* الناصرية بن ارنولدي : (*)
يرتدي عبده الصغير بنطال جينز أخضر اللون. إنه طفل صغير السن يتحدث العربية بالكاد. ولا يعرف شيئاً من الإنجليزية غير أنه مع ذلك يستطيع التواصل مع رفاقه الجدد إنه يبسط قبضته. ويقوم أحد جنود المارينز بوضع قبضته فوق قبضة عبده. يتبادل عبده الدور مع الجندي. ثم يقوم كل منهما بمواجهة قبضة الآخر ويبتسمان يقول راندي بيرنز جندي المدفعية التابع لوحدة الاستطلاع بالمارينز: «لقد قمنا بتعليمهم هذه اللعبة قبل أيام والآن انتشرت اللعبة في كل أرجاء المدينة». وقد انتهى القتال يحاول جنود المارينز بوحدة الاستطلاع الخامسة عشرة في مدينة الناصرية المبادأة بتعليم صبية المدينة إسلوبا جديدا للتعبير عن الصداقة يبدو أن هؤلاء السفراء الأوائل قد وفروا للولايات المتحدة بعض النوايا الحسنة خلال فترة انتقال صعبة من الحرب إلى المجتمع المدني، مايزال التيار الكهربائي مقطوعاً في معظم أنحاء المدينة. وتشح كميات الدواء غير أن المارينز قاموا بتركيب نظام لتنقية المياه على نهر الفرات لتوفير مياه صالحة للشرب، بدأ فنييو البحرية الأمريكية في إجراء إصلاحات مؤقتة في المرافق والخطوط والمباني في المدينة، كما وفر وجود القوات الأمريكية الأمن للمدينة بالقدر الذي يسمح بعودة المجموعات الأولى من منظمات الإغاثة على امتداد الأسبوعين الماضيين. أصبح جنود المارينز المتمركزين في جامعة المدينة على معرفة جيدة بجيرانهم عندما يقول المارينز «ذلك هو أسامة». فإنهم لا يتحدثون عن ابن لادن ولكن عن طفل في الشارع إنهم يشيرون إلى والد أسامة وشقيقه. يتلهف السكان على تعلم الأسماء يستمتع جنود المارينز بمنزلة «نجوم الروك» هنا ويطلب الأطفال من الجنود توقيعاتهم على أياديهم وأذرعتهم، الصبايا اللائي كن يبدين الخجل في أول الأمر، بدأن في تقديم باقات وأكاليل الورد للجنود يقول الرقيب نيك غوثري «لقد حظينا هنا بشكر يفوق بكثير ما نحصل عليه في الوطن». بينما يقول الجنود في الغالب إنهم لا يحبون مهام ترتيب الأوضاع ما بعد القتال. فإن هؤلاء الجنود يستمتعون بالصلات التي يقيمونها وهم يحاولون إعادة الحياة للمدينة. ظلت المدارس معطلة منذ بدء الحرب وكان ذلك مصير المحلات التجارية ودواوين الحكومة يقول الجندي بيرنز: «المدينة بأكملها متوقفة عن العمل لبعض الوقت». إن توقف الأعمال بالمدينة قد دفع بكثير من الناس للتجول في الشوارع. «حين جئنا هنا أول مرة غمرنا أهل المدينة بالعطف. «لقد أحكم الجنود الاستحواذ على المدينة أو كادوا حين دنت منهم امراة حبلى التماسا للعون قام المارينز بنقلها إلى مستشفى ميداني في الوقت المناسب لكي تضع مولودها حاولوا أن يطلقوا عليه اسم حرية غير أن محاولتهم لم تفلح. يوما بعد يوم تبدأ مؤشرات الحياة الطبيعية في العودة للمدينة في السابق كانت أعداد الناس الذين يتجولون في الطرقات دونما هدف أقل من المألوف. وكان جلهم يحاول الحصول على حاجياته. بدت حديقة مجاورة للترفيه مغلقة إن الحديقة والجامعة معا من بين الأماكن القليلة التي ينمو فيها العشب. من الواضح أن المنطقة المحيطة بهما من بين أكثر مناطق المدينة ثراء إن المعمار الحديث ومنظر أشجار النخيل يشيران إلى ماض من الثراء في العراق. يقول ابو أحمد وهو تاجر سيارات يسكن بالقرب من الجامعة: «نحن لسنا مثل إحدى الدول الإفريقية كالصومال». وهو يقول إن العراق بلد غني غير أن الثروة جرى تبديدها في الحروب إنه يأمل كألمانيا واليابان بعد الحرب أن تتجه الحكومة الجديدة في العراق لنبذ النزعات الهجومية ضد الجيران وهو يقول «نحن في حاجة للديمقراطية نريدها تماماً مثل أمريكا. «قبل التدني الاقتصادي في العقد الأخير كان لدى العراق الكثيرين من المتعلمين نسبيا إن الدليل على هذا لا يزال مسموعاً في الشارع حيث حصل بعض البالغين على دروس الإنجليزية أو الإسبانية في الجامعة لن تتوفر مثل هذه الدروس هناك على الأقل إلى حين يجد جنود المارينز موقعا جديدا لهم ولحين يتم ترميم المنشآت. إن السبورات التي كتبت عليها معادلات كيمائية ما تزال قائمة عند بعض المداخل بينما يغطي الزجاج المحطم أرضية إحدى الغرف الخالية قبل وصول القوات الأمريكية كانت معظم الأجهزة قد نقلت لحفظها بأمان غير أن إعادة بناء المرافق الأخرى الأكثر أهمية بدأت في المدينة حينما يجد السكان قطعاً من الذخائر غير المنفجرة يقوم جنود المارينز بإرسال فرق لإبطالها. إن معظم الأعمدة الكهربائية تتدلي منها الأسلاك في ذات الوقت لا يزال الأمريكيون محل غرابة يحب الأطفال تشجيع جنود المارينز اللعب ويحاول الأطفال تقليد حركاتهم حينما تقع عيون البالغين على أجهزة الراديو العسكرية يقومون بالسؤال ما إن كانوا يستطيعون استخدامها للاتصال بأقاربهم الذين يعيشون في الولايات المتحدة ودائماً ما تكون هناك لغة يتعلمها الواحد من الآخر يقول الجندي بيرنز بابتسامة «إنهم يعلمونك كيف تقول بالعربية «ابعد من هنا». ولكن حين تقولها لهم فإنهم لا ينصرفون.
(*) خدمة كريستيان ساينس مونيتور خاص ب«الجزيرة»
|