* كتب - عبدالله العاصم:
يتجه رجال أعمال سعوديون الى توسيع التبادل التجاري مع الدول الآسيوية وخاصة اليابان والصين.
وأفادت مصادر اقتصادية ان هذا التوجه ليس بسبب أحداث الحادي عشر من سبتمبر أو رغبة رجال الأعمال السعوديين في البحث عن شركاء جدد وتخوفهم من الاستثمار في الولايات المتحدة الأمريكية.
وأكدت المصادر ل«الجزيرة» ان توجه رجال الأعمال السعوديين الى اليابان والصين يأتي استكمالا وتتويجا للزيارات الرسمية المتبادلة والتي قام بها كبار المسؤولين في الدول الثلاث «المملكة واليابان والصين» والتي كانت جميعها قبل أحداث سبتمبر وأهمها الزيارة التاريخية لصاحب السمو الملكي الأمير عبدالله بن عبدالعزيز ولي العهد ونائب رئيس مجلس الوزراء ورئيس الحرس الوطني الى الصين، وأيضا زيارة صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن عبدالعزيز أمير منطقة الرياض الى الصين واليابان، وفي مقابل ذلك زيارة الرئيس الصيني السابق السيد زيمين وولي عهد اليابان.
وأبانت المصادر ان لدى الجانب السعودي رغبة مشتركة ومتبادلة مع اليابانيين والصينيين لتوسيع تبادلهم التجاري في ظل ما هيأته المملكة من ظروف ملائمة لتوسيع الاستثمار ولسنها قوانين وأنظمة اقتصادية جديدة تسهل وترغب وترحب بالاستثمار الأجنبي. وفي اليوم العاشر من شهر ذي القعدة الماضي أفاد رئيس الغرف التجارية الصناعية السعودية ورئيس مجلس ادارة الغرفة التجارية الصناعية بالرياض الأستاذ عبدالرحمن بن علي الجريسي تحركاً اقتصاديا لدعم وتوسيع علاقات المملكة التجارية مع اليابان والصين، وترأس الجريسي وفداً اقتصاديا كبيرا ضم أكثر من 90 شخصية اقتصادية سعودية في زيارة عملية ناجحة الى اليابان والصين، واستثمرت الزيارة لمدة عشرة أيام. كانت المحطة الأولى للوفد العاصمة اليابانية طوكيو، وتم في هذه الزيارة عقد الاجتماع الرابع لمجلس الأعمال السعودي الياباني وترأس الجانب السعودي في هذا الاجتماع عبدالرحمن الجريسي وترأسه من الجانب الياباني السيد هيروشي سايتو رئيس بنك ميزوهو بحضور مسؤولين من الحكومة ورجال أعمال يابانيين وأعضاء من الوفد السعودي، وفي هذا الاجتماع أشاد السيد هيثرو بالاصلاحات الاقتصادية السعودية وأبدى اهتمام بلاده بهذه الاصلاحات التي أظهرت نتائج ملموسة، وأبدى رغبته في تقليص القائمة السلبية للاستثمار الأجنبي في المملكة وأعرب عن تطلع الحكومة اليابانية ورجال الأعمال اليابانيين الى المزيد من التعاون بين القطاع الخاص في البلدين، وبين رئيس بنك ميزوهو الياباني ان المشاريع الصناعية اليابانية المشتركة مع القطاع الخاص في المملكة تشمل الأدوية والأقمشة والميثانول وتحلية المياه. وقال: إن الحكومة اليابانية تدعم هذه المشاريع وان المسؤولين اليابانيين مسرورون لانجاح هذه المشاريع، وتحدث السيد سايتو عن مركز التعاون الياباني مع الشرق الأوسط jccme فذكر ان نشاطاته في المملكة تشمل مجالات التدريب والمياه والمنشآت المتوسطة والصغيرة وقطع غيار السيارات.
