* الكويت - وارن ريتشي:(*)
كان جمال العطار في السادسة والعشرين من عمره حين اختطفته المخابرات العراقية من الشارع للتحقيق. اتهم جمال بكونه من أفراد المقاومة الكويتية للغزو بعدئذ جرى وضعه داخل شاحنة مع عشرات الكويتيين الآخرين كانت تلك آخر مرة شوهد فيها.
اليوم، سيكون جمال قد بلغ الثامنة والثلاثين من عمره وأنفق ثلث عمره في سجن عراقي، يقول عبد الحميد العطار والد جمال: يتعين علي القول بأنني آمل في أنه لا يزال حيا، آمل أن يكون جميع الأسرى أحياء، لكن يجب علي أن أكون أمينا مع نفسي، إنني لست متفائلا لذلك الحد.
في الوقت الذي تواصل فيه الولايات المتحدة احتفالها بالاسترجاع السريع والآمن لثمانية من أسرى الحرب الأمريكيين في العراق، فإن أسر نحو 600 من أسرى الحرب الكويتيين الذين أخذتهم القوات العراقية في عام 1990 لا تزال تنتظر حتى معلومة حول أوضاع أحبائها.
تعرض الكويت مليون دولار لأي شخص يقدم معلومات ترشد للكشف عن أسراها. ويعمل فريق من المحققين الكويتيين بتنسيق مع القوات الأمريكية والبريطانية في العراق لتحديد مكان الأسرى.
جلبت الجائزة المالية مئات الإرشاديات المحتملة غير أن أيا من هذه الإرشاديات لم تثبت صحتها أو فائدتها حتى الآن على الرغم من أنه ليس واضحا ما إن كان الكويتيين المفقودين لا يزالون أحياء.
فإن معظم أفراد الأسر وعدد كبير من الكويتيين الآخرين يعتقدون بأنهم أحياء. تقول سارة التي فقدت إحدى صديقاتها فردا من أسرتها. لا بد أن يكون هناك أحياء من بين الأسرى البالغ عددهم 605.
ويؤكد فواز بوريسلي الذي يعمل بوزارة الإعلام الكويتية: لا بد أنهم في مكان ما من العراق، توجد هناك العديد من السجون والأنفاق.يتمثل أحد أسباب القلق الرئيسية لأفراد الأسر في أن الرحيل السريع لنظام صدام حسين ربما يكون وضع أحباءهم أمام خطر أكبر. لو أن أسرى الحرب الكويتيين كانوا محتجزين في سجون سرية تحت الأرض وفر الحراس للنجاة من القوات الأمريكية فمن المحتمل أن يكون الأسرى قد تركوا في زنزاناتهم دون طعام وماء. كما لو أنه ليس لديهم ما يكفي من القلق يتعين على أفراد الأسر أيضا أن يواجهوا التقارير الصحفية الخاطئة والقائمة على التخمين.
مؤخرا بثت محطة تلفاز خليجية خبرا يقول إن 18 كويتيا محتجزون في أحد سراديب بغداد انتشرالخبر على امتداد الكويت كعاصفة رملية عنيفة هرع أفراد الأسر نحو اللجنة الوطنية الكويتية للمفقودين وأسرى الحرب وأبقى المئات غيرهم خطوط الهاتف في حالة شلل، ليعلموا بعد ذلك أن الخبر كاذب، ليس من المتوقع أن تتوقف مثل هذه الأخبار في وقت قريب.
فقد نشرت صحيفة في الكويت صورة رجل تم العثور عليه في مستشفى عراقي للأمراض النفسية. قيل إن الرجل جندي كويتي وأنه واحد من الـ605 أسير غير أن بعض أقارب الرجل تشككوا في أن أن تكون الصورة المنشورة له.
يقول العطار: من الصعب معرفة ما إن كان هو الشخص المقصود إذ إن صاحب الصورة يبدو أكبر سنا لكن والدته تقول: نعم إنه ابني، قالت المرأة بوجود ندبة على حاجب الرجل وأن ابنها كانت لديه ندبة مشابهة. كان كثيرون من أفراد الأسر الكويتية يتوقعون بشغف أنه بمجرد انهيار نظام صدام حسين سيكون الأسرى الكويتيون في طريقهم للوطن، لم يحدث ذلك الأمر. يقول العطار إن قضية أسرى الحرب الكويتيين ربما تكون شبيهة ببحث الولايات المتحدة عن أسلحة الدمار الشامل العراقية، إن العراقيين وحدهم هم الذين يعرفون مخابئ الأسرار العراقية وهم في وضع أفضل للمساعدة في الكشف عن هذه الأسرار. يقول العطار من دون مساعدة العراقيين لن نستطيع العثور على أحبائنا، نحن في حاجة لكي نساعد اولئك الضباط الذين كانوا يقومون بحراسة الأسرى، لكن معظمهم يهيمون الآن على وجوههم.
يضيف العطار لو فشلنا في ذلك فهنالك ثلاثة عراقيين يمكنهم حل غموض أسرى الحرب الكويتيين: صدام حسين وولداه عدي وقصي. اولئك الثلاثة لهم القدرة على إخبارنا كما يقول.
إن الأمر الأكثر صعوبة، كما يقول أفراد الأسر، هو عدم معرفة ما إن كان أحباؤهم على قيد الحياة، لقد ازداد الوضع سوءا بسبب التغطية التلفزيونية المكثفة عن سجون العراق وروايات المعتقلين السياسيين السابقين في العراق التي تورد تفاصيل أعمال الضرب والتعذيب التي كانوا يتعرضون لها أثناء الاعتقال.
لو أن صدام حسين فعل هذا بشعبه فقد تلقى الكويتيون ما هو أسوأ كما يقول أفراد الأسر.
يقول علي مراد من اللجنة الوطنية الكويتية للمفقودين وأسرى الحرب نتمنى أن يكونوا جميعا أحياء وأن يعودوا إلى الكويت قريباً إذا لم يحدث ذلك فينبغي أن تعرف أسرهم الحقيقة. يوافقه في ذلك العطار الذي يقول قبل خمس أو ست سنوات كنا نصر على كونهم أحياء وأن على العراقيين إعادتهم للكويت أحياء، الآن تغير حالنا. نقول إنه ينبغي لنا أن نعرف ما إن كانوا موتى أو أحياء ولا يمكننا القبول بأنهم مفقودون.
(*)خدمة كريستيان ساينس مونيتور - خاص ب«الجزيرة»
|