* القاهرة - مكتب الجزيرة - علي البلهاسي:
وسط ترقب دولي واقليمي لنتائجها اختتمت امس بالرياض القمة المصرية السعودية بين الرئيس المصري حسني مبارك وخادم الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبد العزيز وصاحب السمو الملكي الأمير عبد الله بن عبد العزيز ولي العهد. وتأتي القمة الاخيرة في اطار تواصل واستمرار الجهود المصرية السعودية من أجل ضمان استقلال وسيادة ووحدة اراضي العراق وحق الشعب العراقي في اختيار حكومته بنفسه خاصة في ظل تدهور الاوضاع الذي تشهده الاراضي العراقية منذ سقوط بغداد في يد قوات الانجلو أمريكية.
كما تأتي القمة ختاما لجولة قام بها الرئيس مبارك بين عدد من الدول العربية والخليجية بدأت بسوريا مرورا بالبحرين والامارات وانتهت بالسعودية في محاولة لانقاذ الاوضاع في العراق ووقف الانفلات الأمني الذي يسود الشارع العراقي فيما وصف بانه قمم عربية مصغرة ستشهد الفترة المقبلة الكثير منها لحين الاتفاق على عقد قمة عربية موسعة لبحث الاوضاع المتردية في العراق وفلسطين. وكعادتها تكتسب القمة المصرية السعودية أهمية خاصة من دون القمم العربية لكونها تعقد بين الدولتين المحوريتين في العالم العربي واللتان تقودان الموقف العربي لمواجهة التحديات الراهنة التي تواجهها المنطقة. ووفق تصريحات مصادر دبلوماسية فقد ركزت القمة المصرية السعودية حول مجريات الاحداث والتطورات الخطيرة في المنطقة والاوضاع في العراق على ضوء مقررات المؤتمر الاقليمي للدول المجاورة للعراق الذي عقد مؤخرا بالرياض وتنسيق المواقف المصرية السعودية بشأن التحرك المطلوب في المرحلة الراهنة. وكان المؤتمر الاقليمي الطارئ بالرياض قد اكد ضرورة التحرك لضمان انسحاب القوات الاجنبية من العراق واقامة حكومة دستورية تستجيب لمطالب شعبه. ومن جانبه أكد وزير الخارجية المصري احمد ماهر عدم اعتراف مصر بالسلطة العسكرية في العراق موضحا ان العراق في حالة احتلال يجب ان تنظمها الاتفاقية الدولة الخاصة بهذا الشأن كما اكد صاحب السمو الملكي الأمير سعود الفيصل وزير خارجية المملكة على ان القوات التي تقودها الولايات المتحدة والتي غزت العراق ليس لها حق شرعي في استغلال ثرواته البترولية كما ان العقوبات الدولية المفروضة على العراق يجب ان ترفع فقط عند تولي حكومة شرعية الحكم هناك.
مواقف ثابتة مشتركة
التحضير للقمة المصرية السعودية والتي كانت مرتقبة من جانب العديد من الاطراف جرى خلال الزيارة الاخيرة لسمو وزير خارجية المملكة الأمير سعود الفيصل إلى القاهرة والتي التقى خلالها الرئيس مبارك حيث كانت التطورات الاخيرة في العراق محور المباحثات بين الطرفين واسفر الاجتماع عن مطالبة الجانبين المصري والسعودي كلا من واشنطن ولندن بالاسراع في تشكيل حكومة انتقالية تجنبا للفوضى التي تسود العراق ودعا الجانبان إلى ضرورة اقامة مؤسسات عراقية لتفادي الفوضى الجارية الآن في العراق. ومن جانبه دعا وزير الخارجية السعودي الولايات المتحدة إلى اعادة الوضع في العراق تحت السيطرة محذرا من امكانية حدوث انهيار أمني كامل هناك. يذكر ان الجهود المصرية السعودية المشتركة قد بذلت العديد من المحاولات قبل الحرب في محاولة لتفادي اندلاعها وكانت الازمة العراقية على رأس موضوعات المباحثات بين الجانبين المصري والسعودي سواء على مستوى وزراء خارجية كل من البلدين أو على مستوى القادة وكانت القمة المصرية السعودية السابقة في أواخر شهر سبتمبر من العام الماضي قد ركزت على سبل تفادي الحرب واتفق الزعيمان مبارك والأمير عبد الله على ضرورة مواصلة الاتصالات مع اطراف دولية للحيلولة دون توجيه ضربة أمريكية للعراق والسعي لاحتواء الازمة واتفق موقف الجانبين منذ البداية على معارضة أي هجوم عسكري أمريكي على العراق. وتركز الجهود المصرية السعودية في الفترة الحالية على ضرورة الحفاظ على سلامة ووحدة اراضي العراق وثرواته وضمان الامن والاستقرار فيه والتأكيد على حق الشعب العراقي في اختيار مستقبله السياسي. كما تركز جهود الدولتين على بحث التهديدات الأمريكية لسوريا ومحاولة احتواء التوتر بين واشنطن ودمشق من خلال الحوار الفعال. وتسعى الجهود المصرية السعودية إلى تفعيل مقررات المؤتمر الاقليمي الذي عقد في الرياض حول مصير العراق وتأكيد أهمية العمل بما جاء في بيان اجتماع الرياض من قرارات وعلى رأسها تأكيد ان مستقبل العراق بيد الشعب العراقي وان الحكومة يجب ان تنبع من الادارة الحرة المستقلة لهذا الشعب وان العراق يجب ان يظل متحدا وآمنا ويأمن معه جيرانه وكذلك التأكيد على أن تقوم الامم المتحدة بدور سياسي مركزي في اعادة بناء العراق والتأكيد على الرفض التام للتهديدات الأمريكية الموجهة لسوريا وان أي خلاف يجب ان يعالج بالحوار وبالطرق السياسية والدبلوماسية.
