Thursday 24th april,2003 11165العدد الخميس 22 ,صفر 1424

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

الرواية.. مرآة الإنسان الرواية.. مرآة الإنسان
علي سعد القحطاني

قديما كان الراعي في السهول عندما يعود بأغنامه من الوادي يسرد على اسماع اطفال القرية خرافات نسجها عقله من اجل ان يستحوذ على لب عقول الصغار ويسرد لهم حكاياته البطولية المزعومة وقصة صراعه مع الذئب الشرس الذي كاد ان يلتهم اغنامه لولا شجاعته الاسطورية حين تصدى له بكل حزم حتى استطاع ان يصرعه.. وكان من قبل في اليونان يوجد عجوز يلقب ب«إيسوب» يسرد على الاطفال قصصاً من الغابة، ابطالها من الحيوانات وكان لتلك القصص «خرافات إيسوب» الاهداف التربوية لتنشئة الأجيال.
وبعيداً عن المصطلحات والتنظيرات العلمية لتعريف الرواية، نجد ان الرواية وجدت منذ ان وجد الانسان فهناك قصة آدم وصراع ابنيه من اجل القربان.
ثم قصة الطوفان وسفينة نوح وما حدث بين النمرود وابراهيم عليه السلام.. ولقد كانت الاجيال البشرية القديمة تحتفظ في وثائق التاريخ بقصص شتى مليئة بالانجازات والحضارات والايام الخوالي والمآسي وماذا جرى من احداث لابطال التاريخ ورواده.
والرواية لا تقتصر على فنّها المألوف كما عهدناه في مجلداتها وكتبها القصصية الملحمية او الطويلة او القصيرة فقط، بل تتعدى الى جميع الفنون والآداب ووجدت منذ زمن سحيق فتاريخها ليس بالقصير كما يظن فهناك روايات في كتب التاريخ القديم عن قصة الانسان وما حدث من صراع بين اجيالها في سبيل بقاء الاقوى وسيطرته على الادنى من اجل بسط نفوذه الثقافية والاقتصادية.. وهناك روايات في كتب علم الارض «الجغرافيا» عن كيفية توصل احد العلماء واثبات نظريته حول استدارة الارض بالرغم من المجادلة العنيفة التي وجدها من خصومه وراحوا يتهمونه بالبغي والفساد.
وهناك روايات في اللغة وكيف بدأ التقعيد في زمن علي بن ابي طالب حينما امر ابا الاسود الدؤلي ان يوثق للناس لغتهم وطالبهم بأن يكتب القواعد على هيئة اسم وفعل و حرف.
اذن جميع الفنون والآداب فيها طرف من الرواية ولولا هذا الشطر لما وجد الانسان فيها متعته اذ ان الرواية تحمل في طياتها الغرائب والعجائب والعقدة والحل وهذا ما هو موجود في جميع الفنون.
والرواية تتشابه الى حد كبير بحياة الانسان فالرواية لها بداية كما للانسان طفولته البريئة التي يحياها الغني والفقير فوق اعشاب الوادي من اجل الاحتفاء بالطفولة.. ثم يشب الانسان ويمر بمرحلة جديدة كما ان الرواية تتطور الى فصول جديدة وتمر الرواية مثلما يمر الانسان من مآسٍ وعقد وحل وتحتفل الرواية بابطال من شتى شرائح المجتمع السعيد منهم والشقي..
وتنقل الرواية بهموم الناس وتطلعاتهم واحلامهم ومكاسبهم ومثالبهم مثلما حياة الانسان مثقلة بذلك، وللإنسان بداية ونهاية يعيش فصول حياته ما بين دفتي كتابه الذي كتبه الله له في الحياة، فإذا قرأ الانسان صفحته الاخيرة طويت حياته كما يطوي احدنا الرواية عند قراءة احداثها الاخيرة.
ونهاية الانسان شبيهة الى حد ما بنهاية الرواية فربما يشقى البعض وتكون نهايته مليئة بالمآسي والمآثم والبكاء والترانيم الحزينة وربما يبتسم له كتابه فيصبح سعيداً يحتضنه الزمان والكون والعشب والربيع..
حقاً ان الرواية رفيقة الانسان ومرآته الصادقة إلا ان هناك فرقاً طفيفاً بين الرواية والانسان، فالانسان قد يخفي في حياته شيئاً اما الرواية فأحداثها مقروءة لا تخف عن أحد.

 

 

[للاتصال بنا] [الإعلانات] [الاشتراكات] [الأرشيف] [الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الى admin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-janirah Corporation. All rights reserved