في أمسية داكنة توشحت (بالحزن) واكتست ب (الدموع).. فارقنا إلى رحاب الله تعالى صاحب السمو الملكي الأمير ماجد بن عبدالعزيز أمير منطقة مكة المكرمة (سابقاً) فأحاطت (الفاجعة) قلوب الناس.. وسكبت المآقي دموعا غزيرة وتمددت مساحات الأسى في كل (الأفئدة).
ودَّعت مكة المكرمة أميرها السابق صاحب القلب المفعم بالوفاء.. والإنسانية.. وصاحب الأيادي الممدودة بالعطاء الجزل.. حيث فتح أبوابه لكل القاصدين يقضي حوائجهم ويمسح دموعهم. ويضمد جراحهم.. لا يعرف صغيراً أو كبيراً إلا وقد رعاه بحبه وعطفه الكبيرين.
كان سموه (رحمه الله) حريصاً على أن ينعم كل مواطن في هذه البقعة الطاهرة بالصحة والعافية.. فكرَّس جهوده في ترميم أي عطب يصيب المرافق الصحية.. حتى غدت تلك المرافق من مستشفيات ومستوصفات ومراكز صحية وبتوجيهاته الكريمة تستقطب كل الآليات الطبية الحديثة.. وذلك لتوفير أقصى سبل الراحة لكل المرضى.
لقد كانت بصمات سموه واضحة في كل الحقول والميادين التنموية والتعليمية والفكرية والثقافية والأدبية في سائر أرجاء منطقة مكة المكرمة بجانب جهوده الكبيرة في توسيع دائرة الخدمات الصحية.. والاجتماعية.. فشمخت تلك المعالم السنية في صورة إنجازات باهرة تروي للأعين مدى حرص سموه وتفانيه من أجل راحة المواطنين.
سموه كان ينبوعاً من الخير يتدفق كالجداول في كل الحقول فبجانب عطائه الثر كان يحث الجميع على العمل الخيري لأن مثل هذا العمل ينبع من النفس الخيِّرة.. وقد ترجم سموه تلك الأعمال إلى إنجازات عديدة ومتعددة لمساعدة الشباب على الزواج حيث كان رأيه السديد سبباً في نماء هذا المشروع الرائد.
كان بعد الله سبحانه وتعالى بلسماً شافياً للفقراء والمحتاجين وخصوصا في مجال إصلاح ذات البين وإعتاق الرقاب من رق الديون.. فاتسع قلبه لكل من يقصده حيث كان مجلسه العامر ملتقى للود والمؤازرة والتآخي.. والمحبة يستمع للجالسين في حب ودون زجر أو ضجر.
فقْده من عالمنا كان في الحقيقة مؤلماً.. إلا أن قضاء الله وقدره نافذ.. فقدنا أحد الصروح الهامة في مجال العمل الإداري والإنساني والخيري حيث كان سموه يمتلك قدراً وافراً من الإخلاص والمحبة للوطن والمواطنين.
قلوبنا حينما تعتصر لرحيل هذا الفارس المغوار.. وحينما تتفجر في أعماقنا شلالات الحزن وتسكن الفجيعة في دواخلنا فإننا وحتى في غمرة تلك (الفاجعة) الأليمة نتذكر مآثر سموه وعطاءه الممدود.. وشمائله وإنجازاته التي تقف شامخة.. ومواقفه الشجاعة وقلبه المفتوح في كل لحظة.. فقد كان سموه صدراً حنوناً وأباً رؤوفاً.. فأعطى من وقته الثمين الكثير الكثير لمجال العمل الخيري والإنساني.
وقد حظيت هيئة الإغاثة الإسلامية العالمية بالمملكة العربية السعودية بدعمه الوفير وتوجيهاته السديدة المخلصة..
وكانت تلك التوجيهات سنداً كبيراً للهيئة في مسيرتها المتواصلة لتقديم خدماتها التنموية والصحية والتعليمية والإغاثة العاجلة لآلاف الفقراء والمحتاجين واللاجئين والمهاجرين والأيتام والمسنين والمعاقين والأرامل في سائر بقاع العالم.
وهناك العديد من المشاريع الخيرية والإنسانية تقف شامخة في منطقة مكة المكرمة لتروي الكثير من المآثر والشواهد العظيمة لسموه الذي كان لا يدخر جهدا في سبيل إسعاد الآخرين ونشر الطمأنينة في قلوبهم.. ولاسيما تلك الجهود المخلصة في دعم ورعاية الكثير من دور الأيتام للذكور والإناث معا في منطقة مكة المكرمة.
كان (رحمه الله) يتمتع بشخصية ذات أبعاد إدارية نفسية تعتمد على الأسلوب الإنساني في تعاملها مع الآخرين.. كان كثيرا ما يمد يد المساعدة لبعض السجناء المعسرين وللجمعيات الخيرية..
كما كانت لسموه وقفات واضحة في دعم الأقليات المسلمة في العالم يلتقي بها ويستمع إلى شؤونها خلال زياراتهم لمكة المكرمة في بعض المناسبات والمؤتمرات الإسلامية.أسكن الله سموه فسيح جناته مع الصديقين والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقاً.
|