أحدثت هزة عنيفة بتلك البلاد.. وسيعمل الفراغ في السلطة على إغراء الكثيرين على ملئه، فالمناصب الشاغرة كثيرة ليس في بغداد فقط ولكن أيضاً في الأقاليم البعيدة..
كما أن استمرار القوات الأجنبية في احتلال العراق لفترة أطول سيحفز بعض العراقيين إلى التقدم لملء المناصب إذ إنهم يرون أنهم أحق بها من الاحتلال..
وهكذا فإن الحاجة تبدو ملحَّة للتعجيل بإقامة الحكم الوطني الذي بإمكانه تمثيل العراقيين كافة، ولعل البداية تكون بحكومة وطنية انتقالية تعكس كامل ألوان الطيف السياسي والديني والعرقي وتكون أقدر على تهيئة البلاد للحكم الوطني الكامل بعد إجراء الانتخابات.
ومن المهم دائماً التقدير الصائب والحكيم لما يعتمل في نفوس العراقيين من توقٍ شديد لتقرير مصير بلادهم وحكم أنفسهم بأنفسهم، وهم سيشعرون بمرارة مع استمرار الاحتلال ومع ظهور شخصيات لم يكلفها أحد ولا تحظى بالتأييد لتتولى مسؤوليات مهمَّة مثل الزبيدي الذي أدّعى أنه انتخب من قِبل علماء دين وأكاديميين وكُتَّاب لكنه لم يقل متى حدث ذلك..
إن قطع الطريق أمام مثل هذه المغامرات التي قد تنتهي إلى فرض أمر واقع، سيكون فقط بإعلان العزم على إقامة حكومة وطنية في أقرب وقت.