سقطت بغداد في الوهم الغبي
مثلما يسقط في الوحل صبي
واختفى تحت الدجى حراسها
ورموها للقيط الأجنبي
أسلموها لقمة سائغة
حين ذابوا في دروب الهرب
ذاب من نادى طويلاً باسمها
ذاب لكن الأسى لم يذب
أي بأس تكتوي نيرانه
مهج حرى بزيف الكذب
أي خزي سافر نقتاته
حين نشوى في أتون النوب
هذه النكبة خضنا قبلها
نكبات لم نفق أو نتب
بل ترانا كل يوم نقتفي
جاهلاً نوليه أمر المركب
حظه قيد وسوط لاهب
وزنازين وطيش عصبي
وجموع لم تزل رابضة
حوله عن رغب أو رهب
وجموع آثرت لو أنها
سلمت من بطشه المرتقب
كل من قال له لا راغباً
في خلاص من مصير مرعب
نال حد السيف أو ما دونه
من نكال في ثنايا غيهب
وغدا العاقل مهزوز الرؤى
شارد الذهن طويل النصب
لا يرى من حوله بارقة
من رجاء أو بقايا أرب
فانثنى من همه في همه
وتوارى في بطون الكتب
يلبس العصر الذي نلبسه
قطعاً من سالفات الحقب
هذه بغداد حال شاخص
لانغماس في فنون اللعب
واضطراب أغرقت جذوته
أنفساً في الغسق الملتهب
فئة ترفل من نعمائها
في قصور طرزت بالذهب
وسواد أعظم يثقله
رهق الخوف وطول السغب
إن تكن ترجو من الصخر الندى
فارجُ إبداعاً من المضطرب
أو تكن تبصر ليثاً كاسراً
عاف ناباً، واغتنى عن مخلب
فانظر القضبان وانظر فعلها
كيف أذوت هيبة المستلب
إن هذي الأرض مهما رحبت
سجن من يحرم حق الغضب
لا تسل عن عيشة فارهة
واعتلاء في فراغ الرتب
سل عن الحق.. وعن صاحبه
وعن العزة .. والقلب الأبي
عن ضمير كسرت نخوته
صولة الباطل رغم اللجب
عن نفوس عرفت خالقها
فمضت تسلك منهاج النبي
لم تبع ديناً بدنيا طمعاً
أو تبايع زمرة المغتصب
إن يكن طاب لظلم يومه
فالليالي ربما لم تطب
ينصر الله الذي ينصره
سنة لم تختلف أو تغب
فقس الحال على صاحبها
وانتظر ميعادها واقترب
سقطت بغداد لكن قبلها
سقطت كل دعاوى العرب