جولة وتحقيق - ياسر المعارك
تصوير عبدالله المسعود:
حينما يتردد في المجالس واحاديث الشارع اقاويل وقصص عن اساليب الخداع والتدليس والتزوير في بعض معارض السيارات وحراجها فإن ذلك يبقى مجرد رواية، ولكن «الجزيرة» لاتتوقف عند حدود الرواية فالحقيقة هي المعول عليه في طرحها الصحفي، فتوجهت الى هناك وحاورت وجالت وصورت فكانت هذه الحصيلة من مجموع اساليب وخدع البيع، ولعلها لاتشمل الجميع فهناك بلا شك من تردعهم ذممهم وتمنعهم اخلاقهم الاسلامية من الابتزاز والربح الحرام.. آملين ان تكون هذه الصورة في طريقها للزوال..
مستندات مزورة
مقحم طلق المطيري يعمل منذ ثلاثين عاماً في هذا المجال بيع وشراء السيارات بدأ بجهد متواضع حتى تطور به الحال واصبح يملك معرضاً لتسويق انواع واصناف والوان السيارات جديدها والقديم، اوضح المطيري ان حركة البيع والشراء ليست نشطة حالياً نظراً للاوضاع الاقتصادية العالمية بشكل عام ويأمل ان تنشط قريباً، وعن اساليب وطرق الغش والاحتيال التي يستعملها بعض «شريطية» حراج السيارات قال انها كثيرة وانها ليست مقتصرة على الشريطية فقط فهناك من يأتي للحراج او المعارض لبيع سيارته وتكتشف انه مخادع كذاب وأورد لذلك قصة حدثت له حينما وصل الى معرضه شاب يجيد التمثيل وعرض عليه سيارته وتمت البيعة بمبلغ «27» الف ريال وحينما توجه لمكتب المرور لنقل الملكية اتضح ان استمارة السيارة مزورة وهذا ما قاد الى اكتشاف ان كل الوثائق التي قدمها لكتابة عقد البيع مزورة حتى بطاقة الصراف لم تكن تخصه.
تزوير مواصفات السيارة
عبدالكريم عويد المطيري له ثماني سنوات خبرة في السوق بدأ بداية بسيطة وكان يشتري سيارة نقداً ثم يبيعها بالتقسيط ليربح بها مبلغاً اضافياً وبعد سنوات استطاع ان يدخل مجال البيع والشراء المباشر، وبدوره تحدث عن اساليب الغش وركز على مسألة التزوير بمواصفات السيارة وعلى سبيل المثال كأن يكون لدى احدهم جيب من نوع GX مطور، فيحتال باضافة بعض التعديلات على مظهر الجيب والشعارات المثبتة عليه وكذلك المرايا الجانبية يبدلها بشعارات ومرايا جيب VXR ثم ينزلها للسوق ويعرضها للبيع ولا يكتشف المشتري الحيلة الا بعد فترة من الزمن خاصة اذا اضطر لزيارة وكالة هذه السيارة لطلب قطعة غيار ليفاجأ بالمختص يخبره ان سيارته قد خضعت للتعديلات الخارجية والتزوير.
خداع الورش
محمد الشيباني تحدثنا اليه اثناء عرضه سيارته الخاصة للبيع فأشار الى ان حركة البيع مستمرة لكنها تنشط فترة ثم تهدأ واكثر نشاطها في الاجازات الصيفية. وتحدث عن اسلوب آخر من الخداع من قبل بعض بائعي السيارات وهو حينما تريد شراء سيارته يؤكد لك انها سليمة ويمكنك التوجه معه لاحدى الورش لفحصها ويقترح عليك ورشة يعرفها واصحابها ثقة فتتوجه معه لفحص السيارة ويؤكد لك الفني هناك انها سليمة وجيدة وتكتشف بعد اتمام البيع انها غير سليمة وهناك عيوب واضحة ويتبين لك فيما بعد ان صاحب السيارة وصاحب الورشة على اتفاق مسبق على هذا الاسلوب وانهم يتعاملون بهذه الطريقة مع كل زبائنهم المخدوعين، وقدم الشيباني نصيحة لمن يريد فحص سيارة قبل شرائها ان يتوجه بها الى ورشة يثق بها هو وان تكون من داخل المدينة الصناعية وليس قرب المعارض.
