** القاهرة واشنطن الوكالات :
رغم الانتصار الامريكي السريع بالحرب على العراق تصاعد الصراع بين جنرالات البنتاجون ووزارة الخارجية الامريكية حول احقية كل طرف منهما في صياغة السياسة الخارجية الامريكية في ظل ضبابية الرؤية في أوساط وزارة الخارجية والطموحات المتزايدة للبنتاجون.
وتكمن الاشكالية في أن البنتاجون يضم أشخاصا ذوى رؤى واضحة بشأن أولويات السياسة الخارجية الامريكية خلال القرن الحالي في الوقت الذي تفتقر وزارة الخارجية الى الاشخاص وفشلها في تقديم البديل لاستراتيجية البنتاجون.
ويرى محللون استراتيجيون مثل جلين كيسلر ان المنافسة بين الطرفين انعكست على تصريحاتهما بشأن العديد من القضايا الهامة كاعادة اعمار العراق والصراع العربي الاسرائيلي والموقف من المساعي الكورية الشمالية لتطوير أسلحة دمار شامل.
وقال كيسلر انه رغم احجام وزير الدفاع الامريكي دونالد رامسفيلد ووزير الخارجية كولن باول الاعلان عن خلافاتهما الا ان محاولات البنتاجون تولي مهمة بلورة سياسة خارجية أمريكية جديدة القت بظلالها على المسؤولين بالوزارتين حيث بات من الملاحظ وجود توتر خفي بين الطرفين ولاسيما في أوساط الادارة الوسطى.
وانتقل الخلاف بين الطرفين الى القضايا الدولية، فعندما أعلنت الولايات المتحدة عن موافقتها اجراء مفاوضات مع مسؤولي كوريا الشمالية في بكين مارس البنتاجون ضغوطاً مكثفة لاختيار وكيل وزارة الخارجية جون بولتون الذي يعتبر حليفاً مقرباً لرامسفيلد بدلاً من جيمس كيلي خبير الشؤون الآسيوية بالخارجية لترأس الوفد الامريكي في المفاوضات الا ان كولن باول رفض.
ويبدو الخلاف واضحاً بين وزارتي الخارجية والدفاع بشأن عراق ما بعد صدام حسين حيث تطالب وزارة الخارجية بضرورة تحجيم دور رئيس المجلس الوطني العراقي أحمد جلبي نظراً للشبهات التي تحوم حوله بشأن عمليات احتيال وفقدانه للشعبية داخل العراق التي غادرها منذ مدة طويلة.
وفي المقابل قام البنتاجون بنقل أحمد جلبي ومئات من أنصاره الى داخل العراق والسماح له باجراء اتصالات بهدف زيادة شعبيته.
ويرى تيار المحافظين الجدد بالادارة الامريكية ان الاداء البيروقراطي لوزارة الخارجية الامريكية تعرقل جهود الرئيس جورج بوش الرامية الى محاربة الارهاب وحظر انتشار اسلحة الدمار الشامل بمناطق عديدة في العالم ومواجهة الدول المتحدة.
وطالب نيوت جنجريتش رئيس مجلس النواب الامريكي السابق «الذي يعمل ضمن فريق مستشاري البنتاجون» ان وزارة الخارجية الامريكية في حاجة الى اعادة النظر في سياساتها التي ثبت عقمها مشيراً الى أن فشل الدبلوماسية التي تبنتها وزارة الخارجية طيلة الاشهر الست الماضية.
واشار مسؤولون بالبنتاجون الى أن وزارة الخارجية الامريكية فشلت في اقناع تركيا بالسماح للقوات الامريكية بالانتشار في أراضيها اضافة الى انها اخفقت في اقناع فرنسا للموافقة على استصدار قرار من مجلس الامن الدولي يخول للولايات المتحدة شن حرب على العراق.
وفي المقابل يرفض وزير الخارجية كولن باول اتهامات البنتاجون المتعلقة بفشل الدبلوماسية الامريكية قبل الحرب على العراق ويؤكد على الدبلوماسية الامريكية حققت انتصاراً كبيراً عندما حصلت على اجماع دولي داخل مجلس الامن بشأن القرار رقم 1441 الداعي الى عودة المفتشين الدوليين للعراق وتهديد النظام العراقي بعواقب وخيمة حال عدم تعاونه مع المفتشين الدوليين.
وأكد مسؤولون بالخارجية الامريكية ان وزارة الخارجية هي المعنية بصياغة أسس السياسة الخارجية ووضع الاشتراطات بشأن كيفية ايجاد قواعد للقوات الامريكية بالخارج والاتفاقيات الخارجية وتحديد الدعم المالي لعمليات اعادة اعمار العراق مشيرين الى ان نيوت جنجريتش يهاجم سياسات الرئيس جورج بوش عن طريق توجيه الانتقادات لباول ووزارة الخارجية.
وقد رفض الرئيس الأمريكي جورج بوش الرد على أسئلة الصحفيين حول رد فعله على اعتقال طارق عزيز نائب رئيس الوزراء العراقي في حكومة صدام حسين المخلوعة حيث اكتفي بوش باظهار رد فعله من خلال ابتسامة عريضة أظهرت مدى سعادته لوقوع أحد أشهر المسؤولين العراقيين رهن الاعتقال0
وكان بوش قد عاد منذ وقت قليل الى البيت الأبيض بعد زيارة لولاية أوهايو الأمريكية تحدث فيها عن القضايا الاقتصادية، مع تكرار زهوه بالاطاحة بنظام صدام0
وكعادته صافح بوش أعضاء أسرة أمريكية كانت تتجول في حديقة البيت الأبيض، وحاول الصحفيون الصياح من أجل الحصول على تصريح من بوش بشأن رد فعله على أنباء اعتقال طارق عزيز، غير أنه رد على السؤال بتوجيه ابتسامة عريضة للصحفيين ورفع اصبعه الابهام في اشارة على رضاه وسعادته0
وكان مساعدو الرئيس الأمريكي قد أبلغوه على الطائرة التي أقلته الى البيت الأبيض بأنباء اعتقال طارق عزيز الذي يعد الوجه الأشهر بين المسؤولين العراقيين في الدوائر الغربية نظراً لعمله بالقرب من صدام حسين منذ سنوات طويلة0
ولم تظهر الكثير من التفاصيل حول ملابسات اعتقال طارق عزيز غير أن أكثر الروايات تشير الى أنه قام بتسليم نفسه عبر وسيط نقل الى قوات الاحتلال الأمريكية أمس الأربعاء رغبة المسؤول العراقي السابق في تسليم نفسه للأمريكيين0
وعلى الرغم من أن طارق عزيز كان أشبه بالمتحدث الرئيسي باسم صدام والسياسة الخارجية العراقية، الا أن معظم الخبراء العارفين بالشؤون العراقية يشيرون إلى أنه لم يكن من بين أفراد الدائرة الأقرب الى الرئيس العراقي المخلوع0
وتأمل الولايات المتحدة في الحصول من طارق عزيز على المزيد من المعلومات بشأن مصير الرئيس العراقي صدام حسين وبعض الجوانب الأخرى التي مازالت تمثل لغزا للادارة الأمريكية على الرغم من سيطرة قواتها على الأراضي العراقية0 يذكر أن الاسم الحقيقي لطارق عزيز هو ميشيل يوحنا غير أنه غيره فيما بعد.
|