المشكلة التي يعيشها أكثرنا من الموظفين ذوي المراتب «البسيطة» هو أننا لاندرك واقعنا.. إننا نريد أن نظهر في المجتمع بما يظهر به ذوو المراتب العالية.
أجل: من حقنا أن نحيا، وأن نروح ونغدو، ونتزوج وننجب انما «على قد اللحاف» فأنا مثلا، موظف «كحيان غلبان» في أول مربوط المرتبة السابعة صافي راتبي هو 577 ريالاً، ومع ذلك فقد انجرفت مع «تقليعة» الاقساط ككثيرين غيري من الموظفين االذين يأبون مثلي أن يعيشوا في الواقع، فاشتريت ثلاجة ومرناة وغسالة بالتقسيط!!
واشرأبت عنقي، ومعذرة لهذا التعبير، الى سيارة فولكس واجن مستعملة، فبعت مصاغ تلك التي في البيت بالاتفاق معها، حتى تركب هي الاخرى سيارة كأية نفوسة، ودفعت القسط الأول من قيمة السيارة.
ومرت الايام ورحم الله الاستاذ حامد دمنهوري وأسكنه فسيح جناته، وراحت الاقساط تتراكم علينا.. للثلاجة والمرناة والغسالة وأخيرا السيارة فلم يكن امامي الا أن أقصد«المسكلاني» ورحت أقترض منه كما يفعل الكثيرون أكياس سكر واسمنت.. الشغلة اياها حتى أمشي الحال وكان قد وقف تماماً. أعني الحال أجاركم الله.
وجاءني المسكلاني ذات أمسية، وتصنعت «نفخة كاذبة» ذلك لان الغريق لا تضيره الامواج العاتية.
قلت له وأنا منتفخ الاوداج وكأنني من ممثلي الفارس الملثم!!!:-
- لم لا تتق الله وتقلع عن معصية ربك؟! مو حرام عليك تأكل أموال الناس بالباطل.. اثنان من العالمين فقط يتهددهما الله بالحرب، آكل الربا ومؤذي أوليائه.. يا أيها الرجل.. أنت رجلك في الدنيا والثانية في...
فقاطعني:-
- يا رجال لاتصير عجل وأنا عمك.. أحلم علي يا أبو حصة المسائل تبي لها هدوء وتفهم وأنا أبوك.
حصة؟!!
رددتها بيني وبين نفسي أكثر من مرة، ذلك لانني ما أنجبت بنتا بعد.
وتابع المسكلاني:-
- أنا جيت أخطب بنتك حصة.
سألته وقد أحببت مسايرته.
- لمن؟!
قال وهو يتصنع رقة لاتتمشي مع تجاعيد وجهه وأسنانه الصفراء:-
- لي أنا!
سألته:-
أنت تعرف كم عمرها؟.
وازدرد ريقه كما يفعل الجائع حين يرى دجاجة مشوية:-
- يقولون يا فهيد انها عشرين سنة!
قلت:-
- وأنت كم؟
قال:-
- ولدت بعد السبلة بشوي.
قلت:-
يعني تعديت الستين بكثير.
أجاب:-
- بلى.. ولكنني ولله الحمد بخير.
قلت في حدة.
- والله أنا لاعندي حصة ولا حصيلة. أنا ما عندي بنات أبداً.
- قال:-
- أبداً!!
رددت
أبداً
وأمسك برهة ثم قال:-
- طيب اعطني حقي.
قلت في صرامة
- مالك حق عندي روح اشتكي.
وكلما أتاني دائن يطلب «قسطا» رأيت فيه صورة من المسكلاني..
هذا الذي أراد أن يستغل ناحية ضعف في شخصي. غير أن المشكلة لاتزال قائمة.. الاقساط.
|