ودعا الأستاذ عبدالرحمن الجريسي في الاجتماع الشركات اليابانية الجادة والمؤهلة الراغبة في الاستثمار في المملكة الى التعاون على أساس مشاريع مشتركة مع نظرائهم السعوديين والبدء بالأعمال من الفرص الاستثمارية الواعدة وخاصة في مجالات الغاز الطبيعي والكهرباء والنقل والصناعات الكيماوية والبتروكيماوية. وبين ان المملكة تدرك ان العلاقات الاقتصادية بين البلدين يجب توسيعها من خلال التجارة والاستثمار مع الاستفادة من الخبرات المتاحة، وذكر ان اليابان تعد الشريك التجاري الثاني للمملكة في مجالي الاستيراد والتصدير، موضحا ان المملكة استوردت من اليابان في 2001م بضائع قيمتها 3478 مليون دولار، وصدرت اليها بقيمة 10426 مليون دولار، في حين بلغت المشاريع المشتركة بين البلدين حتى يونيو 2001م ما مجموعه 5675 مليون دولار شملت 41 مشروعا منها 12 مشروعا صناعياً فقط، بينما هناك 29 مشروعا تجاريا وتبلغ حصة اليابان 57% في المشاريع الصناعية و9% في المشاريع التجارية. وأفاد الجريسي ان العلاقات بين البلدين لاتزال بعيدة عن قدراتها الاقتصادية على الرغم من ان لديها عدداً من الفرص التي تلعب فيها الميزات النسبية دوراً رئيسياً.
وفي الاجتماع طرح الحضور عددا من الموضوعات التي تم مناقشتها بين الجانبين، حيث تساءل د. عبدالرحمن الزامل عن تأثيرات الحرب على العراق في الاقتصاد الياباني وعلى توسيع التجارة بين المملكة واليابان، وذكر د. عبدالله دحلان ان القرارات في اليابان بطيئة، وقال: في كل عشر سنوات يقام مشروع واحد مشترك بين البلدين، وذكر ان رحلات الخطوط السعودية لا تصل الى اليابان مع ان هناك 250 تأشيرة يابانية للسعوديين كل أسبوع، وفي تجاوب مع المداخلات أوضح السيد كوناغا عضو مجلس إدارة jccma ان اليابان أنشأ مكتباً في هيئة الاستثمار السعودية لتسهيل التواصل بين رجال الأعمال اليابانيين والسعوديين وتبادل المعلومات، وبين انه تمكن للرحلات الجوية السعودية ان تصل مطار كانساي، وعلل عدم امكانية وصول رحلات السعودية الى مطار ناريتا الى ازدحام الحركة الجوية، وأكد اليابانيون في ردودهم ان اليابان مؤهلة للعمل كشريك للمملكة ازاء التحديات السياسية في العالم، وفي ردود الجانب السعودي على تساؤلات اليابانيين، أوضح القائم بالأعمال السعودي في اليابان الأستاذ محمد ولي ان السفارة السعودية في طوكيو تقدم كل التسهيلات اللازمة ومنها منح التأشيرات لرجال الأعمال اليابانيين دون تأخير، وأبان الجريسي في رده على احدى المداخلات ان المملكة بلد أمن تماماً وان فيها سبعة ملايين عامل ومقيم من جنسيات مختلفة، ودعا اليابانيين الى عدم التردد في زيارة المملكة والتعرف عن كثب على مناخ الاستثمار والنشاط الاقتصادي في المملكة.
وفي جمهورية الصين الشعبية أكد رئيس مجلس الغرف التجارية الصناعية السعودية ورئيس مجلس ادارة غرفة الرياض الأستاذ عبدالرحمن الجريسي في جميع لقاءاته بالمسؤولين الصينيين ورجال الأعمال في الصين على عمق العلاقة التجارية بين المملكة والصين، وقال انه يتطلع الى ان يصل حجم التبادل التجاري بين المملكة والصين الى 10 مليارات دولار واستعرض العلاقة التجارية بين البلدين موضحاً انها بدأت بمبلغ 300 مليون دولار، حتى وصلت الى 6 مليارات دولار خلال فترة وجيزة.
