ابتلاع الأجسام الغريبة عند الأطفال

تحدث 80% من حالات ابتلاع الأجسام الغريبة عند الأطفال وترتفع نسبة حدوثها بين عمر ستة أشهر إلى ثلاث سنوات.
والسبب في ارتفاع نسبة ظاهرة ابتلاع الأجسام عند الأطفال غير معروف، مع العلم أنه في الولايات المتحدة الأمريكية يفقد ما يقارب «1500» شخص حياتهم سنوياً بسبب ابتلاع جسم غريب، وأكثر هذه الأجسام سهولة للبلع عند صغار الأطفال هي النقود المعدنية «العملة».
أما الأجسام الشائعة البلع عند الأطفال الأكبر سناً والمراهقين والكبار هي عظام «شوك» السمك وعظام الدجاج.
وقد يرجع السبب لحدوث هذه المشكلة هو اضطراب عملية البلع بسبب تناول السوائل الباردة، كذلك صغر سن الأطفال، وأيضاً المصابين باضطرابات نفسية.
ومن الملاحظ بأنه لا تشخص معظم حالات ابتلاع الأجسام الغريبة وذلك بسبب عدم إعطاء هذه المشكلة حجمها الحقيقي أو بسبب عدم الانتباه، كما أنه ما يقارب 80-90% من هذه الحالات تمر عبر الجهاز الهضمي بدون إحداث أية مشاكل، وتبقى ما نسبته من 10-20% من هذه الحالات ما يحتاج إلى تنظير أو علاجات تحفظية أخرى لاستخراج الجسم الغريب، أما الحالات التي تتطلب تدخل جراحي فهي لا تشكل أكثر من 1% من إجمالي الحالات.
وعندما تصل الأجسام الغريبة إلى المعدة يكون احتمال خروجها من الجسم دون مشاكل بنسبة 95% مع وجود احتمال بسيط لعدم خروج هذه الأجسام وبالتالي حدوث بعض المضاعفات مثل:
1- الانثقاب ويكون بنسبة أقل من 1%، ويحدث عادة في المناطق التي فيها معصرات «عضلات قابضة» مثل البواب وهي آخر منطقة في المعدة وكذلك منطقة الدسام القولوني الدقاقي وهي المنطقة التي تصل بين القولون والأمعاء الدقيقة.
2- الانحشار Angulatin كما في منطقة حلقة العفج «أول جزء من الأمعاء الدقيقة»، أو في الأماكن التي يوجد بها تشوهات سابقة أو تعرضت لأعمال جراحية مسبقا.
وإذا كان الجسم المبتلع غير الطعام فغالباً ما يذكر المريض وقت ابتلاعه، وفي الأطفال الصغار يوجد هناك شاهد على الابتلاع، وفي حوالي 90% من الحالات تكون الأجسام المبتلعة ظليلة على الأشعة، لذلك أخذ صورة شعاعية بشكل روتيني يعتبر أمراً مهماً لتحديد نوع وعدد ومكان الجسم الغريب.
كما أن إجراء صورة ظليلة ضرورياً إذا كان الجسم غير ظليل كما هو الحال في قطعة البلاستيك أو جزء من لعبة الأطفال.
ويتم علاج معظم هذه الحالات بشكل تحفظي إذا مر الجسم الغريب من المريء إلى المعدة، علما بأن أكثر الأجسام تحتاج فترة من 4-6 أيام لتمر خلال الأمعاء، وقد تطول المدة إلى 3-4 أسابيع، لذلك على الأهل مراقبة الطفل أثناء الإخراج بشكل مستمر لملاحظة خروج الجسم الغريب مع البراز.
أما بالنسبة للأجسام الطويلة والحادة فلابد من متابعة المريض وذلك بإجراء صورة شعاعية متتابعة لمعرفة مسار الجسم الغريب وحركته.
كما يطلب من الأهل مراقبة شكوى المريض إذا كان هناك آلام في البطن أو حدوث قيء أو حرارة مستمرة أو خروج دم مع القيء أو البراز ففي هذه الحالات يجب استشارة الطبيب فوراً.
ومن خلال مراقبة الجسم إذا تبين عدم حدوث تغيير لمكانه لفترة 3-4 أسابيع فسيكون هناك احتمال حدوث ثقب في الأمعاء.. ومن المتوقع ألايمر الجسم عبر الجهاز الهضمي في الحالات التالية:
* عند الأطفال الكبار والبالغين إذا كان الجسم بيضاوي الشكل وطوله أكثر من 5 سم وعرضه أكثر من 2 سم، إذ في الغالب يبقى في المعدة وفي هذه الحالة يتم استخراجه بالمنظار.
* كذلك الأجسام الدقيقة التي طولها أكثر من 10 سم حيث لا يمكن لها المرور خلال حلقة العفج وفي هذه الحالة يجب استئصالها.
* أيضاً كل جسم أطول من 3 سم وأعرض من 2 سم لا يمكن له المرور يجب استئصاله بالتنظير مثل ملاقط الشعر المفتوحة، أما في باقي الحالات فإنه يمكن الانتظار ومتابعة المريض.
وهنا لابد لنا أن نؤكد على ضرورة الانتباه وإبعاد الأجسام الغريبة عن متناول الأطفال، وإذا كان هناك حالة شك في حدوث ابتلاع من قبل الطفل يجب مراجعة الطبيب على الفور لأخذ صورة أشعة للبطن، مع ضرورة عدم إهمال أي أعراض يشكو منها الطفل، لأن التشخيص المبكر يسهل العلاج ويحمي من حدوث المضاعفات الخطيرة لاسمح الله.
وصورة الأشعة وكذلك صورة التنظير المعروضة هي لحالة طفل عمره ثلاث سنوات، بينما كان في فصله أثناء الدراسة كان يلعب بملاقط خاصة لشبك الأوراق، وفجأة شعر الطفل بألم في بطنه، ولم تلاحظ المعلمة أو زملاؤه في الفصل ما ذا حصل، وتم إبلاغ أهل الطفل للحضور إلى المدرسة ولحسن الحظ قاموا بإحضار الطفل إلى المستشفى وتم استقباله في قسم الطوارئ، وكان الطفل يلعب ويمرح ولم يبدِ أي شكوى أو انزعاج، وقد تم أخذ صورة شعاعية لبطن الطفل وتبين من خلالها كما هو واضح في الصورة الشعاعية وجود مشبك الأوراق في نهاية المريء ولم يكن قد وصل إلى المعدة بعد، وتم إدخال الطفل إلى المستشفى، واستدعي استشاري الجهاز الهضمي عند الأطفال على الفور، وقام الطبيب باستخراج الجسم الغريب عن طريق التنظير ومن دون حدوث أي مضاعفات للطفل والحمد لله.