لي صديقة أكاديمية في تخصُّص علم النفس العيادي.. تحرص على القراءات العديدة، وكلَّما وقفتُ على نصٍّ جميل أو طريف، يتَّسق مع اهتماماتي زوَّدتني به، حتى أصبح بريدي الالكتروني واحةً من الأدب الجميل، والفكر الرفيع، والمطالعات المختلفة، والدُّعابات النثرية والشعرية..
الأستاذة الدكتور (البتول الحلو) قبل لحظات وجدتها تناشدني الاستمتاع بقصة طريفة وردت باللُّغة الإنجليزية أترجمها للقارىء لما فيها من حكمة الدُّعابة، ولما فيها من الطرافة التي قد تضفي ابتسامةً على شفاه من جَفَّت شفاههم من الابتسامات خلال الأيام العصيبة الماضية والتي لا تزال تداعياتها مستمرةً ومتلاحقة ومرهقة.. تقول القصة: هناك رجل ملَّ وتعب من الذهاب اليومي للعمل، بينما زوجته تجلس في المنزل، فتطلع إلى لحظات يتأمَّل فيها فذهب يصلي ويدعو اللَّه وهو يقول لربِّه:«يا ربِّ إنَّني أعمل كلَّ يوم ثماني ساعاتٍ بينما زوجتي «ميرلي» تجلس في المنزل، إنَّني أريدها أن تعلم ما الذي يحدث لي خلال اليوم من التعب، لذلك من فضلك ربِّ اسمح لجسدي كي يتحول إلى امرأة وجسدها إلى رجل خلال يوم واحد فقط». واستجاب له ربُّه. إنَّها حكمة بالغة أن يتحقق له ذلك.
ففي الصباح التالي استيقظ الرجل امرأةً، والمرأة رجلاً، نهض، طبخ الفطور لرفيقته، أيقظ الصغار، أعدَّ لهم ملابس المدرسة، أفطرهم، أعدَّ لهم وجبات المدرسة، وأخذهم إلى مدارسهم، ثمَّ عاد إلى المنزل، حمل الملابس إلى المغسلة، فإلى التجفيف، فإلى الخزانات بعد ترتيبها، ذهب إلى البنك للإيداع والسحب، ذهب إلى «السوبرماركت» تبضَّع للمنزل، عاد للمنزل، وضع كلَّ المشتريات في أماكنها، رَتَّب الثلاجة، وخلال عودته مرَّ وسَدَّد فواتير الخدمات، راجع دفتر الحسابات ورسم الميزانية للأسرة، تعرَّف إلى موضع طعام القطَّة، نظَّف أوعيتها، أطعمها، وغسل الكلب، وأطعمه.. حانت الواحدة بعد الظهر.. أسرع لترتيب الاسرَّة، وإعداد ملابس الأطفال، نَظَّف المنزل بالمكنسة الكهربائية، أزال الغبار عن السطوح، وغسل ولمَّع المطبخ وأرضيته، أسرع إلى المدرسة لإحضار الصغار، وتشاجر معهم في طريق العودة، ولم يكونوا متعوِّدين ذلك، أخرج المعجَّنات والبسكويتات، والحليب وأطعمهم، أخرج معهم دفاترهم وأخذ يوجههم لعمل الواجب بعد أن ساعدهم في ترتيب ملابسهم، ثمَّ أخرج طاولة الكي ووقف لكي الملابس التي أخرجها من النشَّافة، وشاهد التلفاز مع الكي.
في الرابعة والنصف بدأ يقطِّع البطاطس ويقليها، ويغسل الخضار الخاصة بالصَّلطة، ويقطِّع شرائح اللَّحم للشَّي، ويعدُّ حبَّات الذُّرة والفول الطازجة للغداء، ثمَّ بعد الغداء، نظَّف المطبخ، أسرع إلى مكنة غسيل الصحون وأعدَّها وشغَّلها، صنَّف الغسيل، حمَّم الأطفال، وساعدهم إلى دخول أسرَّتهم، لم تبلغ التاسعة إلاَّ وقد كان مجهداً مرهقاً وتوقع أنَّ يومه المكتظ لابُدَّ أن يأوي بعده للراحة والنوم دون أن يتيح لنفسه فرصة الَّلوم أو الحنق ممَّا أراد، في الصباح استيقظ وأوَّل ما عمل أن توجَّه إلى ربِّه:«ياربِّ لم أكن ولا أدري فيمَ كنت أفكر، لقد أخطأتُ كثيراً عندما كنتُ أعيب على زوجتي الرُّكون اليومي في المنزل، من فضلك ربِّ أعدني إلى ما كنتُ عليه».
لكنَّ دعوته لم تُجب لأنَّه كان عليه أن يتعلَّم درساً هاماً لا يكفي يومٌ واحدٌ له كي يتعلَّمه كاملاً إذ قيل له:«عليك الانتظار تسعة شهور أخرى».
|