مع بدء مناقشة جديدة حول كيفية رفع العقوبات ضد العراق، كان الأمين العام كوفي عنان في مؤتمر لقادة الاتحاد الاوروبي في أثينا، يناشدهم لصياغة موقف مشترك حول شروط إعادة البناء السياسي والاقتصادي للعراق وتوقيته.
المناقشات القادمة حول رفع العقوبات ستكون الأكثر سخونة منذ النزاع المرير هذا الشتاء حول قضية العمل العسكري في العراق، ويتم النظر بوضوح للمحادثات من قبل كل من عنان والأعضاء الرئيسيين بمجلس الأمن باعتبارها فرصة حاسمة لاستعادة الثقة في قدرة المنظمة الدولية للحفاظ على السلام والأمن الدوليين.
سيدور الجدل خلال المناقشة حول السؤال الكبير المتعلق بالدور الذي ستلعبه الأمم المتحدة أثناء إعادة إنشاء الحكومة في العراق، وقد أصدر قادة الاتحاد الاوروبي بيانا مشتركا يدعون فيه إلى «دور مركزي» للأمم المتحدة فيما يتعلق بمستقبل العراق، فأي موقع يمكن أن يضعهم في خلاف مع الولايات المتحدة.
وكان الرئيس جورج بوش قد دعا الأمم المتحدة لرفع العقوبات التي فرضت على العراق في عام 1990 والتي كانت أساس كافة برامج الأمم المتحدة ذات الصلة بالعراق. مع انقضاء العقوبات، سوف تتبخر سلطة الأمم المتحدة لمراقبة مبيعات النفط العراقي، وشراء وتوزيع الغذاء، والبحث عن أسلحة الدمار الشامل وتأمين الحدود مع الكويت.
على نحو ما يرى أحد المراقبين الدبلوماسيين في الأمم المتحدة، فإن الجولة الجديدة من القرارات حول العراق ستتضمن مفاضلة سياسية واضحة بالنسبة لأعضاء المجلس.
ويقول هذا المراقب إن الموقف الذي سيضع فيه الأعضاء أنفسهم سوف يعتمد على ما إن كانوا يشعرون بأنهم يحرزون مكاسب سياسية مع الولايات المتحدة يمكن استغلالها في مسائل أخرى أم أنهم يفقدون آخر امتيازات كانوا حققوها في العراق.
فوق ذلك برزت القضية الأكبر المتعلقة بجدوى الأمم المتحدة، وتماسكها ودورها الذي لم يتقرر بعد في قيام حكومة عراقية جديدة متحدثا عن الحرب العراقية وبدايتها، قال عنان: لم تحدث أية قضية مثل هذا الانقسام في العالم منذ نهاية الحرب الباردة، إن معالجة هذا الانقسام لهي أمر شديد الأهمية الآن.
اذ لا يمكن للعالم تحمل فترة طويلة من المعاتبة وتوجيه الإدانات.
وقد إقترح عنان، الذي حثه بعض أعضاء المجلس على القيام بدور في تجسير الإنقسامات في مجلس الأمن، مجموعة من أربعة مبادئ كأساس لأعمال المجلس القادمة، من بين هذه المبادئ أشار عنان إلى حق الشعب العراقي في تقرير نظام الحكم الخاص به وقيادته السياسية بحرية، إضافة إلى إدارة موارده الطبيعية.
وقال عنان إن أي دور للأمم المتحدة في العراق، فيما يتجاوز العمل الإنساني المحض هو أمر يخص مجلس الأمن.
وفي الأمم المتحدة، قال السفير المكسيكي، ادولفو اقويلار زينسر، الذي يتولى بلده رئاسة المجلس هذا الشهر، إن المندوبين في حالة «حوار مكثف» حول مستقبل برنامج النفط مقابل الغذاء، وعمليات التفتيش عن الأسلحة والعقوبات.
واضاف: إن الجميع يجاهدون للتوصل إلى إجماع.وفي أثينا، فشل القادة الاوروبيون في المصادقة بشكل كامل على دعوة بوش للأمم المتحدة لرفع العقوبات الاقتصادية ضد العراق، وينظر بعض دبلوماسيي المجلس لمسألة الحصول على موافقة مجلس الأمن على مبادئ عريضة مقبولة باعتباره مطلباً رئيسياً لأية مفاوضات مستقبلية حول عقدة المسائل المتعلقة بالعراق.
وهناك بعض الوقائع المعقدة ذات الصلة، اذ يقول دبلوماسيو الأمم المتحدة إن تذليل العقوبات سيتضمن نوعاً من التعقيدات القانونية التي ستصاحب إعادة تنظيم هيئة تعاني من المشكلات.
ويتعين اتخاذ قرارات حول كيفية استغلال أو بيع الأصول، أي العقود سيتم الوفاء بها؟ أي الديون سيتم سدادها؟ وتحت أية سلطة أو هيكل ستتم إعادة تشكيل الشركة ويجري تشغيل معظم الاقتصاد العراقي حاليا تحت إشراف الأمم المتحدة، من خلال برنامج النفط مقابل الغذاء، الذي أنشئ في عام 1995.ويتمثل سؤال ملح آخر فيما إن كان دبلوماسيو المجلس سيصرون على أن يعلن مفتشو الأسلحة الدوليين خلو العراق من أسلحة الدمار الشامل قبل إمكانية رفع العقوبات.
وقد قال هانز بليكس، كبير مفتشي الأسلحة، إن بوسعه إرسال فريق تفتيش للعراق في غضون اسبوعين. ولدى كل من روسيا والولايات المتحدة مواقف متناقضة حول التفتيش.
وفي موسكو، قال وزير الخارجية إيغور ايفانوف إنه في الوقت الذي ينبغي فيه رفع العقوبات، فكيما يتخذ مجلس الأمن هذا القرار، نحن في حاجة إلى التيقن مما إذا كان العراق يملك أسلحة دمار شامل أم لا.
متحدثة إلى الصحفيين من مزرعة بوش في كراوفورد، بتكساس، قالت كلير بوتشان. وهي متحدثة باسم البيت الأبيض، إنه لن يكون هنالك تأييد لإعادة إرسال مفتشي بليكس للعراق في أي وقت قريب. وقد تمسك بيان الاتحاد الاوروبي حول العراق بأنه قبل قيام الاتحاد أو الأمم المتحدة بالمساعدة في إعادة البناء، يتعين على قوات التحالف الذي شن الحرب على العراق تحمل المسؤولية لضمان مناخ آمن. وسيتم حمل مجلس الأمن على مخاطبة اثنين على الأقل من الموضوعات المرتبطة بالعقوبات بسرعة، فلقد منحت الأمم المتحدة تفويضا مؤقتا بتعجيل المساعدات الإنسانية من خلال برنامج النفط مقابل الغذاء، غير أن ذلك التفويض ينقضي أجله في شهر مايو.
|