لا يؤثر سلوك معظم الاشخاص في طريقة تنفيذ ما هو مطلوب منهم، فقط عندما يكون لهذا السلوك تأثير سلبي هدام على اداء هؤلاء الاشخاص عندها يحتاج المدير الاداري او رب العمل الى الاخذ بعين الاعتبار كيفية التعامل مع هذا السلوك.
وعند معالجة السلوك المسبب للمشاكل او الذي يعكس وجود مشاكل يجب ان يكون المدير الاداري او رب العمل موضوعياً غير منحاز، وان يميز بين السلوك نفسه وشخصية الشخص الذي علق في ذلك النمط السلوكي، وتذكَّر ايضاً وذكِّر نفسك دائماً كمدير او كرب عمل ان المهم بالنسبة اليك يجب ان يكون السلوك ذاته، وليس شخصية الفرد.
تقييم سلوك الموظفين
بغض النظر عما اذاكان السلوك السلبي ناتجاً عن اسباب خارجية او داخلية، من المفيد تقييم كيف يؤثر ذلك السلوك في حياة هؤلاء الموظفين.
فإذا عانى احدهم من صدمة نفسية خطيرة مثل فقدان شخص عزيز، او الاهمال في العمل من قبل الرؤساء، والشعور انه يمكن الاستغناء عنه، قد يكون السلوك المعقول.
يسعون بشكل متواصل خلف ما يعزز قيمتهم محكومون بنمط معين من السلوك، وحتى لو بدا عليهم من وقت لآخر انهم خارج ذلك النمط، لكن عند حصول اول علامة سلبية في الحياة او ظروف العمل يعود الموظف الى ذلك النمط السلوكي، وغالباً ما يلقى اي اقتراح او إيحاء للموظف بأن سلوكه غير ملائم مقاومة حادة منه، وهنا وعلى خلاف التعامل مع السلوك السلبي الناجم عن أسى أو ألم أو حزن قد تكون رغبة المدير في المساعدة سلبية النتائج.
ويمكن ان تكون الرغبة قوية في مساعدة اشخاص يملكون حاجات نفسية عميقة الى حد انك كمدير تجد نفسك في محاولة لا متناهية للتعويض عن النقص العاطفي والنفسي في حياة الموظفين من خلال توفير الاسناد والعزاء المتواصلين، وكل ما يحصل في اغلب الاحوال هو ان قيمة المدير او رب العمل امام هؤلاء الذين يلعبون دور الضحية تضعف وتقل ويزيد الوضع سوءاً مع اولئك الذين يلعبون دور المنتصر على الدوام، لكن الأهم هو انه قد ينتهي بك الامر الى الشعور كما لو ان الذنب ذنبك، والمسؤولية تقع عليك، وتؤنب نفسك انه لو كان بامكانك اعطاء ذلك الموظف المزيد من المساعدة لربما تشبع حاجاته النفسية والعاطفية، ولا يعود يشعر بها.
ولمنع الغرق في وضع نفسي كهذا والذي قد يستنفد طاقاتك، بإمكانك اتباع احدى ثلاث استراتيجيات، نوردها فيما يلي للتعامل مع السلوك الذي يعكس حاجة نفسية عند الموظف، وبإمكانك اما التكيف مع الوضع، او تكليف شخص مختص لمعالجته، او تجنبه كلياً:
1- التكيف مع الوضع والتلاؤم معه:
يعني هذا تعلم كيفية التعايش مع السلوك الذي يعكس حاجة نفسية، واما إهمال التبدلات المزاجية، وسعي الموظف لجذب انتباه الآخرين، او محاولة التجاوب الايجابي السريع، وبروح مرحة لإخماد سلبية السلوك.
2- تكليف شخص مختص بمعالجة الوضع:
قد يكون هذا على شكل توجيه النصح الى الموظف بطلب نصيحة اختصاصي على شكل مشورة طبية او علاج طبي، وهذه افضل الوسائل البناءة لمواجهة هكذا وضع، لكن لسوء الحظ فإن هذه الاستراتيجية تنجح فقط إذا كان الموظف مستعداً او مقتنعاً بطلب المساعدة المختصة، ويوجه اشارة بذلك الى المدير او رب العمل او حتى يوحي لك باعترافه بوجود مشكلة.
3- تجنب الوضع كلياً:
وهذا ليس اختياراً جباناً او استراتيجية جبن، بل قد تكون طريقة جيدة لمواجهة الوضع لأنه فور رفضك للدخول في التفاصيل والغرق فيها، قد لايعود من السهل على الآخرين متابعة تمثيل الدور والسلوك السلبي الناجم عنه لأنهم يفقدون اللاعب الثاني لمتابعة «التمثيل»، وقد يكون الابتعاد كلياً عن الوضع الخاص بالسلوك الناجم عن حاجات نفسية الاستراتيجية المعقولة الوحيدة لمواجهة الوضع.
بشكل عام، لايكون السلوك السلبي او الصعب عند بعض الاشخاص مقصوداً، ولا يكونون مدركين معظم الوقت لما يفعلونه والنتائج المترتبة عليه، وهذا يعني ان سلوكهم يمكن ان يسبب للمدير او رب العمل ألماً وأذى أكثر مما يسببه للموظف نفسه صاحب السلوك، لهذا يعود اليك امر اختيار وسيلة مواجهة الوضع والتعامل معه، والتي تعتقد انها الافضل لك، وبالنسبة للشخص القادر على التحمل خاصة الذي يشعر بنوع من الالتزام الخاص تجاه الموظف قد تكون الاستراتيجية الافضل هي التكيف مع الوضع، ولكن بالنسبة لمدير اقل صبراً وتحملاً او اقل تورطاً بالمشاكل الذاتية للموظف، فإن الابتعاد عن الوضع كلياً هو الخيار الافضل حتى لو لم يكن ذلك هو الخيار الأول، لكنه حتماً الخيار الأخير.
خلاصة
ان مساعدة الموظفين على التكيف والتلاؤم مع ما قد يكون سبباً لمشاكلهم ولسلوكهم السلبي الصعب هي امر حساس يعالج بحساسية وعناية خاصة اذا لم يرغب المدير ان يتهم بمحاولة التلاعب بحياة الموظفين والتدخل فيها.
وعندما يشير سلوك الموظف الى أسى نفسي فإن تشجيعه على الكلام قد يجلب معه فهماً لأسباب ذلك السلوك، وغالباً ما يمكن الموظف نفسه من العثور على السبب الأصلي.
وعندما يشير تمثيل الادوار الى مسؤولية حاجات نفسية عميقة يحتاج المدير الى التركيز على السلوك ذاته، وليس على ما نشعر او نظن فيما يظهره الموظف، وبإمكانك اختيار التعايش مع ذلك السلوك او تبديله بمواجهة نتائجه او تجنبها كلياً، وكل هذه هي وسائل صحيحة لمواجهة الوضع والتعامل معه.
* المصدر: كتاب تفهم تصرفات الموظفين
|