في عصر السرعة وفي اسواق تتغير باستمرار، ومع منافسة تسويقية لاتتقيد بمنطق او قواعد، ماذا يمكن للمؤسسات والشركات المحلية التي تتطلع الى الربح ان تفعل لتحصل على معلومات معتمدة في الوقت المناسب؟ هل الاهتمام بالموظفين وتقديم افضل الخدمات والاسعار للعملاء مثلاً يفي بالغرض ليصرف نظرها الى ضرورة ايجاد حلول ملائمة لمواكبة سرعة التغيُّرات العصرية المتلاحقة؟ الاجابة هي: كلا إذ لابد من ان تتكيف الشركات والمؤسسات السعودية مع اشكال التنظيم وتحولاته الادارية لتتماشى مع اوضاع السوق المتطورة بحيث تصبح مرنة متحركة طبقاً لما يمليه السوق عليها من موسم لموسم، فإذا كانت الاسواق تتغير كل يوم وتنتقل من طراز لطراز ومن موضة لأخرى، فان الشركات السعودية التي تبتعد عن أو تلغي التنظيم الثابت بحيث انها تُدار طبقاً لاحتياجات السوق المتغيرة هي الشركات التي سوف تستمر وتبقى في السوق.
في عالم كهذا نحتاج للكثير من المعرفة والمعلومات و التدريب والعلاقات المتشابكة لتتمكن الشركات من تقديم عروضها وخدماتها بسرعة وجودة عالمية منافسة، لقد بدأ هذا العصر في منتصف الخمسينيات ولم يدرك غالبية رجال الاعمال في المملكة ذلك حتى منتصف السبعينيات مع الطفرة الاولى، ثم انتبهت قلة من النابهين الى هذا الموضوع خلال السنوات العشر اللاحقة، وبحلول الثمانينيات الميلادية من القرن المنصرم تنبه الجميع الى وجود تغيرات واشكال مختلفة اقتصادية في الاسواق والاذواق السعودية، ولو ان البعض مازال مستمراً في المناقشة والجدل حول هذا الموضوع مما افقدهم فرصة الاخذ بفوائده، الا ان الفرصة مازالت متاحة امامهم للاستفادة منها، وكما نرى ان الفرصة باقية ومتاحة لمدة زمنية جيدة لاتقل عن ثلاثين سنة قادمة قبل ان يطل على العالم نظام اقتصاد جديد، وعلى رجل الاعمال ان يكون هو اول من يدرك ضرورة تعديل او اعادة تشكيل اسلوب العمل ومعرفة ما يمكن عمله لمواجهة التغيرات الانتاجية وتطوراتها فالإنسان لايدرك خطأه الا بعد ضياع الفرصة الذهبية منه.
ان التحسينات في عمليات الانتاج مثلاً قد لاتكون كافية لبقاء الشركات على قائمة المتنافسين ومن المستحسن الاخذ بقواعد التجديد والتقنية الحديثة باستمرار في الاعمال والمنافسة، ذلك ان للمنتجات والسلع دورات حياة مثل كل الكائنات الحياة، وان لكل مرحلة من مراحل الانتاج ارتباطاً زمنياً يرتبط بطفرة تكنولوجية معينة، ثم يتباطأ النمو عند مرحلة الاشباع الى ان تدب الشيخوخة فيه في عدم الاقبال على شرائه وشراء منتج آخر بديل اكثر تطوراً وجودة وجمالاً، لذا فان انسب الاسس لتعديل التنظيم او التغيُّر الاداري للشركات هو تجديد ورؤية اعماله في المستقبل وعدم التركيز على شكله ووضعه الحالي لسنوات قادمة دون تغيُّر جذري لاركانه ومنتجاته واساليبه المعمول بها.
|