Thursday 24th april,2003 11165العدد الخميس 22 ,صفر 1424

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

ابن حثلين قلق.. ومجد 2-3 ابن حثلين قلق.. ومجد 2-3
راكان شاعر الفرسان.. وفارس البيان

* كتب - زبن بن عمير:
توقفت في العدد الماضي عند شعر راكان الغزلي العفيف ولعلي في هذا الجزء اتناول بعضاً من احداثه واشعاره بدايةً بحكاية سجنه ولعل أقرب الروايات هي تلك التي رواها فهد بن فردوس العجمي لما في وسطها من شعر موثق للحدث وروائية تنص على ما يلي: «كان لراكان «خرجية» مكافأة يستلمها من ابن عودة وكيل حكومة الأتراك في الأحساء، وعندما استقر العجمان في البر ركب راكان مع ستة من رجاله وذهبوا الى الأحساء ونزلوا عند ابن عودة ليوكلوه على استلام مكافآتهم، وكانت الحكومة التركية طلبت من ابن عودة ان يخبرها بوصول راكان، فلما أخبرها بذلك أرسلت قوة قامت بأسره وأرسلته إلى اسطنبول، في أثناء سيره معهم بمنطقة الأحساء شاهد في الطريق بعض النساء اللواتي يحطبن وهن من بنات العجمان وآل مرة، وقد عرفنه فقال لهن هذه الأبيات:


سلام عليكن كلكن يا حطاطيب
الله يساعد كلنا في نويه
بنات يام لا تجن القصاصيب
والبيسري لا تدخلن في حويه»

وذكر فهد بن محمد الفردوس:
«ان الأتراك وضعوا راكان في مكان بعيد عن مدينة اسطنبول، وكلفوا رجلا يصنع له القهوة، وبعض الخدم للقيام على خدمته، ومن بينهم السجان حمزة الذي طلب من راكان أن يحدثه عن أخبار رحلته عبر البحر الى ان وصل تركيا.
فقال له راكان قصيدة طويلة، ونحن نعتقد أن هذه القصيدة ربما قالها راكان وهو في منفاه في «نيش» أثناء حروب العثمانين في البلقان «الصرب»، وربما يكون حمزة زامله في القتال هناك، وهذا مطلعها:


حمزة مشينا من ديار المحبين
الله يرجعنا عليهم سلومي
والنوم يا مشكاي ما لاج في العين
والقلب يا حمزة تزايد همومي
من الخداعه واحتيال الملاعين
هيهات لو أني عرفت العلومي»

ولعل هذه الأبيات أثبات للقصة وأما عن قصة خروجه من السجن فهي ثابتة بعد أن بارز راكان رجلاً أتعب الاتراك وقتل فيهم عدداً كبيراً فخرج له بعد ان طلب فرساً يختارها بنفسه ثم يدربها على طريقته الخاصة وبعدها خرج للرجل واسره ويقال انه قتله وبعدها أُطلق سراحه مكافأة له.
أما الثابت فهو أن راكان اسر في بلدة «نيش» وايضاً كان هناك جرحاً في ذراعه.
وهناك قصائد لاخو لجعه في المنفى لا تكاد تخلو من الوجد والقلق.. الوجد لقبيلته.. والقلق عليها..


وهذا هو قلب الزعيم النادر..
فيا الله يا مطلوب يا قايد الرجا
يا عالمٍ نفسي رداها.. وجودها
ايمان تام ودعاء على ماذا:
انك توفقها على الحق والهدى
ما دام خضرا ما بعد هاف عودها
وابدل لها عسر الليالي بيسرها
وجل المشاكل فل عنها عقودها
وابرج لعينٍ لا اقبل الليل كنها
رمدا وذارفها تغشى خدودها

دمع.. وهم.. «وليلٍ كموج البحر ارخى سدوله.. علي بأنواع الهموم ليبتلي»..


وفوق كل ذلك أسر..
وكبدٍ من اسقام الليالي مريضة
عليها من جمر اللهايب وقودها
هل هو من العشق؟

لا..
اذن من ماذا؟
من الشوق لفياض نجد.. وصبا نجد.. والعجمان:


فيا حظ من ذعذع على خشمه الهوى
وتنشى من أوراق الخزاما فنودها

ثم:


وتيمم الصمان الى نشف الثرى
من اللطف وإلا حادرٍ من نفودها
مع وجه سلفانٍ إلى لاح بارق
نحت له ولو هو نازحٍ من حدودها

لمن:


يا ميَّةٍ.. هم مشعل الحرب لادنا
حريبٍ ورفت للملاقي بنودها

ماذا تريد ان يصل لهم ومن رسولك:


لا واهني يا طير من هو معك حام
وإلا أنت تنقل لي حمايض علومي

كيف والى أين:


ان كان لا من حمت وجهك على الشام
بايسر مغيب سهيل تبغى تحومي
باكتب معك مرسول سرٍ ولا الام
ملفاه ربعٍ كل ابوهم قرومي

هكذا أنت كل قبيلتك في قلبك وكلهم في نظرك نادرين
ولكن ماذا تريد منهم:


سلّم على ربعٍ تنشد بالأعلام
لا واهني من شافهم ربح يومي

يا لهذا الحب العاصف لقبيلتك.. يا لهذا الوفاء.. «ربع يوم» يراهم تكفيه عن زايد شوقه ولعله استبدل عشقه للحبيب بحب اعظم واسمى.. حبه لجماعته.
وربما كان العائق كبيراً بينكم يا راكان ألا تستطيع الهرب:


