الذكريات تزاحمت في خاطري
صوراً تشعُّ مضيئة في مهجتي
للّه أيامٌ لنا .. يا حلوها
مرت كحلم خاطف .. أو لحظة
فصل الربيع .. وفي البصيرة كم له
من نظرة ليست كأية نظرة
كم ذا يراودني الحنين، وكم تتو
قُ النفس للتجوال عبر «العبلة»
ما إن نحط ركابنا في روضة
غناء حتى نستهيم بروضة
فترى الخيام مقامة «بنُخَيلنا»
وغداً تراها في روابي «الخفسة»
أما «الخفيسة» يا رفاق فإنها
باتت تؤرقني بصدق اللهفة
نِعم المزار بسدرها .. وغديرها
وبروضها الزاهي بأعطر نفحة
سلبت عقول الوافدين بسحرها
وبخفسها الأعلى سحيق الهوّة
وبروض «مطربة» يقرّ قرارنا
في سجة ما بعدها من سجة
ولقد نعود الى «النظيم» وغابه
كيما نريح ركابنا في الفية
وعلى ربى «سدحا» وروضتها التي
تهدي الصّبا عطراً ذكي النسمة
وهناك «حسيان العقيلة» كم بها
من وقفة طابت بطيب الصحبة
ولكم ننيخ على «القليب» بركبنا
وغدير «ذي العاشور» عين الوجهة
وغدير «أم الروس» يرمق سيرنا
فنميل نشرب منه أعذب شربة
ولنا مآثر في «المشاش» كثيرة
وبقربه: عيد بذات «الطلحة»
وإذا تنفس بالضياء صباحنا
خفق الفؤاد لنبش فقع الكمأة
نطوي الفيافي الشاسعات لجنيه
وبروضة «البنّا» بساط الجلسة
ولنا «بدابان» الجميل .. مناخة
تشفي العليل بروحة وبجيئة
ولقد نعرّج في الإياب على «المرا
ح» فنستريح بظل تلك الصخرة
أما «الكظيمة» فهي درب ركابنا
خير الموارد كم بها من وقفة
جبل «الأصيفر» دونها حفّت به
ريح الخزامى .. واكتسى بالحلة
ولنا مآثر «بالعنيّب» .. روّضت
أقدامنا بالوثب نحو القمسّة
لنقيم برجاً بالحجارة شاهقاً
فنطل منه على «حصاة القلتة»
إن أنس لا أنسى رفاقاً ضمّهم
فيئ الهجيرة في رحاب «النصلة»
جبل أشمّ تفننت في صنعه
يد بارئ الأكوان .. ربّ الحكمة
ما زلت أذكر أمسيات حية
كانت لنا من حول «نبع الغِبة»
غيل تدفق بالجداول سلسبي
لاً رقرقاً ينساب مثل الحية
وخرير ماء النبع يبعث حولنا
عزفاً شجياً هامساً بالنغمة
وتزقزق الأطيار في جنباته
فيشنف الإطراب سمع المنصت
وعلى بحيرة «سد حرمة» كم لنا
من جولة حفت بأصدق صورة
في ظل جسر الخير ينظم عقدنا
وقلوبنا مغمورة بالفرحة