إنَّ الخطوة الأولى .. التي يجب أنْ نسير عليها ... وفق منظومتنا الحضارية. هي الاهتمام بالعملية التعليمية... لأنها الخطوة الأولى لا غيرها ... إذا أردنا لهذه الأمة أنْ تساير الركب في التطور الحضاري والعلمي والاقتصادي ... ولكن يجب أن نعترف ... وبمزيد من الأسف والأسى، أنَّ المنظومة التعليمية لم تساهم كثيراً في دعم عجلة التنمية في عالمنا العربي ... أو دعنا نقول .. من باب حسن الظن .. إنها لازالت دون مستوى الطموح والمأمول. الأمر الذي يؤكده ... ضعف مستوى الطلاب العلمي... ففي أكبر دراسة أجريت من نوعها.. حتى الآن خضع قرابة 500 ألف طالب من طلاب الصف الثامن ما يعادل «الثاني متوسط».
خضعوا لاختبار في مادتي العلوم والرياضيات .. ينتمون ل 42 دولة .. لم يشترك في الدراسة سوى طلاب الكويت وإيران من الدول الإسلامية احتلت سنغافورة المركز الأول في المادتين. واليابان المركز الثالث.
أمريكا المركز ال 16 في العلوم وال 29 في الرياضيات .. إسرائيل 23 في العلوم 21 في الرياضيات. إيران 39 في الرياضيات و38 في العلوم. الكويت المركز ال 40 في المادتين .. ولم تأت بعدها سوى دولتين هما كولومبيا.. ثم جنوب إفريقيا. هذه الأرقام تؤكد أن التعليم في عالمنا الإسلامي يعاني من مشكلة ما.. فما الحل برأيكم؟!...
إنه يكمن بالاهتمام بداية بالبحث العلمي.. لأنه هو الذي يسلط الضوء.. على مكامن الخلل لدينا .. فهذه ما تسمى «بإسرائيل» تنفق على البحث العلمي 3% من مجمل الدخل القومي .. بينما تنفق أمريكا 9 ،2% واليابان 8،2% أما الدول العربية فتنفق مجتمعة 3 ،0% أي عشر ما ينفقه اليهود ... بل إن ما تنفقه جامعة «هارفارد» الأمريكية وحدها من أبحاث في المجالات الإنسانية والتقنية يساوي مجموع ما تنفقه الجامعات العربية مجتمعة..؛
ولكي تعرف أهمية البحوث العلمية في دفع عملية التنمية والاقتصاد .. فيكفي أن تعرف ما ذكره أحد الباحثين عن «اليابان» أنها تستورد الطن الخام من «الألمنيوم» من دولة البحرين ب 800 دولار وبعد إجراء البحوث العلمية اللازمة عليه وإعادة تصنيعه تصدره وتقبض ثمنه نحو 100 ألف دولار.. هذا الفرق الهائل بين سعر البيع والشراء.. كان بفضل البحوث العلمية التي أنجزت على خام «الألمنيوم». وأثبتت دراسة شهيرة أن الأبحاث العلمية في الزراعة أعطت ربحية على مدى 45 عاماً تزيد على 700% في العام بأمريكا.. وما يقرب من 290% في بلد نام مثل المكسيك. وأيضاً أثبتت الدراسات: أن تعويض الأموال التي تنفق على التعليم يتم خلال تسع سنوات في حين تعويض القروض الطبيعية التي تؤخذ من أجل التنمية يحتاج إلى مدة تتراوح ما بين 12 إلى 18 سنة. في حين أنَّ برنامج استصلاح أراضي زراعية جديدة لا يسدد نفقاته قبل 15 إلى 18 سنة.
أما بعد...
الأمور السابقة تؤكد أن استدانة الأب من أجل تعليم ابنه ليس مجازفة.. كما أن إنشاء صناديق لإقراض الطلاب من أجل إكمال دراستهم أمر حيوي لا يصح تجاهله أو تأخيره....
بل الواجب على أرباب الأموال.. أن يساهموا بدفع عملية التنمية ... عن طريق بناء المدارس والجامعات ومعاهد التدريب. ويجب أن يكون لديهم وعي.. أن هذه المساهمة ربما تكون من أعظم القرب إلى الله. لأنها تجمع كما ورد في الحديث بين العلم الذي ينتفع به... والصدقة الجارية... هذا الوعي الذي يجسده الشيخ محمدبن إبراهيم الخضير... واقعاً ملموساً في مشروعه الأخير هذا.
إضاءة..
يقول المثل الصيني.... لا تعطني سمكة علمني كيف أصطاد السمكة...؛
* مدير متوسطة البيروني عضو مجلس إدارة جمعية القرآن
|