جال البحر من دونهم له تليطام
ومن دونهم ما يات موجٍ.. تعومي

اعلم انك شجاع.. ولكن فضلت سؤالك فقط:


من عقب ما سيفى على الضد حطام
اليوم سيفى واضعه كنه شومي

ليس عندي ادنى شك في ذلك.. ولكن أردت ان..:


لا من ذكرت دموس عصرٍ لنا دام
قمت اتململ والخلايق نيومي

لم تدعني اكمل أردت أن أسألك عن القلق وكم قضيت من الزمان هنا:


الله من عينٍ لها «سبعة أعوام»
تسهر وتبكي من كثير الهمومي
الحال باد وباقٍ.. جسم وعظام
كنه مريضٍ واقعٍ ومحمومي
سبعة أعياد لم ترى فيها من تحب..

لا ألومك على همك.. وعلى قلقك.. وعلى سقم حالك
ولكن أين أنت؟


وقعت انا في ديرةٍ ما بها اسلام
والبن الأشقر ما يدار معدومي
سجين سجن.. ولاجي عند ظلام
ودوني بحورٍ.. بالحديد محزومي
الإسلام.. لله درك..

كل هذا وأنت محاصر بين حديدٍ.. وبحور.. وليل..


لا يستطيع هذا الصبر أحد..
والجفن يسهر تالي الليل ما نام

ومن جملة الكيفات صرت محرومي
؟؟؟ اعانك الله ..
وعزي لمن مثلي عليه الدهر هام
مقصور رجل ولا جزع ما يشومي
«ولا جزع ما يشومي» لا يستطيع فعل شيء ولا يجزع إلا الحر الأبي أمثالك ولكني لاحظت بداخلك قلقاً دائماً من العشق الى السجن وكأنك طبقت بيت المتنبي:


على قلقٍ كأن الريح تحتي
تحركني يميناً.. او شمالاً
وكأن الدنيا تخبئ لك شيئاً عظيماً؟
وصلاة ربي عد من يلبس احرام
واعداد ما تندري ذواري سمومي
على نبي خصه الله بالاكرام
على جميع الخلق صارمحشومي

لعل القناعة كنز لا يفنى ولكن العقيدة الثابتة أهم من ذلك بكثير.


حمزة مشينا من ديار المحبين
الله يرجعنا عليهم سلومي

الى اين ومع من:


مشوا بنا العسكر لدار السلاطين
في مركب جزاوه تركٍ.. ورومي
عشرين ليلة يمة الغرب مقفين
ماحن نشوف إلا القمر.. والنجومي

هذا دليل على الأسر ولكن ليس باليد حيله:


يا الله يا قابل سؤال المصلين
يا اللي له التقدير في كل يومي
انك تثبتنا على الحق والدين
وانك تروف بحالنا يا رحومي
وعسى مقابيل الليالي لنا زين
من عقب ما هن نوسن العلومي

ايمان تام.. ولعلك ترى من «مقابيل الليالي» خيراً.. ومجداً..
وسؤدداً..
«فما اضيق العيش لو لا فسحة الأمل»
تعالوا لنقرأ هذا الهم القوي المسيطر والإيمان التام:


يا الله.. يا الله.. يا اللي مرقبه عالي
يا اللي تحمل جميع الخلق ميدانه
ومدير الأفلاك.. من حالٍ الى حالي
وفي كل يومٍ جديدٍ عارفٍ شانه
يا من له الحكم وهو القادر الوالي
عبده تحرى على بابه لرضوانه

ثم:


الطف بغربة.. غريبٍ ما معه مالي
إلا رجا الفضل من مولاي واحسانه

هل بعد هذا شيء.. لا اظن ولكن لعلكم تحسون بهمه.. وحاله..
وانظروا امنيته البسيطة:


يا ليت من «سار عدلٍ» في الخلا الخالي
وابعد عن المصطفى وصياح بيبانه
واصبح وقلبه مريحٍ خالي البالي
من صوت الاكراد.. ومراعاة سجَّانه

لا أنيس ولا جليس طافت به الذكريات وعصفت به الطيوف فماذا تذكر؟ ومن خطر على قلبه وباله:


هم نور وجهي.. وهم ملبوسي الغالي
وهم درعي اللي يضم الجوف وامتانه
وهم سيفي اللي فعوله تعجب البالي
يا ليت من زاد يلبس ضمد قيطان
سيفٍ عسى فيه ما نعتاض الابدالي
نحشم وتدار مهابتنا على شانه
انهم جماعته فقط!!
وجدي على ربعٍ دبشها تسوقه
وجدي عليهم والحق.. الويل ويلاه

وهم.. ايضاً منهم:


الهم والله لا به سندوا فوق
دونك منازلها عفتها الرياحي
يا زينهم لا استجنبوا كل صعفوق
يتلون براقٍ .. ورا الصلب لاحي

نعم.. هذا هو نادر في كل شيء حتى في همه.. وقلقه.. وسجنه..
كعادة الأبطال امثاله في ذلك العصر.
في العدد القادم عودته.. وانصافه.. ومدحه.. ورثاؤه ولعلها تكون بعضاً مما في القلب لمثل هؤلاء النوادر من الرجال..
ولعلها حفظاً لهم.. وحقاً علينا تجاههم..
بل انها قليل من كثير..
زبن بن عمير

 

 

[للاتصال بنا] [الإعلانات] [الاشتراكات] [الأرشيف] [الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الى admin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-janirah Corporation. All rights reserved