والتقى الجريسي خلال الزيارة بنائب رئيس الوزراء الصيني «الرئيس الحالي» الذي قدر لرئيس الوفد السعودي جهوده للعمل على تنمية التجارة بين المملكة والصين، والتقى الوفد السعودي بنائب وزير التجارة الخارجية الصيني الذي دعا رجال الأعمال السعوديين للاستفادة والتجارة في اللحوم الحية بالصين، وعدد المسؤول الصيني مزايا الاستثمار في الثروة الحيوانية والمحاصيل الزراعية.
وفي لقاء رئيس الوفد السعودي وعدد من أعضاء الوفد بنائب رئيس البرلمان والنائب المسلم السيد تيمور دارامات أشاد الجريسي بالتجربة الصينية في التحول الذكي والمدروس من النظام الشمولي الى النظام الرأسمالي، وتطرق الى النتائج الايجابية لزيارة سمو ولي العهد الى الصين وزيارة الرئيس الصيني السابق الى المملكة.
وفي مدينة شيان الصينية التقى وفد رجال الأعمال السعوديين بحاكم المدينة الذي دعا رجال الأعمال السعوديين للاستثمار في شيان لتوفر كافة المقومات الأساسية لذلك.. من مواد خام وأيدي عاملة رخيصة وشركاء صينيين. واستعرض ما تتميز به المدينة من محاصيل زراعية ومعادن وفحم، وتحدث رئيس الوفد السعودي عبدالرحمن الجريسي خلال اللقاء عن التجارة والاستثمار في التمور بالمملكة، وبين ان المنتجين السعوديين يبحثون عن شركاء صينيين للاستثمار في التمور والتي تنتج بكميات كبيرة في المملكة.
وتطرق الوفد الاقتصادي السعودي خلال زيارته لمدينة شنجن الصينية والتي تعتبر مدينة التقنية في الصين ولقائه حاكم المدينة الى تجربة المملكة في المدن الصناعية، وضرب الجريسي مثلا لذلك بتجربة الجبيل وينبع كأكبر مدينتين صناعيتين في المملكة لانتاج البتروكيماويات. وقال: إن هاتين المدينتين تحولتا من مجرد قريتين صغيرتين الى قلاع صناعية عملاقة في ظل الدعم والمؤازرة من حكومة المملكة التي انتهجت مبدأ الاقتصاد الحر منذ نشأتها.
ومن أهم وأبرز الأعمال التي يؤمل من خلالها دعم التعاون الاقتصادي بين المملكة والصين عقد الاجتماع الخامس للجمعية الصداقة السعودية الصينية والذي عقد في العاصمة الصينية بكين، وترأس الجانب السعودي الأستاذ عبدالرحمن الجريسي وترأسه من الجانب الصيني الدكتور وانغ تاو رئيسا الجانبين في الجمعية. وفي الاجتماع أوضح رئيس الجانب الصيني أنه أحيط علماً بملاحظات من السعوديين حول تصرفات شركات صينية من حيث عدم الالتزام بالمواصفات ومواعيد التسليم. وبين أنه أبلغ الهيئات والوزارات في الصين بهذه الملاحظات وطمأن الجانب السعودي الى وجود قانون العقود التجارية ولوائح التجارة الخارجية في الصين التي تضبط هذه الأمور، وطالب الجانب السعودي بموافاة الجانب الصيني باسم أي طرف صيني مخالف مع نوع العقد، حيث يمكن بموجب ذلك توبيخه أولاً ثم معاقبته إذا لزم الأمر.
وأفاد السيد تاو أن الجانب الصيني يشجع الشركات الصينية على اقامة مصانع في المملكة لمنتجات تحتاج اليها السوق السعودية، وأشار الى ان شركات صينية منها شركة ولسي مهتمة باقامة مصنع مشترك في المملكة.
