Tuesday 22nd april,2003 11163العدد الثلاثاء 20 ,صفر 1424

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

بصراحة بصراحة
يقال.. في الصحافة الأمريكية (3/3)
لبنى وجدي الطحلاوي

سلم عدد كبير من المثقفين والنخب في أمريكا ملفاً لجميع وسائل الإعلام يحمل توقيعهم على إدانة الحرب الأمريكية والبريطانية على العراق يوم الأربعاء 26/3/2003م كما أعلن ذلك رسمياً على الفضائيات بلسان الناشط في مجال حقوق الإنسان في أمريكا والأكاديمي في الوقت نفسه بجامعة كاليفورنيا «الدكتور أسعد أبو خليل».
يعكس ذلك حجم الإدانة التي تتعرض لها الإدارة الأمريكية من شعبها وخاصة من مثقفيها.. لأنهم أدركوا جيداً الأهداف الحقيقية لتلك الحرب وخلفيات وأبعاد تلك المخططات.
ويقول النقاد والمحللون السياسيون في أمريكا ما نشر بجريدة «الواشنطن بوست» بتاريخ 2/3/2003م بقلم القسيس «فريتس ريتسش» تحت عنوان «عن الرب والإنسان في المكتب البيضاوي» أعمق تحليل ونقد لفلسفة بوش يعكس حماسه الديني الذي يطغى على ما تتطلبه الحكمة السياسية، فلقد دلل القسيس عن ذلك مستعيناً ومذكراً الأمريكيين بالمصطلحات الدينية التي تتردد دائماً في خطاب بوش «بأن الرب إلى جانبه دوما وأن الحرية والخوف، العدل والفظاظة، ظلا دوما في صراع».
وتكراره الدائم بأن أمريكا «أمة مؤمنة وخيرة ومثالية» وأحيان يذكرها بأنها «أمريكا أمة رحيمة وسخية وإنسانية» ويعلق القسيس فريتس ريتسش، على ذلك بأن أطفال العراق، وفلسطين، وأفغانستان، هم أكثر من يشهدون بتلك الرحمة وبذلك السخاء وهذه الإنسانية الأمريكية..!! ويناشد بوش بقوله «عليك أن تلتزم بأكبر قدر من التواضع.. وبأقل قدر من التبجح» ويسترسل القسيس فريتس موجها كلامه للشعب الأمريكي ورئيسه قائلاً: إن أغلب المصلين الذين يحضرون إلى كنيستي الصغيرة لا يعتبرون الأمة الأمريكية مجموعة من القديسين وهم ليسوا مدركين لذلك الورع الأمريكي الذي يتحدث عنه «جورج بوش» ويقول القسيس، إن انتصارنا على صدام حسين ليس دليلاً كافياً على فضيلتنا أمام الناس، ولا أمام الله، ولا يبدو حتى دليلاً كافياً على انتصارنا على الإرهاب.
ويضيف إن تقديم جورج بوش تبريرات دينية لحربه على العراق لأمر «مرعب للكثيرين» ويفسر القسيس مخاوفه بأن هناك خلفية تاريخية لما يبدو حماساً دينياً متأججاً لدى الرئيس بوش فجذوره موجودة في تراث المستوطنين الأوروبيين الأوائل في القارة الأمريكية الذين كانوا متدينين لحد التعصب ويؤمنون بأن أمريكا هي صهيون الجديدة، والأرض الموعودة، والأمريكيون اليوم هم ورثة أولئك روحياً ويفسر ذلك القسيس بأن الأمريكيين الحاليين مثل أجدادهم السابقين «يؤمنون بأنهم محط عناية إلهية وقدر إلهي محتوم» واليمين المسيحي الذي ينتمي إليه بوش صاغ هذه الأفكار «الثيولوجية» صياغة سياسية عملية.. ويضيف القسيس بأن ما كان يطمح إليه أنصار اليمين المسيحي الأمريكي دوما، هو قائد على نمط شخصية «داود الإنجيلية» فيوحد طموحاتهم السياسية من خلال رؤاهم الدينية، على حد قوله، ويضيف: أن كل المؤشرات الآن تدل على إيمانهم بأنهم وجدوا هذا القائد اليوم في شخص الرئيس بوش، كما تدل على أن الرئيس نفسه يؤمن بذلك، ويعقب القسيس بقلقه ورفضه التام لذلك، مفسراً الأمر بأنه يجعل رجل الدين في خدمة رجل الدولة بكل ما يعنيه ذلك من استغلال للمسيحية لتبرير الغزو والاستعمار، وهذا الأمر يفطن له بابا الفاتيكان أيضاً ولذلك يكرر ظهوره وتصريحاته بإدانة تلك الحرب ويصفها بالعدوانية ويطالب بوقفها فوراً.
ويقول القسيس فيرتس ريتسش، إن الرئيس محاط بقادة اليمين المسيحي المتطرفين أمثال «بيلي غراهام وابنه فرانكلين، وجيري فالويل، وبات روبرتسون وغيرهم..» ممن عرف عنهم صداقتهم الحميمة للرئيس بوش ودعمهم المطلق له وجميعهم معروف بعدائه السافر للمسلمين وبهجومهم على الإسلام ومقدساته وبإيمانه الراسخ بالدولة الصهيونية.. ويقول القسيس إن الأصوليين المسيحيين واليهود المتطرفين في أمريكا يمثلون فلسفة دينية أساسها «العنف والكراهية والتكبر»، في وقت تحتاج فيه البشرية إلى التواضع والإنصاف و«اعتماد النسبية» في تقويم الأفراد والأمم، فلا يوجد بين البشر من هو شرير بشكل مطلق ولا من هو خير بشكل مطلق، ولا يوجد في البشرية «محور شر» و«محور خير» كما يريد بوش أن يقنعنا بذلك اليوم.
ويختم مقاله العميق والمطول بدعوة لرجال الدين المسيحي، بأن يبثوا رسالة «للتواضع والإنصاف، ويحذر قائلاً: إن التكبر الأمريكي في العصر النووي، ليس انحرافاً أخلاقياً فقط، بل هو يحمل بين جنبيه أيضاً بذور الكارثة».
وتعلق مجلة النيوزويك في عددها بتاريخ 10/3/2003م على ما نشره القسيس فريتس رتسش بأن شخصية الرئيس بوش شخصية مركبة من الحماس الديني والمنفعية السياسية والمالية، فهو يميني متطرف بصدق ولكنه سياسي طموح وهو أيضاً رجل نفطي، وتضيف النيوزويك أن زوجة «أندرو كارد» مدير مكتب بوش قسيسة وأن والد مستشارته للأمن القومي «كونداليزا رايس» واعظ في إحدى الكنائس بولاية «ألاباما» وأن من المعروف أن كوندليزا كانت تاجرة نفط ناجحة قبل تقلد منصبها، وكذلك نائب الرئيس «ديك تشيني»..
فلقد اجتمع الطموح النفطي مع التطرف الديني المعادي للإسلام، الذي يخدم في المقام الأول الأحلام الصهيونية فمن غير «العرب والمسلمين» تلك الأمة الواهنة المستسلمة.. لدفع ثمن ذلك..؟

فاكس: 6066701-02 /ص.ب: 4584 /جدة: 21421

 

 

[للاتصال بنا] [الإعلانات] [الاشتراكات] [الأرشيف] [الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الى admin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-janirah Corporation. All rights reserved