الأنانية والنرجسية وحب النفس صور مختلفة لشخصية واحدة، ونحن وإن كنا نرفض هذه الشخصية وندينها ونشجبها بلغة السياسة، إلا أننا نؤيدها ونشجعها من خلال سلوكنا الحياتي وأسلوبنا الحضاري، فسلوكنا الحياتي يزكي الفوارق الفردية، ويشيد بالتفرد والتميز بين الأشخاص، وهذه احدى البذور الأولية للأنانية، أما أسلوبنا الحضاري - فقل عنه كما تشاء دون حرج أو إحراج - فهو يدعو للفصل والتخصيص بين الأشخاص، وربما العزل والانطواء، فتلك الاتجاهات والمخترعات الحديثة جعلت لكل شخص ثوبه الخاص، وطبعه الخاص، وغرفته الخاصة، وسيارته الخاصة حتى فراشه الخاص، ومن خلال هذا الاتجاه، وذاك الأسلوب تنمو فينا الأنانية وتزدهر يوماً بعد يوم، وتجد لها مرتعاً خصباً في أحلامنا وأمانينا.
* ذلك هو العمود الفقري للشخصية الأنانية، وهنا لا تغيب عن ذاكرتي حكاية النرجسي المحب لنفسه المفتون بجماله، فقدكان يجلس الساعات الطوال يتأمل فيها نفسه على صفحة البحيرة، وكلما زاد الماء صفاء زادت صورته فيها نقاء وزادت أوقات مكوثه وجلوسه بالبحيرة لا يشغله إلا النظر في صورته، والتحديق فيها وتلمس أوجه الجمال بها، وفي غمرة افتتانه بنفسه أراد ان يتلمس جماله فسقط في الماء فغرق ومات.. هذه النهاية المأسوية هل هي نهاية كل شخصية مرفوضة لتكون عظة وعبرة للآخرين ينظرون لها فيتفكرون، ويسترجعونها فيتعظون؟
وإذا كانت عوامل النفس والحياة والتحضر الحديث تدعو الانسان للأنانية، وتزكي هنا الشعور بل تغذيه، فكيف السبيل لنزع هذه الأنياب عنه، ولتجريد الأسنان والسنان منه.
والحق يقال إن للتعليم دوراً أساسياً في تكوين الشخصية والامتحانات وإن كانت أساسية في التقويم والتوجيه، إلا أنها تعتمد على الفردية وتستند إلى الذاتية، وذلك بالطبع للكشف عن الفروق الفردية بين الطلاب.
ونحن من جانبنا نؤكد ذلك بفرحنا عند نجاح أبنائنا الطلاب، ولكن هذا بدوره يصب بشكل ما في مجال تغذية الشخصية الأنانية فما العمل؟
هل تلغى الامتحانات؟ بالطبع لا وألف لا.
هل تطور الامتحانات؟ بالطبع نعم وألف نعم.. ولكن كيف ذلك؟
ان تقسم الامتحانات الى امتحانات جماعية «مجموعات» كل مجموعة من ثلاثة الى أربعة طلاب.. بحيث يُعطَى هؤلاء الطلاب سؤالاً أو مجموعة أسئلة يجيبون عنها جميعاً بالاشتراك معاً ونتيجة الاجابة تعطى لهم دون تفريق، ولاشك ان هذا يحفزهم الى تضافر جهودهم للاجابة معا للفوز بأكبر قدر من الدرجات، وهذا الأمر يُنَّمي فيهم روح الجماعة التي تظهر وتشتد عند المواقف والأزمات والمشكلات فكل مجتمع معرض لذلك وعلينا ان نُعد العدة ونهيىء أبناءنا ليكونوا أشخاصاً أسوياء يخدمون
|