لازالَ صَوتُكَ صادِعاً بجلاءِ
ونَمِيرُ علمِكَ سَاقِياً لِظِماءِ
وشُعاعُ فتواكَ المنوِّرُ مشرقٌ
في كُلّ ناحيةٍ مِنَ الأنحاءِ
لا زلْتَ في فَلَكِ الفَضيلةِ ساطِعاً
كالنَّجْم يَهْدي في دُجى الظَّلْمَاءِ
لا زلْتَ تمنَحُ منْ نَدَاكَ مُظلَّلاً
مُتَفَيِّئيكَ أَوَرِفَ الأَفيَاءِ
نَبَضَاتُ قَلْبِكَ لْم تَقِفْ وَنَبَالكُمْ
لْم تَنْعَكِفْ عَجْزا عَنِ الإمْضَاءِ
لا زلْتَ حَيَّاً واهِباً جِيدَ الدُّنا
حَلْياً يَلُفُّ مُعَطَّلاً بِبَهاءِ
إنْ غْبتَ عَنْ بًصَر الزَّمان فَلَمْ تَعِبْ
عَنْ أَصْغَرَيْهِ وَقِمَّةِ الجوْزاءِ
ما كُنْتَ تُفْني العُمْرَ فِيه مجاهِداً
مُتَعَاهِداً ثَمَراتِهِ بِسِقَاءِ
لا زَال يُسْقَى في مُؤسَّسَة عَلَى
آثَارِكُمْ محدُوّة بُحداءِ
تُغْنى بِعِلْمٍ كُنْتَ رَائدَ فِقْهِهِ
وَتُمدُّ كَفَّ البرِّ لِلفُقَراءِ
وَتُعِينُ مَنْ طَلَبَ الزِّواجَ لأنَّهُ
طَلَبَ العَفَافَ وَسُنَّةَ النُّبآءِ
سمَقَتْ بها غَاياتُها فَتَوشَّحَتْ
ثَوبَ النَّقاءِ وَحُلْةَ النُّبَلاءِ
وَيَزِيدُها شَرَفُاً ومًَصدَرَ عِزةٍ
تَتْويجُها بأَفَاضلِ الرؤساءِ
أَمَّا ابنُ فَهْدٍ فَالقَوَافي لْم تَزَلْ
محصُورَةً عَنْ فَتْقِ أَيِّ ثَنَاءِ
تَسْتَعْذِبُ الأنْداءُ ذِكْرَ خصَالِهِ
فَتُعِيدُها بِتَرَدُّدِ الأصْدَاءِ
أَوْحى إلَيْهِ الجُوْدُ كُلُ فَضِيلَة
فاقتادَ كُلْ سَماحة وَعَطَاءِ
وَمَوَاقِفٌ لَيْسَتْ لِتُنْسَى إذْ كَوَتْ
أَحْشاءَ شَيْخِي أَعْظَمُ الأدْوَاءِ
كانتْ يدَ الآسي يداه عنايةً
والعين كالئةٌ بخير عَناءِ
عَبْدَ العَزِيزَ ! مِنَ الُفؤادِ تَرَكّبَتْ
كَلِمَاتُ شُكْرٍ مُفعَْمٍ بِدُعاءِ
أمَّا الذي خَضَعَ البَيَانُ لِذوْقِهِ
وَرَنَتْ إلَيْهِ بَرَاعَةُ الشُّعَراءِ
واسْتَنْشَدَتْهُ محاسِنٌ وَفَضَائلٌ
واسْتَكْتَبَتْهُ مَآثِرُ العُظَمَاءِ
فَلَقَدْ تَسَنَّمَ في المعالي ذُرْوَةً
عُلْيا وَأُلبِسَ جُبَّةَ الفُضلاءِ
يا شَيْخُ عِلْمُكَ لنْ يُكَسِّرَ عُضْنُهُ
أَوْ تَسْتَكِينَ زُهُورُهُ لِذَواءِ
ما شِيدَ مِنْ لَبِناتِ صَبرٍ مخلَصاً
للهِ فيه مُؤيّداً بِزَكَاءِ
ومُتابَعاً نهجُ الرَّسُولِ وآلِهِ
سَيَظَلُّ دَوْمَا قُدْوَةَ العُلَمَاءِ