هم البذور...
وهم الغراس...
هم الفسائل...
وهم الأشجار...
هم الآمال...
وهم الثمار...
وأثمن الاستثمارات عوائد تكون فيهم...
هؤلاء هم الأبناء...
صاحبتي في الأمس كانت تقول: ليس لدي الوقت الكافي كي أقدم أيَّ شيء يخصني لذاتي، لا وقت لأيِّ شيء إلاَّ لهم. بالأمس كنتُ الأم الزائرة في مدرسة ابني الذي يندرج واحداً في الصف الأول الابتدائي... أتطلع فيه لأن أحقق كلَّ الآمال التي أتمناها لنفسي.
ابنها هو هذه البذرة، والغراس في المستقبل لفسيلة شجرة هي الأمل وهي الثمر... وهي الاستثمار النَّامي الذي لن يضيع لكلِّ أم ولكلِّ أب فكلُّ استثمار مادي يمكن أن يضمحل أو يتلاشى أو ينتهي إلاَّ الإنسان لا يكون فيه الاستثمار خائباً ولا فاشلاً...
لكن ما الذي يحتاجه الأبناء في هذه الحقبة من الزمن على وجه التحديد؟... إنَّهم يحتاجون إلى جانب الغذاء والكساء والعلم والصحة يحتاجون إلى الوعي وإلى التَّدريب على الإيمان الصادق بالعمل النافع... يحتاجون إلى تدريب القوَّة، وتمكين العزيمة من الامساك بلباب مكامنها وتطوير منافذها... هم في زمن غير زماننا، ويحتاجون إلى حجَّة العقل، وعقل المعرفة، وعلم العلم، هم يحتاجون لأن يتسلَّحوا بمعرفة كلِّ شيء والقدرة على التعامل مع كلِّ شيء... يحتاجون إلى أن يكونوا أسماكاً قوية بل حيتاناً في بحور الحياة، بل قروشاً في بحورها، صقوراً في سماواتها، أسوداً في فلواتها... يحتاجون إلى تقوية الثِّقة في نفوسهم بأمتهم وعقيدتهم... وبكلِّ آليات القوَّة من الخلُق الحسن والأدب الرفيع إلى الشجاعة والحزم والوعي الداخلي والتعرف إلى الحياة وإلى كلَّ ما يمتُّ لها بصلة لكي يقبلوا فيها عليها بإرادة وعزيمة وقدرة وعلم ومعرفة. إنَّه زمن غير زمننا فلابدَّ من إعدادهم لهذا الزمن كي يعيشوا أعزاء وأقوياء.
| 
