(عيون المها بين الرُّصافَةِ والجِسْرِ)
شربن الأسى جمراً نقيّاً على جمرِ
على شاطئ النهر العظيم تمددتْ
ممزَّقةَ الأثواب.. مكشوفة الصدرِ
إليها يُزَفُّ الليلُ في حُلَّتَيْ أسى
وكانت تَزُفُّ الفجرَ في حللٍ خُضْرِ
حفيدةَ «ذي العامين*» ناءتْ بحملها
فمن قاتلٍ يمشي.. إلى قاتل يجري
أبغدادَ هارون الرشيد تناسلتْ
مآسِيْكِ.. شرٌّ جاء يَقْتَصُّ من شرِّ
جِرَاحُ بنيك الغافلين تطوَّعتْ
لتكشف جرح المؤمنين بما يجري
بنفسي صهيل الخيل دوّى ومقبضٌ
بكفِّ شديد العزم.. مخضوضب النحر
حمى الشرق لمَّا هانَ «نقفورُ*» عنده
فنام قرير العين مبتسم الثغر
ولكنَّ «نقفور» الجديد صديقنا
على خدّنا يمسي.. وفي دمنا يسري
حملناه وزراً.. فانتبذنا.. بلا هدى
وذقناه رمحاً في الضلوع وفي الخصر
و«نقفورنا» عذب الحديث.. مهذّبٌ
مخالبه تدمي.. وضحكته تغري
و«نقفورنا» أذكى فما جاء غازياً
ولكنْ لتحرير السحاب من القَطْر
ونَصْرِ الليالي المظلمات تناسلتْ
بها دمعة الشكوى.. على ضحكة الفجر
أنقفورَ هذا العصر زدنا تبلُّداً
فزدْ قسوةً.. واستأصل الرقم الهجري
ووقتْ لنا ميلادنا.. وانتقم لنا
بمقتلنا من قسوة العالم العبري
وكن واثقاً من عودة الروح إننا
خلقنا لقتل الشرّ في صفحة الشرِّ
سنبقى وإن طال السؤال إجابة
وفجراً وإن طال الزمان على الكفر