وكشف السيد تاو ان لدى الجانب الصيني تصوراً لاقامة فندق يناسب العادات والتقاليد العربية، وبين انه تم طرح هذه الفكرة التي تحظى بتأييد الحكومة الصينية وبلدية بكين على سفراء الدول العربية في بكين فرحبوا بها، وقال: سيكون الفندق ذا طابع عربي واسلامي وسيقام على مساحة 000 ،220م مربع وستبلغ مساحته 000 ،250م مربع، وزاد قائلاً: يتم الآن البحث عن مصادر التمويل علماً ان المشروع سيكلف 300 مليون دولار أمريكي، وأبان ان الجانب الصيني يفضل نظام المساهمة بحيث يساهم في المشروع الجانب الصيني والدول العربية وان الجانب الصيني يرحب بمساهمة رجال الأعمال السعوديين في المشروع. وعلق الأستاذ عبدالرحمن الجريسي على ما ذكره السيد تاو بالتأكيد على عمق العلاقات التجارية بين المملكة والصين وأكد أيضا ان الصين التي تحتل المركز الخامس بين شركاء المملكة التجاريين ستحتل في المستقبل المركز الأول أو الثاني إذا ما استمر التعاون والعمل بين الجانبين بنفس الروح، وأبان رئيس الغرف السعودية ان المنتجات الصينية تلقى القبول لدى السعوديين، وأبدى قلقه من التأثير السلبي لاقبال السعوديين على السلع الصينية بسبب تصرفات بعض التجار الصينيين الذين يخلون ببعض الاتفاقيات. وقال: سنعمل على تزويد الجانب الصيني بالمعلومات اللازمة حتى يمكن معالجتها سريعاً، وكلنا متفقون على أهمية الثقة والمصداقية في التعامل التجاري والتبادل التجاري بين البلدين، وبين ان اخلال رجال الأعمال السعوديين بالتزاماتهم إذا ما رغبوا زيادة الصادرات السعودية الى الصين سيؤدي الى معاملتهم بمثل الطريقة التي يعامل بها التجار الصينيون المخالفون من قبل بلدانهم.
وأوضح الجريسي للجانب الصيني ان المملكة سنت أنظمة وقوانين جديدة لتشجيع الاستثمار وبموجب هذه الأنظمة يمكن للمستثمر الصيني اقامة مشاريع في المملكة برأس مال صيني 100% كما يمكنه الدخول في مشاريع عن طريق الشراكة، وأبدى ترحيبه بتعاون الجانبين السعودي والصيني في مجالات الاستثمار المتاحة في المملكة وفي مجالات المعادن والتعدين، وقال: لدينا في المملكة عشرون نوعا من المعادن منها الذهب والفضة والحديد والنحاس والفوسفات والبوكسايت، كما نرحب بالتعاون في مجال البتروكيماويات موضحا ان لدى المملكة مشاريع بتروكيماوية عملاقة في اليابان والولايات المتحدة وأوروبا، وجميعها تتمتع الصين فيها بخبرة جيدة، وبين ان من مجالات الاستثمار الأخرى المتاحة في المملكة نحو 20 مشروعا ومرفقاً حكومياً أتيح مؤخراً للتخصيص وتقدر قيمتها بملايين الدولارات وجميعها مشاريع يمكن رجال الأعمال الصينيين المشاركة فيها.
وشكر الجريسي الجانب الصيني لفكرة اقامة فندق على الطراز العربي والاسلامي، وقال: تعد هذه الفكرة لفتة كريمة من الجانب الصيني ونحن على ثقة من ان هناك مستثمرين سعوديين يرغبون الاسهام في هذا المشروع، كما طرح رئيس الوفد السعودي على الجانب الصيني دخول رجال أعمال صينيين في مشاريع تجارية وصناعية مشتركة مع سعوديين في مجال انتاج وتصنيع وتعبئة التمور ومشتقاتها مبينا ان المملكة تعد من أكبر دول العالم المنتجة للتمور والتي يتم انتاجها على شكل عجائن وحلويات وعصير وخل وكحول طبية.
وفي الاجتماع الخامس لجمعية الصداقة السعودية الصينية تم الاتفاق على عقد الاجتماع السادس للجمعية في الرياض في وقت لاحق من هذا العام، واقترح السيد تاو ان تكون زيارة الوفد الصيني للمملكة في النصف الثاني من العام الجاري. وتم في زيارة الوفد السعودي للصين التوقيع على انشاء مجلس الأعمال السعودي الصيني وهم وبحسب الجانبين سيسهم في تطوير العلاقات التجارية بين المملكة والصين.
|