* واشنطن غزة رويترز:
قال الرئيس الأمريكي جورج بوش: ان هناك بعض الأدلة التي تشير إلى ان الرئيس العراقي المخلوع صدام حسين ربما لقي حتفه أو أصيب إصابة بالغة.
وفي مقابلة مع شبكة تلفزيون «ان.بي.سي» الامريكية قال بوش: ان إعلاناً بشأن مصير صدام لن يصدر الا إذا توفرت «الكثير من الأدلة».
وقال بوش «مع توفر المزيد من معلومات المخابرات أجد ثقة أكبر في تصديق فكرة ان صدام كان بالفعل هناك» مضيفاً ان مصدر المخابرات الامريكية على الأرض في بغداد «شعر بأننا تمكنا من صدام».
وقال بوش «الناس تتساءل هل صدام حسين مات أم لا. هناك بعض الأدلة تشير ... إلى انه ربما مات. إننا لن نقدم أبدا ذلك الاعلان إلى أن نصبح أكثر يقينا لكن الشخص الذي ساعد على توجيه الهجمات يعتقد انه على أقل تقدير فإن صدام أصيب إصابة بالغة».
وقال مسؤولون امريكيون مراراً: انهم لا يعرفون ماذا حدث لصدام بعد ضربتين جويتين استهدفتاه لأن بعض معلومات المخابرات أشارت إلى انه قتل بينما ذهبت معلومات أخرى إلى انه ما زال على قيد الحياة.
وقال بوش: ان القوات الامريكية تقوم بإرساء أسس الديمقراطية في العراق «ونحن نريد الرحيل بمجرد ان ننجز مهمتنا».
وسئل هل قد يستغرق عامين فقال «ربما... أو أقل، من يعرف».
وقال بوش ايضا: ان الولايات المتحدة وجهت رسالة إلى ايران لعدم التدخل في السياسات العراقية.
وتعتقد الولايات المتحدة ان عملاء دربتهم ايران عبروا الحدود إلى جنوب العراق منذ سقوط صدام وانهم يعملون لدعم المصالح الايرانية. وترفض ايران هذه الاتهامات.
وقال بوش «نسمع الكثير من التقارير عن فراغ يجري ملؤه بعملاء ايرانيين... بالتأكيد فإننا نأمل ان تسمح ايران للعراق بان يتطور إلى مجتمع مستقر وسلمي. أرسلنا رسالة بهذا المعنى إلى الايرانيين وذلك وهو ما نتوقعه منهم».
إلى ذلك تراجعت مكانة الرئيس العراقي المخلوع صدام حسين من بطل إلى صفر لدى فلسطينيين غاضبين لان الرجل الذي اعتبروه بطلهم أسقط بهذه السهولة خلال الغزو الذي قادته الولايات المتحدة للعراق.
قال أحمد يحيى سائق سيارة أجرة بغزة «من الواضح ان كلمات صدام خدعتنا... أين صدام الآن، لماذا لم يحارب العراقيون أكثر، إنه عار».
وجعل اختفاء صدام والانطباع بأن جيشه لم يحارب القوات التي قادتها الولايات المتحدة وعوده بالمقاومة البطولية مثار سخرية ودفع كثيراً من الفلسطينيين إلى الشعور بالإحباط والارتباك.
لم يفعل الفلسطينيون أثناء الحرب شيئا سوى مشاهدة تغطية القنوات الفضائية العربية للحرب وصدقوا وعود صدام بان «قوى الشر ستنهزم»، وبالتالي أذهلهم الانهيار السريع لحكومة صدام بعد سنوات من الإعجاب بتحديها للولايات المتحدة.
قال الطبيب النفسي الفلسطيني فاضل أبو هين «الفلسطينيون نسوا معاناتهم على أيدي اسرائيل خلال الحرب ضد العراق التي استمرت 20 يوماً، شعروا بتوحد مع صدام وجيشه». ومضى يقول لرويترز «هذا التوحد جعل من المستحيل ان يقبلوا أو حتى يصدقوا كارثة سقوط بغداد بهذه السرعة وبهذا العدد القليل جدا من إطلاق الرصاص». وقال محمد رزيق «35 عاماً» ويعمل فني الكترونيات «نعم.. لم نتوقع ان يهزم صدام الولايات المتحدة ويستولي على تكساس، لكننا توقعنا ان يحارب العراقيون لفترة طويلة وبقوة».