اليمين الغموس
محمد الشهري استوقفناه بينما كان يبحث عن سيارة بحالة جيدة وسعر مناسب ومن خلال حديثنا تطرق الى اساليب الغش وذكر موقفاً مر به ذات مرة وهو داخل الحراج حينما عرض عليه احدهم سيارته مؤكداً له انه قد اشتراها بمبلغ 18 الف ريال واقسم ايماناً مغلظة انه لم يضطر لبيعها الا للحاجة نظراً لظروف طارئة وكرر القسم مراراً مؤكداً انه بحاجة للمادة ولظروف قاسية، وقال: ساومته على البيع بمبلغ 16 الف ريال فوافق وبعد ايام قلائل بدأت اشك بوضع السيارة فتوجهت بها من ورشة لورشة وكل يؤكد لي ان السيارة متهالكة وتحتاج الى مبلغ كبير لاصلاحها من جميع الجهات فتأكدت انني وقعت في حبائل نصاب محترف ولكنه اقترف ذنوب اليمين الغموس والحلف الكاذب والعياذ بالله، وحاولت البحث عنه بين ازفة المعارض وتأكدت فعلاً انه يمارس هذه العادة السيئة، فكيف يبارك الله له هذه التجارة؟! واضاف انه اضطر لبيعها بمبلغ «5200» بخسارة «10800» ريال توفيراً للجهد والتعب والتنقل بين الورش التي سيخسر فيها اكثر من هذا المبلغ وعلى سيارة كانت شَركاً ومصيدة وقع فيها بسبب دناءه ذلك الجشع.
الوافد الممثل
تراك الشمري من هواة تغيير السيارة الخاصة به بين فترة واخرى فهو لايستمر طويلاً على سيارة واحدة فحيناً يرغب في سيارة «سبور» وحيناً يرغب سيارة مكشوفة وكذلك الالوان فهو لايميل الى لون واحد فلذلك فهو لايلبث الا ويغير لون سيارته او يبدلها بأخرى، وهذه رغم انها مكلفة ومزعجة إلا ان البعض يجد فيها راحة له في تحقيق رغباته ومزاجه في التجديد والتغيير.
ويذكرنا تراك باسلوب ربما ان الكثيرين لم ينتبهوا له ولكنه يعرفه بحكم تردده على السوق والحراج والمعارض بين حين وآخر لزوم التغيير يقول: ان هناك من يدعي انه احد الوافدين او يسلم سيارة لأحد الوافدين ليعرضها للبيع مقابل اجر على ذلك او يكون هذا الوافد يعمل معه اصلاً اما في المعرض او الحراج فيتقمص شخصية وافد يريد بيع السيارة لأنه سيسافر او سينتقل للعمل في مدينة اخرى ونحو ذلك وبالطبع فان المشتري سيندفع بحماس لشراء السيارة من هذا الوافد.. اما لماذا؟! يجيب تراك: لأن المفهوم الشائع لدى جميع المواطنين السعوديين تقريباً ان الوافد يستخدم سيارته ويقودها بعقلانية بخلاف السعوديين والدليل ارتفاع نسبة الحوادث بين السعوديين.. لذلك فالانطباع السائد لدى العامة ان اي سيارة يعرضها الوافد ستكون بحالة جيدة وبالتالي فلابد ان يكون سعرها مرتفعاً نسبياً وعليه فالاقبال عليها جيد، ويعمد كثير من الشريطية لاستخدام هذه الحيلة لترويج سيارات كاسدة سرعان مايكتشف المشتري انها ليست جيدة وانما وقع في فخ وحيلة ذلك الممثل الوافد.
زيت رقم 10
عبدالكريم عوض الحربي اكد على اهمية الحرص عند شراء اي سيارة وعدم الثقة التامة بالشريطية، او ببعض اصحاب المعارض نظراً لكثرة اساليب التحايل وذكر منها مسألة اضافة الزيت رقم 10 الثقيل والذي بدوره يخدع المشتري لسيارة ماكينتها منتهية الصلاحية او بلهجة الشريطية «مبوشة» وهذه عادة تنفث دخاناً او كربوناً يكون لونه ابيض وهو دليل التبويش وباضافة الزيت الثقيل لمحرك السيارة يتغير لون الكربون الى الاسود مؤقتاً على الاقل حتى اتمام عملية البيع وتمرير الخدعة على المشتري الذي سيكتشف بعد يوم ان سيارته معطوبة، وأكد ان هذه الخدعة لايكتشفها الا ميكانيكي ماهر فيما لو حضر مع المشتري وبالطبع هذا غير ممكن فلا يستطيع كل مشتر احضار ميكانيكي.
