الأغلبية العظمى من المرضى ينتابهم الشعور بالخوف من التخدير عندما يتقرر إجراء عمل جراحي لهم، كما أن حوالي 80% أو أكثر من الناس ليست لديهم معلومات واضحة ودقيقة عن التخدير ووظيفته.
إن عبارة «التخدير» تعني زوال الإحساس بالألم الناجم عن العمل الجراحي، أو الناجم عن بعض الاجراءات التشخيصية، أو ألم الولادة، وللتخدير ثلاثة أنواع هي:
1- التخدير الموضعي، وهو تخدير بقعة صغيرة من الجسم حيث يتم العمل الجراحي الصغير.
2- التخدير الناحي، وهو تخدير منطقة كبيرة نسبياً من الجسم مثل تخدير الطرف العلوي فقط، وتخدير نصف الجسم السفلي.. إلخ.
3- التخدير العام، حيث يكون المريض غائباً تماماً عن الوعي أثناء العمل الجراحي ويقوم باجراء التخدير طبيب اختصاصي بالتخدير، ويحتاج هذا الطبيب ليصبح مختصاً في هذا المجال إلى دراسة وممارسة هذا الطب لمدة أربع سنوات على الأقل بعد تخرجه من كلية الطب، أي أنه يكون على دراية كبيرة وذو خبرة عالية ليس فقط في هذا المجال الحساس من الطب، بل يتعداه إلى الخبرة في أمراض القلب والجهاز التنفسي، وأمراض الكلية وغيرها، واضافة إلى خبرة طبيب التخدير هناك عوامل عدة تجعل التخدير آمناً، كما تساهم في المحافظة على سلامة المريض وحياته، ومن هذه العوامل:
1- أدوية التخدير الحديثة المطورة، حيث أصبح لدينا في العقد الأخير من الزمن أدوية تخدير مختلفة وفعالة وتأثيراتها الجانبية ضئيلة جداً على وظائف الكبد والقلب والكليتين.
2- أجهزة التخدير الفائقة الدقة، وهذه الأجهزة الالكترونية الحديثة ساهمت كثيراً في تطور التخدير وسلامته في الوقت الحاضر.
3- أجهزة المراقبة الحيوية، لقد ساهمت هذه الأجهزة بشكل كبير في تقدم إجراءات السلامة أثناء العمليات الجراحية والتخدير، إذ إن وظيفتها هي مراقبة عمل وظائف القلب والجهاز التنفسي والدورة الدموية، ومن هذه الأجهزة:
- جهاز مراقبة تخطيط القلب ويعمل طوال الوقت ويساعد في الكشف عن أي خلل في عمل القلب حيث يقوم طبيب التخدير باتخاذ الإجراءات اللازمة لتصحيحها.
- جهاز قياس نسبة تشبع أنسجة الجسم بالأكسجين، فقد ساهم بشكل كبير جداً في تخفيض نسبة الاختلاطات التي قد تحدث إذا ما حصل نقص في الأكسجين الواصل للمريض أثناء العملية.
- وكذلك الوظائف التنفسية فتتم مراقبتها طوال العملية، ويتم ذلك بالقياس المتواصل لكمية ثاني أكسيد الكربون الخارج من الرئتين عند كل زفير.
وهنا يجب أن نذكر أنه في 95% من حالات التخدير العام يتم توصيل المريض بجهاز التنفس الاصطناعي المدمج في جهاز التخدير، وذلك من أجل ضمان توصيل الأكسجين الكافي وطرح ثاني أكسيد الكربون لضمان سلامة المريض وسلامة الأعضاء المهمة مثل، القلب والدماغ والكليتين وغيرها.
إن العناصر السابق ذكرها التي تساهم في سلامة المريض والتخدير لا تكتمل إلا بتهيئة وتجهيز المريض للعمل الجراحي والتخدير، فلا بد إذا من عرض المريض على طبيب التخدير قبل العملية بفترة مناسبة من أجل تقييم حالته الصحية ومعرفة سوابقه المرضية والجراحية، فإذا كانت عند المريض بعض الأمراض مثل، السكري والضغط والربو وغيرها، فلا بد عندها أن يدخل غرفة العمليات وهو بحالة مستقرة بالنسبة لمرضه، بمعنى أنه لا بد من تنظيم السكر والضغط الشرياني وغيره، وذلك لتفادي أية اختلاطات تخديرية أو جراحية.
ومن الأمور المهمة أيضاً قبل التخدير التعليمات التي يعطيها طبيب التخدير للمريض والتي يجب اتباعها بدقة لأنها أحد العناصر التي تدخل في سلامة المريض والتخدير، ولعل من أهم هذه التعليمات ما يتعلق بالأدوية التي كان يتناولها المريض قبل العملية، وكذلك فيما يتعلق بصوم المريض وامتناعه عن تناول الطعام والشراب «حتى الماء» ليلة العملية الجراحية، وهنا لا بد من التأكيد على أهمية صوم المريض ولمدة لا تقل عن ثماني ساعات قبل العملية وذلك حتى تتفرغ المعدة تماماً من محتوياتها، إذ انه في حال كان هناك بقايا طعام أو شراب في المعدة وحدث أن تعرض المريض للإقياء عند بداية التخدير أو عند نهايته فإن محتوى المعدة قد يدخل إلى مجرى التنفس، وهذا سوف يؤدي إلى حصول التهاب حاد وشديد في الرئتين مما ينتج عنه تهديد لحياة المريض لا سمح الله.
د. رياض شققي استشاري ورئيس قسم التخدير مستشفى المركز التخصصي الطبي
|