قد يأتي اليك الطبيب اثناء الولادة ويخبرك انه يجب ان تجري لك جراحة قيصرية عاجلة وان الولادة لا يمكن ان تتم بالطريقة الطبيعية.. وقد يتبادر الى ذهنك ساعتها العديد من الافكار والتساؤلات حول سبب هذه الولادة القيصرية وهل هناك داع حقيقي لها ام لا؟؟ وكيف تكون الولادة قيصرية اذا كانت المتابعة طوال فترة الحمل تؤكد ان كل شيء طبيعي ويسير على ما يرام؟؟
وانا هنا احب أن اشير الى ان متابعة الحمل هي مجرد مؤشر لما يمكن ان تكون عليه الولادة ولكنها ليست دليلاً قطعياً على الطريقة التي سوف تتم بها.. ويمكن ان يتضح هذا المعنى اذا عرفنا ماهي الاسباب التي قد تؤدي الى الولادة القيصرية.
اولاً: اسباب خاصة بالجنين نفسه:
1- ظهور مؤشرات في تخطيط قلب الجنين تدل على قلة حيويته وضعف نبضات قلبه.
2- بعض الوضعيات للطفل داخل الرحم كالوضعية بالمقعدة خاصة اذا كان هذا هو الحمل الاول.
3- اصابة الأم بفيروس Herpes Simplex «الهربس».
4- تشوهات خلقية شديدة بالجنين تعوق الولادة الطبيعية، ككبر حجم الرأس في حالات الاستسقاء الدماغي «Hydrocephalous».
ثانياً: اسباب خاصة بالأم نفسها:
1- وجود أورام او معوقات مرضية في الجهاز التناسلي للمرأة تمنع الولادة الطبيعية من خلاله.
2- التوأم الملتصق.
3- ولادة قيصرية سابقة.
ثالثاً: اسباب خاصة بالام والجنين معاً:
1- نزول المشيمة.
2- انفصال المشيمة.
3- تأخر الولادة الطبيعية وعدم تقدمها لوجود مشاكل في اتساع عنق الرحم،او كبر حجم رأس الجنين بالنسبة للحوض.
هذه هي الاسباب الرئيسية التي يمكن ان تؤدي بكِ الى ولادة قيصرية وكما نلاحظ فان بعضها يمكن تشخيصه اثناء متابعة الحمل كالوضعية المقعدية للجنين وبعضها لا يمكن اكتشافه الا اثناء الولادة كضعف نبضات قلب الجنين مثلاً.
بعد ذكر الاسباب نأتي للسؤال الثاني الذي قد يتبادر للذهن.. هل للعملية القيصرية من مخاطر؟؟
العملية القيصرية مثلها كمثل اي عملية جراحية قد ينتج عنها بعض المخاطر ابتداء من آلام ما بعد العملية في فترة النقاهة واحتمالية النزف - تلوث الشق الجراحي في الحالات التي يتم فيها اجراء الجراحة القيصرية بناء على اسباب في الجنين فانه لابد ان تتم المشورة مع المريضة حول امكانية نجاة الطفل وحالته بعد اجراء العميلة وفرصة احتياجه للحضانة او العناية المركزة.
ان الشق الجراحي للعملية القيصرية هو من احد الجراحات التي يتم فيها الفتح اسفل البطن فوق منطقة العانة وتتم خياطته في الغالب بشكل تجميلي لا يؤثر على شكل البطن الخارجي وفي بعض الحالات قد يضطر الطبيب الى اجراء الجراحة القيصرية عن طريق الشق الطولي للبطن وهذا نادراً ما يحدث وفي حالات خاصة.
السؤال الاخير في هذا الموضوع والذي دائماً وابداً يطرح في كل حالة ولادة فيصرية:
هل يمكنني ان ألد ولادة طبيعية بعد الجراحة القيصرية؟؟
اولا: تتوقف الاجابة على هذا السؤال على شقين رئيسيين:
الشق الاول: هل سبب القيصرية هو سبب دائم يتعذر معه الولادة الطبيعية كضيق الحوض مثلاً؟ لانه في هذه الحالة ستضطر السيدة الى اجراء جراحة قيصرية في كل حمل اما اذا كان السبب عارضاً كانفصال المشيمة او ضعف نبض الجنين فان الولادة الطبيعية قد تكون ممكنة.
الشق الثاني: هل تم اجراء اكثر من جراحة قيصرية سابقة؟
لاننا في الغالب لا نشجع الولادة الطبيعية بعد القيصرية الا اذا كانت القيصرية قد اجريت مرة واحدة فقط.
ان الكلية الامريكية لاطباء النساء والتوليد تفيد بأنه طالما كانت الولادة القيصرية السفلية قد تمت لاول مرة دون وجود سبب دائم كما ذكرنا من قبل فلابد ان يتم مع السيدة اجراء مشورة طبية حول امكانية اعطائها فرصة للولادة الطبيعية في الحمل التالي.
وانه بالطبع لمن الضروري ان نعلم انه عند محاولتنا اعطاء السيدة فرصة للولادة الطبيعية بعد القيصرية فان ذلك يجب ان يتم تحت اقصى درجة من درجات المتابعة والعناية لكل من الأم والجنين ويجب ان تتوفر كل التسهيلات والتجهيزات الممكنة لاجراء نقل دم او الاضطرار لاجراء جراحة قيصرية عاجلة وطارئة ان استدعى الامر ذلك.
واذا كان الامر كذلك فلماذا يتم دائماً تحذيرنا من الولادة الطبيعية بعد القيصرية الاولى؟.. ذلك لانه توجد هناك خطورة كامنة في ان يتفجر الرحم وحوالي 7.% «سبعة من عشرة بالمائة» من الحالات او ان ينفتح ثقب في الجرح القديم المتواجد بالرحم في حوالي 4% في الحالات وكلما زاد عدد الجراحات القيصرية قبل محاولة الولادة الطبيعية زادت نسبة الخطورة وبعض السيدات قد يفضلن اجراء كل ولادتهن عن طريق الجراحة القيصرية لتفادي حدوث مثل هذه المخاطر.. وفي النهاية يجب ان يتخذ القرار من خلال مشورة طبية مستفيضة بين السيدة الحامل والطبيب المعالج للوصول الى افضل الحلول واقلها مخاطرةً.
د. حنان محمد عبداللطيف عرفة اخصائية امراض النساء والتوليد مركز النخبة الطبي الجراحي
|