قمم عربية
القمة المصرية السعودية توجت قمماً عربية عديدة مصغرة جمعت بين الزعيم المصري حسني مبارك وكل من زعماء سوريا والبحرين والإمارات في اطار جولة الرئيس مبارك الاخيرة وتأتي هذه الجولة في اطار اتصالات واسعة النطاق عربيا واقليميا ودوليا تجريها القاهرة بشأن متابعة الوضع في العراق والعمل على سرعة انتهاء الاحتلال وخروج القوات الأجنبية واستتباب الأوضاع وعودة الأمن والاستقرار والسلام لشعب العراق وبدأت هذه الاتصالات بقمة مبارك والملك عبد الله الثاني ملك الاردن بالقاهرة ووفق رؤية عدد من المراقبين تعتمد خطة التحرك المصرية تجاه هذه القضية على عدد من المحاور الأساسية في مقدمتها وقف فوري لكل اشكال العمليات العسكرية والعمل على سرعة سحب القوات الأجنبية من اراضيه وإنهاء كافة أشكال الاحتلال والعدوان على العراق وسرعة تشكيل حكومة وطنية عراقية لمرحلة انتقالية لحين اجراء انتخابات عامة بالبلاد وان تعبر هذه الحكومة عن ارادة شعب العراق بكافة فئاته دون تدخل اجنبي أو فرض حكومة معينة عليه كما يتضمن التحرك المصري العمل ضمن تحرك دولي لتشكيل رأي عام دولي مناهض لاستمرار الاحتلال الاجنبي للعراق وتذكير واشنطن بأن من مصلحتها سرعة انهاء الوضع المتأزم في العراق ورفض أي اتجاهات لتوسيع نطاق المواجهة أو التهديدات ضد دول اخرى سواء كانت عربية أو إسلامية مما سيوسع نطاق الكراهية ضدها لدى الرأي العام العربي والإسلامي ويؤثر سلبا على مصاحلها بالمنطقة واخيرا تركيز الجهود المصرية على اعطاء الامم المتحدة دوراً أساسياً في تقرير مصير العراق ويرى المراقبون ان جولة مبارك الاخيرة والتي توجت بقمة الرياض سعت إلى تأكيد هذه العناصر كأساس للتحرك العربي في المرحلة المقبلة. ويتوقع المراقبون ان التحرك العربي سواء عربيا أو اقليميا أو دوليا سيشهد لقاءات قمم مصغرة واتصالات على كافة المستويات لتأكيد هذه العناصر وهو ما كشف عنه وزير الخارجية المصري أحمد ماهر الذي اكد أنه ستجري مزيداً من اللقاءات العربية سواء ثنائية أو غيرها بهدف متابعة الوضع بالعراق وقال ان هناك اتصالات ولقاءات متبادلة سوف تشهدها الايام القليلة المقبلة لبحث سبل التعامل مع هذا الموقف ولم يستبعد ماهر عقد قمة عربية موسعة لكنه اشار إلى انه اذا تمخضت مشاورات القادة ورأوا اهمية عقدها فمن المنتظر ان يتم عقدها. من جانبه كشف الامين العام للجامعة العربية عمرو موسى عن مشاورات واتصالات تجري لعقد اجتماع لوزراء الخارجية العرب لبحث سبل التعامل مع الوضع الراهن بالعراق مؤكدا ان كل الاحتمالات والاقتراحات قائمة لعقد اية اجتماعات عربية سواء قمم مصغرة أو اجتماعات وزارية أو غيرها.
لقاء خادم الحرمين وولي العهد مع الرئيس مبارك
|