ما زال الحديث والتحدث عن السعودة مستمرا وما زال طرحه وعرضه عبر الصحافة من قبل الكتاب والقراء متواصلا وما زالت اللجان تواصل عقد الاجتماعات واللقاءات لتدارس شؤون وشجون السعودة ومعوقاتها وما زالت القرارات والتوصيات متتالية ومع هذا ما زال عمل السعودة يسير ببطء.
القضية حساسة وهامة وذات أبعاد ولذا كثر الحديث عن السعودة وأضحت الأقوال أكثر من الأفعال. فأقوالهم لا تطابق أفعالهم. السعودة اصطدمت بالعديد من المعوقات والكثير من المثبطات بل المنفرات سواء من الجهات الحكومية أو القطاعات الأهلية والأخيرة نالها نصيب من النقد اللاذع والمتواصل من الصحافة بسبب العراقيل التي وضعت في طريق السعودة من قبل كثير من رجال الأعمال الذين من خلال اللقاءات الرسمية دعاة للسعودة وهم في الحقيقة من محاربيها بالخفاء. وإلا ماذا يعني اشتراطهم لشغل كثير من الوظائف التي يعلنونها اجادة اللغة الانجليزية تحدثا وكتابة مع وجوب توفرخدمة وخبرة لا تقل عن ثلاث سنوات. بالله عليكم من أين يأتي الخريجون للتو بالخدمة أو الخبرة وهم لم يحصلوا على وظيفة أصلا ولو أحضروا شهادات خبرة لقالوا لهم إنكم لا تصلحون للعمل لأنكم لم تستمروا بعملكم السابق! أما شرط اللغة الغربية يريدونهم كالبلابل يتحدثون بكل طلاقة وان حصلوا عليهم وضعوهم على وظائف سكرتارية أو حراس أمن هذا إن وجدوا. ولو كانت شركات تصنع الآلات والأجهزة وتنافس بها الصناعة المستوردة لهان الأمر لكنها وكيلة لاحدى الشركات الأجنبية ويقتصر دورها على التوزيع فقط فهل سوف تتحقق السعودة؟؟
أما القطاع الحكومي فليس بأحسن حالا من اشتراطات القطاعات الأهلية فحذا حذوها وسار على نهجها وأصبح تابعا لا متبوعا ففي عدد الجزيرة »11156» الصادر في 13/2/1424هـ اطلعنا على عنوان مفرح مفاده وزارة الخدمة المدنية تعلن عن أكثر من «600» وظيفة شاغرة في مختلف مناطق المملكة.. هذا اليوم كان يوما مربحا للصحافة نظرا للاقبال على مراكز التوزيع لشرائها من قبل الشباب العاطلين ولكن أظن أن الجميع صدم كما صدمت أنا وان كنت غير عاطل حيث حزنت وفجعت وتألمت بعدما قرأت تفاصيل تلك الوظائف ومسمياتها وشروطها المنسوخة من شروط القطاع الأهلي وخاصة شرط الخبرة والخدمة. هذا الشرط الذي يجب ان يصنف من السبع المستحيلات.
إذاً لماذا يفرض شرط الخبرة كشرط أساسي للتقديم على هذه الوظائف؟. ومن هنا نلتمس العذر للقطاع الأهلي والذي لمناه كثيرا على هذا الشرط في الوقت الذي تنتهج وزارة الخدمة وتصر على توفر شرط الخدمة. لهذا أصبحت وزارة الخدمة أحد الأسباب الرئيسة التي تقف عثرة في طريق السعودة ولا يمكن ان نقضي على البطالة ما دام هذا هو تعامل القطاع الحكومي والأهلي مع شعار السعودة.
ولعلي أسأل من وضع أو ضعوا هذا الشرط ومن اعتمده، هل طلب منكم هذا الشرط عندما تقدمتهم بطلب الوظيفة آنذاك؟ ولو طلب منكم فكيف تكون اجابتكم؟ فالموضوع ليس بهذه السهولة يا صناع القرار فهؤلاء أبناؤنا من حقهم أن يلتحقوا بأي وظيفة حكومية ما دام لديهم مؤهلات كحال جميع موظفي الدولة بدون شرط الخدمة. وختاما نذكر المسؤولين عن السعودة ولجانها على مساءلة وزارة الخدمة على وضع مثل هذه العراقيل التي تهدد السعودة وتزيد من البطالة، وإذا استمر الوضع على ما هو عليه فسوف تراوح السعودة مكانها.
ناصر بن عبدالعزيز الرابح
|