حيل عبر الجوال
عبدالجبار متعب القحطاني لديه خبرة عشر سنوات في هذا المجال ويؤكد ان طرق الغش تزداد وتتطور، خاصة مع وجود وسائل الاتصال الحديثة كالهاتف الجوال الذي ساعد على وجود وسيلة لابتزاز من يريد بيع سيارته فهناك مجموعات «شريطية» على اتفاق مسبق وعلى اتصال دائم عبر الجوال يقتنصون القادمين للسوق للحراج على سياراتهم او تسويقها دون حراج فيبدأ احدهم بتفقدها وتحديد سعر اقل من السعر الذي تستحقه بستة او سبعة آلاف ريال ويساومه على ذلك وينصرف ليأتي آخر تم ابلاغه بما حدث هاتفياً فيتقدم لصاحب السيارة ويسومها بأقل من سوم الاول وهكذا واحداً تلو الآخر حتى يظن البائع صاحب السيارة ان سيارته فعلاً قد لا تستحق الا هذا السعر الذي عرض عليه فحينما كان يحلم بمبلغ «25» مثلاً يرى ان السوق وقف عند «19» الفا فقط وقد يضطر للبيع مخافة ان ينزل السعر اكثر مما يجب وهكذا يكون قد وقع في المصيدة خاصة وان الشريطية يتظاهرون بوجود عيوب بالسيارة لايعرفها صاحبها.
سيارات عوائل
فهد العصيمي من هواة السيارات الشبابية او الرياضية وخاصة السيارات المخصصة للقنص والرحلات ولذلك فهو يتردد على المعارض واكتسب خبرة جعلته يعرف بعض اساليب الخداع والكذب، ويذكر من ذلك ان بعض المعارض يتركون بالسيارة المعروضة للبيع اشياء توحي للمشتري ان هذه السيارة كانت خاصة بعائلة والمفهوم المتداول هو ان استخدام العوائل للسيارات محدود وهادئ ولا تتعرض السيارة لأي مشكلات في الغالب لذلك يفضل البعض شراء مثل هذه السيارات لعلها تكون بحالة جيدة، ومن الحيل في هذا المجال ترك شيء من خصوصيات العوائل مثل كرسي الطفل المثبت على المقعد الخلفي للسيارة او رضاعات الطفل وبعض احذيته او لعبه او ما يخص النساء كالعبايات او نحوها كأن تكون متروكة من غير قصد او اي شيء يمكن ملاحظته من قبل المشتري ليكون كالطعم للفريسة فيقع في الشرك وتكون الحيلة قد نجحت وهكذا فالحيل كثيرة ومتجددة واصحابها يتفننون في ابتداعها.
وبين ان هناك اسلوباً آخر للغش وهو ان بعض الشريطية يشترون سيارات باسعار متهاودة ويعمدون لبيعها باسعار اعلى ولكن بطريقة الخداع وذلك ان يتفق هذا الشريطي مع احد المحرجين «تحت المايكرفون» فحينما يأتي الدور على الحراج على سيارته وحينما يكون المشتري يعاين السيارة يبدأ الشريطي بالمزايدة خفية على سيارته هو دون علم المشترين المتجمهرين حول السيارة حتى اذا ما وصل السعر الى حد جيد ومقبول ومربح للشريطي يتوقف عن المزايدة لصالح المشتري ويبدأ المحرج باقناع البائع وهو «الشريطي» المتخفي باسلوب البائع العادي بأن السعر جيد وان السيارة لاتستحق اكثر من ذلك وعليه ان يبيع وان لايضيع الفرصة.. هذا والمشتري يسمع ويرى فيصدق ما يجري امامه معتقداً انه الواقع ولم يعلم انها تمثيلية يومية بين الشريطية والمحرجين وبالأجر المعلوم المحدد سلفاً، كما تطرق لاسلوب «التناجش» او النجش في البيع كأن يأتي احد معارف البائع ويبدأ بالمزاودة دون نية لشراء ولكن لرفع قيمة السيارة وهذه الطرق محرمة شرعاً.
|