إنّ الفقر أكثر من مجرد وضع اقتصادي. وعلى الرغم من قياس الفقر تقليدياً بمفهوم الدخل، فإنّ الأخطار الحقيقية للفقر تمتد لتشمل كافة مظاهر حياة الأفراد مثل: المرض، الأمية، الجهل، فقدان السيطرة على الموارد الاقتصادية.
ولذا، يُعرِّف الاقتصاديون حد الفقر بحساب الدخل النقدي أو العيني الذي يفي بمتطلبات الأسرة من الاحتياجات الرئيسية إمّا من الغذاء فقط وإما الغذاء والملبس والمأوى.
بَيْدَ أن الفقر المدقع يعني عدم كفاية الدخل النقدي او العيني الضروري للوفاء بالاحتياجات المعيشية الأساسية من مأكل وملبس ومأوى.
وقد قدّر البنك الدولي ومنظمة الأغذية والزراعة التابعة لهيئة الأمم المتحدة، في أوائل الثمانينات أنّ أعداد الذين يعيشون في فقر مدقع قد تراوحت فيما بين 700 مليون وبليون من بني البشر.
والوضع الحقيقي واسع التردي بنفس الاتساع الذي تظهر به الفجوة بين أغنياء وفقراء العالم عند قياسها بمعدل الدخل.
فهذه المعدلات تخفي التفاوت الرهيب في توزيع الدخل الذي تتسم به أغلب الدول.
وفي إطار ندرة البيانات السليمة التي تقيس الفقر والفقراء مباشرة، لا يمكن تقديم معدل الفقر العالمي بدقة.
ومع ذلك يمكن جمع بعض المؤشرات حول معدل الفقر في كل دولة نامية باختبار العديد من الدلائل الاجتماعية والاقتصادية المتباينة، بما في ذلك القليل من المسوح الحديثة عن دخل الأسر في العديد من المصادر المنشورة وغير المنشورة ومن المستندات الداخلية للمؤسسات متعددة الاتجاهات، على الرغم من وجود احتمالات كبيرة للخطأ في كل دولة.
يقول ألن درننج: يعاني الفقراء من الأمية الساحقة، وبالتالي فهم يفتقدون الوسيلة في الحصول على المعلومات والأفكار التي قد تعينهم على الفرار من الفقر. وغالبا ما يكونون محددين في أجناس أو قبائل أو ديانات بذاتها بعيداً عن المجموعات المرفَّهة.
ومن المرجح أن يكون الفقر بين النساء أكثر منه بين الرجال، وخاصة في المناطق الحضرية، مما دعا بعض المحللين إلى التحدث عن «تأنيث الفقر على المستوى العالمي».
ومن الناحية العددية، فإنّ المجموعة التي تقع عليها أشدّ ويلات الفقر هي الأطفال. ومع تدني الدخل يزداد حجم الأسرة،.
وبالتالي ربما يكون ثلثا الفقراء فقراً مدقعاً في العالم تحت سن 15.
كما أن المستقبل الذي ينتظر هؤلاء الصغار يعد أسوأ مما لا قاه آباؤهم وربما يهلك هؤلاء الصغار قبل سن الخامسة من جراء الأمراض ونقص التغذية والماء النقي.
وبالتالي فمع اتساع مدى تفاوت الدخل على ظهر الكرة الأرضية، فلن يمضي وقت طويل حتى يكون هناك عالم ثالث داخل العالم الأول، وعالم أول داخل العالم الثالث.
ويبقى السؤال المهم.....
لماذا يواصل الفقر انتشاره في عصر لا يقارن ازدهاره بأي وقت مضى في التاريخ؟!!
|