Thursday 24th april,2003 11165العدد الخميس 22 ,صفر 1424

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

خير وسيلة للدفاع هي الهجوم..!! خير وسيلة للدفاع هي الهجوم..!!
تركي بن منصور التركي

أكثر من خمسين عاما والقضية الفلسطينية والصراع العربي الإسرائيلي معلق بين مجلس الأمن والأمم المتحدة ومؤتمرات السلام المتعددة هنا وهناك، ورغم هذه المدة الزمانية الكبيرة إلا أن إحراز تقدم يذكر في سير العملية السلمية يسير ببطء بل وبتراجع للخلف أحيانا أخرى، وما الطفرة النسبية التي تحققت بعد توقيع اتفاق مدريد واتفاق أوسلو من قيام سلطة فلسطينية مؤقتة وعودة أشخاص لم يكن يدور بالحسبان عودتهم وعلى رأسهم الرئيس الفلسطيني ياسر عرفات وماتلا ذلك من انتكاسة أصابت السلام برمته بعد تولي الإرهابي إريل شارون وإعادة احتلال مناطق فلسطينية مرة أخرى.. إلا تتمة مصداقا لهذا التعثر القديم..!!
وفي هذا الخضم العربي المتلاحق والمستجدي لواشنطن والدول الراعية للسلام أن تعمل على ممارسة ضغوطها على إسرائيل للقبول بالقرارات الدولية والاتفاقيات الموقعة مع حكومات إسرائيلية سابقة يفاجأ العالم بأن أمريكا تحشد قواها وتهددالجميع ( معنا.. أو مع الإرهاب) وتغزو أفغانستان بحجة القبض على زعيم تنظيم القاعدة أسامة بن لادن.. والذي مازال حرا طليقا حتى اليوم، وانشغل العالم العربي بالمعاناة الأمريكية في حربها ضد أفغانستان، وليس مستغربا أن واشنطن قدمت الوعود أن السلام العربي الإسرائيلي سيكون الهدف التالي بعد أفغانستان..!!
وانتهت الحرب في أفغانستان.. وكان العرب متفاعلين بشكل كبير مع المعاناة الأمريكية حتى أنهم نسوا قضيتهم الأزلية في فلسطين..!! وبينما هم يؤملون في تحرك أمريكي فاعل في دعم السلام.. فوجئوا بواشنطن.. تشن حربها الإعلامية أولا قبل أن تجعلها حربا عسكرية دمرت الأخضر واليابس في العراق.. ومع أمريكا والعالم انشغل العرب بالعراق.. وتركوا القضية الفلسطينية.. وباتوا يتوسطون تارة.. ويضغطون تارة.. وربما يهددون تارة أخرى.. وأجبر العراق على أن يخضع مرات ومرات ويقبل بتفتيش دقيق واستفزازي لكل منشآته العسكرية وغير العسكرية، وفي هذه الحملة الأمريكية التي سبقت العدوان على العراق ترك العرب فلسطين.. ولم يمارسوا ضغوطا مزدوجة على واشنطن، انشغلوا بأسلحة الدمار الشامل التي يراد انتزاعها من العراق وتناسوا مثيلتها في إسرائيل، ولو أخذ العرب في ذلك الوقت مبدأ (خير وسيلة للدفاع هي الهجوم) وركزوا في أحاديثهم ومؤتمراتهم على إسرائيل مع طغيان التركيز الأمريكي على العراق.. لربما حققوا مكاسب كبيرة، وأذكر أن سوريا وحدها فقط وعلى استحياء ذكرت مرة ضرورة إنهاء الصراع العربي الإسرائيلي قبل الشروع في مناقشة المسألة العراقية، ولأن العرب انتهجوا وسيلة (الدفاع) فقد تصدوا بقوة ومن خلال مؤتمراتهم وإعلامهم المقروء والمسموع إلى الدفاع عن العراق.. ونفي حيازته لأسلحة دمار شامل.. وتفاعل أولي ومتسارع مع أحداث العراق.. حتى وقع العراق تحت الاحتلال الأمريكي.. وفلسطين مازالت قضيتها حبيسة الأدراج الأمريكية، رغم أن بوش الابن وقبل بدء عدوانه على العراق بأيام حاول رشوة العرب حينما قال لهم إن (خارطة الطريق) هي التالية لحرب (تحرير) العراق كما كان قد نفى إبان حربه في أفغانستان أن تكون العراق الهدف التالي...!!
الآن وفي التناول الرسمي الأمريكي والإعلامي بدأت تثار قضية سوريا..!! وبدأ العرب في ممارسة طريقتهم المعتادة (الدفاع).. وبدأت التحذيرات والنداءات تتوالى على أسماع الإدارة الأمريكية، وتناسى العرب العراق..!! وجندوا وسيجندون من الآن فصاعدا جهودهم ومؤتمراتهم للدفاع عن حيازة سوريا لأسلحة دمار شامل، وعن إيوائها لقادة عراقيين، وعن دعمها للإرهاب..وعن.. وستتوالى القائمة الأمريكية وسيستبسل العرب في الدفاع عن سوريا وأخوف ما أخافه أن نصحو يوما ونجد سوريا كالعراق وقبلها كفلسطين، وحتى لو ابتعدنا عن التشاؤم فإن مصير هذه الحرب الأمريكية على سوريا حاليا لابد وأن تنتهي بإخضاع سوريا للمطالب الأمريكية والتي ذكر أن إسرائيل تعد حاليا أجندة من المطالب ستوافي بها الإدارة الأمريكية يأتي على رأسها إيقاف الدعم السوري لحزب الله وطرد المنظمات الفلسطينية الموجود بأراضيها والكف عن المطالبة بمرتفعات الجولان وغير ذلك.
هنا ومع تغير الخطاب الأمريكي رسميا وإعلاميا بشكل متتابع لخدمة أهدافه، لماذا لايغير العرب أيضا سياستهم ويجربوا وسيلة (خير وسيلة للدفاع هي الهجوم..؟؟)
لماذا لايكثف العرب حكاما وإعلاما ومن خلال سياسات متفق عليها خططاً للحديث عن (احتلال) العراق.. واشغال المحافل الدولية بهذا الأمر..؟ فواشنطن ستتحول إذ ذاك إلى دور المدافعة..والمبررة وستتناسى بحثها عن عدو جديد، وهذا الإسلوب من شأنه أن يجبر الإدارة الأمريكية على تغيير سياستها، إذ إنها وهي تكسب من خلال وسيلتها الحالية فهي لن تغيرها وستحرص على تحقيق أكبر قدر من الغنائم والمكاسب عسكرية كانت أو سياسية، ولن تكون سوريا هي الهدف الوحيد فيما لونجحت أمريكا وحليفتها إسرائيل بفرض مطالبهم عليها بل إنها ستتجه إلى جميع دول الوطن العربي واحدة تلو الأخرى.. وربما يأتي حينئذ من يردد ( أكلت يوم أكل الثور الأبيض..!!)

 

 

[للاتصال بنا] [الإعلانات] [الاشتراكات] [الأرشيف] [الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الى admin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-janirah Corporation. All rights reserved