وأضاف قائلا «شعرنا بحزن شديد لما حدث شعرنا بحزن وإحباط». وزادت التكهنات حول مصير صدام غير المعروف بين الفلسطينيين والعرب.
وقال أبو هين «لا يزال بعض الفلسطينيين يعتقدون ان صدام على قيد الحياة وانه سيظهر ويحارب الامريكيين من جديد... وأقول: ان الناس في موقف دفاعي غير قادرين على قبول واقع صدمهم يغلق على ما يبدو نوافذ الأمل وينشر اليأس».
غير ان فلسطينيين آخرين يعتقدون ان مقتل صدام فقط هو الذي قد يعيد له مكانته في ضوء نتيجة الحرب.
وكتب حافظ البرغوثي في صحيفة الحياة الجديدة الفلسطينية اليومية يقول إذا كان صدام لا يزال حياً فإنه سيخرج من التاريخ كمستسلم.. وإذا كان قتل فإن التاريخ والجغرافيا ستتحدث عنه كرجل حارب حتى النهاية.
ويفضل بعض الفلسطينيين ان يوجهوا اللوم لرفاق صدام ويشيروا إلى ما يتردد عن ان ضباطاً من حرسه الجمهوري ربما عقدوا صفقات مع القوات الامريكية كي يهربوا ومن ثم يتجنبوا الوقوع في الأسر.
قال راكب سيارة أجرة في مدينة غزة أثناء حوار مع ركاب آخرين «صدام لا يمكن أن يترك سلاحه أعتقد انه شهيد». وعارضه راكب آخر قائلاً «إنه كذب كبير وللأسف صدقناه».
وقال ابراهيم الزعانين الذي يتزعم جماعتين فلسطينيتين مؤيدتين لصدام هما جبهة التحرير العربية وحزب البعث العربي الاشتراكي انه حزين لما وصفه بانه «تغير غير منطقي» في موقف الفلسطينيين من صدام. ورفض ما يتردد من شائعات عن وجود اتفاق بين قادة عسكريين عراقيين والقوات الانجلوامريكية.
وقال «إذا استشهد صدام يكون أوفى بوعده، وإذا كان لا يزال حياً فإني واثق انه سيقود المقاومة ضد المحتلين الامريكيين والبريطانيين».
ويحاول بعض الفلسطينيين التخفيف من حزنهم بالسخرية. وأولئك الذين عبروا عن تأييدهم لصدام في مظاهرات مناهضة لأمريكا قبل الحرب يرسلون الآن نكاتاً عن وزير إعلامه المختفي عبر الهواتف المحمولة.
وأصبح الآن محمد سعيد الصحاف الذي امتع الصحفيين بروايات خيالية عن انتصارات العراقيين أثناء الحرب موضوعاً لأحاديث ساخرة في مدينة غزة. ويستخدم كثيرون من أبناء غزة «كلام الصحاف» عندما يتحدثون عن الصراع الاسرائيلي الفلسطيني.
وأصبحت كلمة «العلوج» وهي كلمة عربية قديمة ثار الكثير من الجدل حول معانيها التي استخدمها الصحاف لوصف القوات الامريكية والبريطانية هي الكلمة المستخدمة بين الأصدقاء الفلسطينيين على سبيل المزاح أو معلقي الأخبار لوصف الجنود الاسرائيليين.
قال يحيى: انه وجد رسائل المحمول خير وسيلة للتنفيس عن احباطه من هزيمة صدام وإحساس الفلسطينيين بالعزلة الناجم عن ذلك. وأضاف «أعجبنا بمؤتمرات الصحاف الصحفية، شعرنا بالفخر ونحن نتابع كل مؤتمر صحفي... ننتقم منه الآن بنكاتنا».
|