Sunday 27th april,2003 11168العدد الأحد 25 ,صفر 1424

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

هذا أمريكي عليك أن تحترمه !! هذا أمريكي عليك أن تحترمه !!
رضا محمد العراقي /صحفي مصري

قبل قرنين وبالتحديد في القرن التاسع عشر قال جون أوسوليفان «ان الرب قدر لأمريكا ان تقود العالم الى الحرية» هذه المقولة ظلت هاجساً أمريكياً طوال تاريخها «القصير» بأن تقود هذا العالم الى الحرية بمفهومها الأمريكي وبثقافة الأمريكي وبنمط حياة الأمريكي!!.
ولأنه هاجسٌ سيطر على عقلية الأمريكي فقد تصدر جواز السفر الأمريكي عبارة تجعلك تتوقف أمامها نظراً لغرابتها وإقحامها على جواز سفر تقول العبارة «هذا أمريكي عليك ان تحترمه» .. عبارة صيغت كأمر باحترام الأمريكي من موظف المطار الذي يجب ان يزلل له كافة الإجراءات بسرعة شديدة ثم يعتذر له عن التأخير في إنهاء الإجراءات التي تمت بسرعة!! الى كل مسؤول في هذا البلد عليه ان يقدم الاحترام للأمريكي في أي موقع تطأه قدماه.
وبعد انهيار الاتحاد السوفيتي وتفكيك منظومته قفز الهاجس الأمريكي بالتفرد والتميز مرة أخرى وأخذ الفريق الحاكم الآن على عاتقه بروز هذا التميز الأمريكي على أرض الواقع مستغلة حادث 11 سبتمبر 2001م وإحيائه حول عقيدة واحدة وهي العمل من أجل بناء القواعد والأسس اللازمة لامبراطورية لا سابق لها في التاريخ الإنساني من حيث المساحة أو القوة أو النفوذ أو المبادئ أو القانون الحاكم والمنظم للعلاقات بين أقاليمها وشعوبها .. وقد نقضت هذه النخبة أي قانون دولي يقف في طريق تحقيق هذا الإنجاز أو يعطل إقامة الامبراطورية.
وفي المشهد الذي اتضح من خلال الحرب على الإرهاب والضربات الاستباقية بعد 11 سبتمبر ما يؤكد ان هاجس التميز والتفرد الأمريكي بات أكيداً وأصبح فكراً راسخاً في العقلية الأمريكية، فأثناء حربها على أفغانستان أسرت الأفغانيين العرب واعتبرتهم حالة استثنائية لا ينطبق عليها اتفاقية جنيف ووضعتهم في أقفاص حديدية كأنهم حيوانات في غوانتانامو ولم تصغِ واشنطن لكل النداءات التي أطلقتها جمعيات حقوق الإنسان من حسن معاملة الأسرى ومضت في طريقها من إساءة معاملاتهم حتى الآن.. لكن عند وقوع أسرى لها في أيدي العراقيين ظهروا على شاشات الفضائيات .. هنا تذكر بوش اتفاقية جنيف في معاملة الأسرى وهدد العراقيين بالإبادة من على وجه الأرض رغم انه الغازي بدون أي قرار شرعي أو تبرير منطقي للحرب !!
ورغم أن العراقيين أوضحوا أنهم سيعاملون الأسرى الأمريكيين وفق اتفاقية جنيف ووفق ما تمليه شريعة الإسلام من حسن معاملة الأسرى.. إلا أن الجنود الأمريكيين مازالوا يسيئون للأسرى العراقيين فمن لا يعجبهم شكله أو تحوم حوله الشبهات يوضع على رأسه كيس أسود وتكبل يديه من الخلف ويجبرونه على الاستلقاء على الأرض كي يهينوا كرامته أكثر!!
وأقاموا في «أم قصر» معتقلاً أطلقوا عليه «غوانتانامو العراق»!! وأكثر من بداخله لم تلق عليه أي تهمة حتى الآن!!
المعاملة لم تكن بالمثل والأمريكي يجب أن يخضع للقانون الدولي إذا وقع في أسر القوات المدافعة عن بلادها.. وأصحاب الأرض يعاملون بأسوأ المعاملات دون توجيه إليهم تهمة محددة من القوات الغازية.. لأن الذي وقع في الأسر أو قام بأسر الآخر هو أمريكي.. «عليك احترامه».
الأمر لم يكن في العقلية العسكرية فقط، بل تحاول السينما الأمريكية أن ترسخه في عقول العالم من خلال أفلام «الأكشن»، فنرى «رامبو» الأمريكي ينتصر على كل الأشرار والأخيار بل باستطاعته القضاء على دولة بأكملها لأنه رامبو الأمريكي!!
ومن أجل أن تكتمل صورة التميز الذي تسعى النخبة الحاكمة إلى فرضه على أرض الواقع، رغم أنف كل منظمات المجتمع المدني الدولية وكذلك من أجل أن تكتمل قواعد وأسس الامبراطورية الأمريكية غير سابقة العهد في القوة والنفوذ والتميز.. لذلك لم توضع جملة .. «هذا أمريكي عليك ان تحترمه» على جواز السفر الأمريكي مصادفة بل كان مخططاً لها من أجل أن يكون حامله مميزاً متفرداً فوق العادة عليك أن تحترمه وتبجله وتضرب له تعظيم سلام!!

 

 

[للاتصال بنا] [الإعلانات] [الاشتراكات] [الأرشيف] [الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-janirah Corporation. All rights reserved